كل يوم

السيارات مشكلة المستقبل

سامي الريامي

هناك 400 رخصة قيادة تصدر يومياً من هيئة الطرق والمواصلات، معنى ذلك أن هناك 120 ألف رخصة جديدة في كل عام، وإذا بدأنا الحسبة من العام الجاري فمعنى ذلك أننا سنصل إلى مليون و440 ألف رخصة قيادة جديدة مع انتهاء العقد الحالي في عام 2020!

بالتأكيد الأرقام كبيرة، وهي ليست أرقاماً مجردة لا تعني شيئاً، بل هي مسألة معقدة وصعبة، فهذه الرخص تعني بالضرورة سيارات وشاحنات إضافية ستدخل الخدمة على يد هؤلاء الحاصلين على الرخص الجديدة، فهل لنا أن نتخيل الحال التي ستكون عليها طرق دبي بعد دخول مليون ونصف المليون سيارة بعد 10 سنوات؟ هذا على افتراض أن لكل سائق سيارة واحدة فقط، أما الواقع المستقبلي فلا أحد يستطيع التنجيم به، فالسيارات متوافرة لكل من يريد، وبالكمّ الذي يريد، وبأسهل الطرق والوسائل، وإجراءات الحصول على سيارة في الإمارات تستغرق الوقت نفسه الذي يستغرقه أي شخص يطلب صحن «مشاوي مشكلة» من مطعم لبناني!

الأرقام كبيرة جداً، وهي ليست أرقاماً مجردة لا تحمل دلالات، بل هي ترجمة حقيقية للوضع المروري المستقبلي، ولاشك في أن المسألة ستزداد تعقيداً وصعوبة بعد حساب أعداد السيارات القادمة من الإمارات الأخرى، بل والدول الأخرى، فهل ستستوعب شوارعنا الحالية هذا الكم الكبير من الحركة المرورية ومن السيارات بعد سنوات عدة؟!

مشكلة تزايد أعداد السيارات تؤرق العالم أجمع، فهي واحدة من أخطر المشكلات التي تواجه البشرية خلال العقود القائمة، وذلك وفقاً لعلماء البيئة، الذين يرون في السيارات خطراً بيئياً يهدد كوكب الأرض، ومن أجل ذلك تحرص الدول المتقدمة على ضبط الأعداد وتعمل على تعقيد مسألة الحصول على السيارات من خلال وسائل مختلفة، منها ما يتعلق بتطوير البدائل، خصوصاً وسائل النقل الجماعي والتشجيع عليه، ومنها ما يتعلق بالتشدد في التشريعات والقوانين خصوصاً تلك التي تتيح الملكية المطلقة للسيارات.

ونحن كذلك يجب أن نستشعر خطر السيارات، وتزايدها بشكل لا يتناسب أبداً مع حجم الدولة وعدد سكانها، فهي بالفعل ستكون معضلة العقود المقبلة، إن لم نعمل من الآن على الحد منها، ونبدأ بسن التشريعات المناسبة التي تضمن استمرار حياة الناس بسهولة، لكن بشيء من الاطمئنان على بيئتنا وطرقنا، وعلى انسيابية المرور، وتوفير المبالغ الخيالية لعمليات التوسعة وإنشاء الطرق والجسور والأنفاق الجديدة التي تؤدي إلى تآكل الميزانيات وتستنزف الأموال.

المسألة ليست شأناً محلياً، ولا تُعنى بها هيئة الطرق في دبي وحدها، المسألة اتحادية وهي تحتاج إلى عمل وتعاون وتنسيق بين كل الجهات ذات الصلة للوصول إلى وسائل جديدة لنشر ثقافة بدائل السيارات والتشجيع عليها، من جهة، أو على أقل تقدير تشجيع استخدام السيارات الصديقة للبيئة التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة.

أما استمرار الوضع على ما هو عليه، فإن ذلك يعني كارثة مستقبلية بيئية وغير بيئية، فالأرقام مخيفة، وعدد الرخص الجديدة يبث الرعب في القلوب، ولا شك في أن أعداد السيارات الحالية المنتشرة تثير القلق، فكيف الحال بعد 10 سنوات من الآن!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر