كل يوم

الفرق بين التكتم.. والتطوير

سامي الريامي

«انشروا شكاوى الناس، لأن الشكوى هدية غالية مقدمة لجهة لتحسين خدماتها»، هذا نصّ رسالة نصّية وردتني تعليقاً على مقال أمس، كلام من شخصية تتولى منصباً قيادياً مهماً في الحكومة الاتحادية، رسالة كنت أتمنى لو أن محتواها حاضر في ذهنية كثير من المسؤولين عن الدوائر والوزارات الحكومية، والجهات شبه الحكومية، وحتى القطاع الخاص، الذين يرتعبون من نشر أي ملاحظة أو شكوى تمسّ قطاعهم.

لا ننكر أن هناك مسؤولين في القطاعين، يتحلّون بالمسؤولية، وهناك من يضعون تطوير الخدمات هدفاً في كل خطوة يخطونها، ومن أجل ذلك، فمثل هؤلاء هم أكثر الناس اهتماماً بملاحظات المتعاملين، ويعملون جاهدين من أجل تقليل حجم الشكاوى، ويسعون بأساليب علمية وعملية، إلى الحصول على رجع الصدى لأي خدمة جديدة، ويهتمون بكل ملاحظة وشكوى، ومن أجل ذلك، نجد الكثير من المؤسسات الناجحة في الدولة، ناجحة في إدارة الخدمات، وناجحة في التواصل مع المتعاملين، وناجحة في تحقيق أعلى درجات الجودة والتميز.

وفي المقابل هناك من لايزال يعيش عصر التكتم، والمركزية، ويحاول إسكات كل صوت داخل المؤسسة أو خارجها، يسعى إلى السيطرة على الإعلام ووسائله، أو يعتقدون أن وسائل الإعلام جزء من إدارات العلاقات العامة التابعة لهم، ولا ينبغي أن تنشر إلا بياناتهم الصحافية الرتيبة والمملوءة بالإنجازات، والاستقبالات والافتتاحات وجولات التفقد، هذا هو الإعلام الذي يريدونه، ولا يريدون غيره، وهذه الشريحة من المسؤولين من ألدّ أعداء المجتمع قبل الصحافة، لأنها ربطت بين بقائها على كراسيها، وبين الأخبار الإيجابية التي ينشرونها، وتالياً فإن أي شكوى على آلية عمل في أي من الإدارات التابعة لها، يحولونها تلقائياً على أنها شكوى شخصية تستهدفهم بشكل مباشر.

معظم هؤلاء ينظر من زاوية واحدة وهي «أنا المؤسسة.. والمؤسسة أنا»!

هذه العلة ليست موجودة فقط في القطاع العام، وليست حكراً على دوائر ووزارات حكومية، على الرغم من انتشارها في الآونة الأخيرة، بل هي موجودة وبشكل أسوأ في القطاعات الخاصة، في المصارف والبنوك، في القطاع التعليمي الخاص، والمستشفيات الخاصة، وفي قطاع الخدمات والاتصالات.

لا يلتفت هؤلاء إلى الشكاوى، ولا ينظرون إليها من زاوية «هدية لتحسين الخدمات»، بل هي في نظرهم دائماً أمور مدبرة تهدف إلى النيل من سمعة المؤسسة أو الشركة، وهي مبالغة من عميل، أو من صحيفة، وفي أفضل الأحوال إذا كان لابد من الاعتراف فهي «حالة فردية» لا تمثل المؤسسة!

أسوأ ما يمكن أن نصل إليه، هو الضجر من سماع الأصوات الأخرى، والتململ من شكاوى المتعاملين والجمهور، والاعتقاد أنه لا يوجد أفضل من الموجود، وعليه فلا مجال للشكوى أو الاعتراض. صحيح هناك من يبالغ في عرض الشكوى، ولا ننكر ذلك، لكن المبالغة لا تلغي أبداً أهمية الاستماع إليها.

خلاصة القول، إن هناك نماذج قيادية نفخر بتعاونها، ونفخر بمواقفها تجاه أي صغيرة وكبيرة تنشر، نماذج تقدر أهمية الإعلام حتى لو كان المنشور غير دقيق، نماذج اتخذت إجراءات ميدانية فورية، تجاه التصحيح والتطوير، ونماذج تتحقق بشكل سريع من كل شكوى، لهؤلاء كل تقدير واحترام، ولمثل هؤلاء خُصصت زاوية مثل «سكيك».

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر