من المجالس

الخريجون والأنماط المحيطة

عادل محمد الراشد

لم يكن مقال الأمس بمثابة لائحة اتهام لشريحة الشباب، التي أشعر بانحياز فطري تجاهها، ولكنها كانت محاولة لتشخيص الحال التي كرست ثقافة الاستهلاك، وجعلت مفاهيمها هي المهيمنة على طريقة تفكير الكثير من الشباب المقبلين على الحياة العملية، فإلقاء اللوم على الشباب وحدهم من دون النظر إلى الأسباب، فيه الكثير من التجني، والكثير من البعد عن أصل المشكلة، ومناقشة عزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص، وتفضيلهم الوظيفة الحكومية، قائمة على قناعات بعضها مغلوط في أذهانهم، وبعضها منطقي في ظل اختلال واضح في الرواتب والمميزات وضمانات التقاعد. وإصلاح المفاهيم مهمة لا تنجز بالمواعظ وقصائد النصح وحدها، وإنما من خلال برنامج وطني يضع الحاجات في صف المسؤوليات ويقف بجدية أمام تداعيات الثقافة الاستهلاكية، التي تبدو كل الأمور تصبّ في مصلحتها على حساب ثقافة بناء المستقبل، وكسب مهارات التخطيط له، واختيار الصعب بدلاً من إيثار الراحة في بداية الحياة العملية. معاهد التكنولوجية التطبيقية تمثل إحدى المبادرات المهمة، التي تكرس ثقافة مختلفة للعمل، ابتداءً من «اليونيفورم»، الذي يرتديه الطلاب، وصولاً إلى العمل اليدوي المبني على التعاطي مع التقنية الحديثة، ومثل هذه المبادرات يجب أن تتكرر في إطار خطة شاملة، تضع الآباء والأمهات في صلب المسؤولية، وتطور دور المدرسة من آلة حاسبة للدرجات إلى معمل لاكتشاف وتطوير المهارات، وبناء الشخصيات.

«عيال» اليوم أذكياء، عقولهم متحفزة، وأسئلتهم كثيرة، ورغباتهم جامحة، ولكنهم مأخوذون بتيار، سحب معه الكبار قبل الصغار، فأنساهم أنفسهم قبل عيالهم. تيار استهلاكي اختزل قيمة الإنسان، ووزنه الاجتماعي في سيارة وحفلة عرس في فندق ذي سبع نجوم.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر