رؤية

ما جدوى تفرّع المصارف الوطنية؟

نجيب الشامسي

في ظل التنافسية غير المتكافئة بين المصارف التجارية الوطنية والمصارف الأجنبية، وفي ضوء محدودية وتقليدية العمليات المصرفية التي تنفذها مصارفنا الوطنية، وفي ظل العبء المالي والإداري والرقابي لتفرع المصارف الوطنية، فإن هذه المصارف مصّرة على التوسع ليس في عملياتها وأنواع خدماتها، وإنما في فروعها ليبلغ عددها في نهاية نوفمبر الماضي، 727 فرعاً، فهل هناك قدرة استيعابية لاقتصادنا لهذا الكم الهائل من المصارف الوطنية، فضلاً عن وجود 28 مصرفاً أجنبياً لها 80 فرعاً موزعة في مختلف أنحاء الدولة؟ ما الجدوى الاقتصادية من هذا الكم في ظل رغبة المصارف في تقليص النفقات وترشيدها وزيادة الأرباح وتنميتها؟ لماذا هذا الكم الهائل من المصارف التجارية (الوطنية منها والأجنبية) في ظل محدودية عدد السكان الذي لا يزيد على ثمانية ملايين نسمة، غالبيتهم عمالة أجنبية ذات دخول متواضعة لا تعرف إلى المصارف طريقاً، وتحول رواتبها الشهرية أولاً بأول عبر محال الصرافة المنتشرة في كل شارع ومدينة ويصل عددها إلى نحو 105 مؤسسات وشركات لها 352 فرعاً في أنحاء الدولة.

هل يدرك المسؤولون في مصارفنا الوطنية أنه لا جدوى من هذا الكم من المصارف والفروع في ظل ضعف قاعدتها الرأسمالية وطاقاتها البشرية وخبرتها الفنية وضعف قدرتها التنافسية للمصارف الأجنبية مع تقليدية عملياتها المصرفية التي لا تزيد على عمليات الحساب الجاري وتقديم القروض والبحث عن ودائع؟!

إن من مسؤولية المصرف المركزي، وبالتعاون مع الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، وضع رؤية علمية في إطار الإصلاح المصرفي، ودراسة عملية لواقع هذه المصارف ومدى أهميتها الاقتصادية وجدوى فروعها الكثيرة، ومستوى ونوعية الخدمات المصرفية التي تقدمها، ثم دراسة مدى قدرتها التنافسية للمصارف الأجنبية، سواء الموجودة حالياً أو التي ستوجد بحكم متطلبات السوق الخليجية المشتركة، في ظل رغبة الدولة في تحقيق اندماج أكبر لاقتصادها الوطني، الذي يشكل القطاع المصرفي جزءاً مهماً فيه.

لقد تأكد لنا في ظل محدودية عمليات مصارفنا، وتوسع الشبكة الإلكترونية للمصارف، أن العملاء لا يترددون على فروع هذه المصارف إلا عند الضرورة، مثل تقديم طلب قرض أو تجديد وديعة أو الحصول على دفتر شيكات أو بطاقة للصراف الآلي، وجزء من هذه العمليات توفره المصارف عبر الإنترنت، ومن هنا فإن تقليص مصارفنا فروعها سيترتب عليه تقليص نفقاتها، لاسيما في ظل تقليص عدد الموظفين والنفقات الإدارية والرأسمالية وغيرها.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر