كـل يــوم

التقنية الحديثة أهم من المبنى الضخم

سامي الريامي

دبي أعلنت، خلال الأيام الماضية، عن تشييد «مول دبي سكوير»، وهذا المشروع الذي ستنفذه كلٌّ من «دبي القابضة»، و«إعمار العقارية»، هو عبارة عن مركز تجاري ضخم، ومدينة مصغرة بحجم استثمارات يبلغ 10 مليارات درهم، وبكل تأكيد إن هذا الإعلان يثير دهشة البعض، ويدفعهم إلى التساؤل عن جدوى افتتاح مركز تسوق جديد بهذه الضخامة، بالقرب من «دبي مول»، الذي يعد الأكبر من نوعه في العالم؟

لكن حينما نعرف أن هذا المركز التجاري الجديد لن يكون مجرد مبنى ضخم لمركز تسوق جديد، بل لن يكون له شبيه من الناحية التكنولوجية، وسيشكل وجهة تجارية غير تقليدية، بحيث تتخطى وتتحطم فيه كل المفاهيم والأساليب التقليدية في تجارة التجزئة، فإن الجواب الحتمي عن التساؤل السابق سيكون إن دبي مدينة لا تكرر نفسها، ولا حدود أبداً لسقف نموها وطموحاتها، لذلك فإن وجود هذا «المول» الجديد ضرورة مستقبلية، تواكب التطور المستقبلي الكبير الذي سيجتاح العالم قريباً.

أجهزة الهواتف المتحركة حالياً هي أهم جهاز لدى البشر، وهي بالفعل لا يمكن الاستغناء عنها، وربما نحن العرب نعتبر من أكثر الشعوب ولعاً باقتنائها، لكننا أقل شعوب العالم إسهاماً في تطوير التطبيقات الضرورية والمهمة التي لا يمكن أن يخلو جهاز هاتف نقال منها، لكن مع الإعلان عن «دبي سكوير» تم الإعلان عن إنجاز آخر جديد، لا علاقة له بالعقار، بقدر ارتباطه بالتقنية، حيث سيتم إطلاق نظام التشغيل «دبي أو أس»، وهذا النظام سيربط بين منصات التسوق الإلكترونية والمادية من جهة، والمتعامل من جهة ثانية، فإذا كنت في متجر ما داخل المول، فما عليك سوى مسح «الباركود» الخاص بالمنتجات لمعرفة كل التفاصيل، وتستطيع شراءه، واختيار طريقة التسليم، سواء في المتجر أو خارجه، إن لم يكن لديك الوقت الكافي للانتظار، وبالتطبيق ذاته يمكنك الشراء من «دبي سكوير» أينما كنت في العالم، واختيار طريقة الاستلام التي تغطي جميع بلدان العالم.

مركز التسوق الجديد يقدم تجربة تسوق جديدة، فهو ملتقى التقنيات الحديثة والخبرة البشرية، وتتكامل فيه المرافق التجارية المبتكرة مع أحدث مفاهيم وأساليب التسوق الإلكتروني، ولعل وجوده في موقع حيوي قريب من مطار دبي أمر مقصود، لأنه سيكون وجهة تسوق رئيسة قريبة إلى ملايين المسافرين العابرين لهذا المطار المكتظ بحركة المسافرين.

ليس المهم هنا الحديث عن مركز تسوق جديد في دبي، حتى لو كان هو الأكبر من نوعه في العالم، فدبي لاتزال تحتفظ بهذا اللقب، لكن اللافت هو تفوق دبي وبقوة في المجال التقني ومجال التجارة الإلكترونية، التي لا يمكن إنكار أهميتها ودورها المستقبلي الكبير، والدخول في هذا المجال من قبل شركات وطنية هو الأهم، حتى نخفف التأثير السلبي الضار في الاقتصاد وقطاع التجزئة وبقية القطاعات الاقتصادية الأخرى من عمالقة الشركات العالمية، التي تقتحم الأسواق وتدمر الاقتصادات وتأكل الأخضر واليابس، تماماً كما تفعل «أمازون» في العالم!

ولعل التساؤل الذي قد يتبادر إلى ذهن البعض، يدور حول جدوى بناء توسعات خاصة بالماركات العالمية في «دبي مول» بمئات الملايين، وفي الوقت نفسه يؤسس رئيس مجلس إدارة «إعمار» منصة للتسوق الإلكتروني، إذ يبدو أن في الأمر نوعاً من التناقض، لكن الحقيقة غير ذلك، فالماركات العالمية لها زبائنها حول العالم، وهم لن يستغنوا عنها، ولديهم القدرة المالية على شرائها بشكل مستمر، هذه فئة ليست قليلة العدد، ولا يمكن تجاهلها أو خسارتها، لكن المستقبل لدى الجيل القادم سيكون عبر تجارة المنصات الإلكترونية، لذلك لا يجدر الانتظار حتى تسيطر الشركات العالمية على أسواقنا وتستنزف الأموال، في حين نقف نحن في موقف المتفرج!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه. 

تويتر