آراء

هوس الـ«سوشيال ميديا» والجهل بالقانون!

لا يدرك كثيرون عواقب الهوس بالـ«سوشيال ميديا»، والاندفاع غير المحسوب للحصول على أكبر عدد من المشاهدات والتعليقات أو علامات الإعجاب (اللايكات) إلا بعد وقوعهم تحت طائلة القانون، نتيجة تصرفهم بشكل غير لائق، وانتهاكهم الآداب العامة وتقاليد المجتمع.

إن واقعة القبض أخيراً على رجل وامرأة، بناءً على قرار النيابة العامة الاتحادية، بعد نشرهما مقطع فيديو على إحدى شبكات التواصل الاجتماعي، يتضمن أفعالاً وأقوالاً تمس الآداب العامة، تعكس مدى تغلغل هذا الهوس في نفوس البعض، لدرجة تلغي عقولهم وإدراكهم لتبعات تصرفهم، فلو توقف أيهما دقيقة واحدة قبل نشر الفيديو، لتأكد أنه لن يمر مرور الكرام!

هذه الواقعة متكررة في دول عدة، واتخذت إجراءات مماثلة بحق أشخاص دفعهم هوس الـ«سوشيال ميديا» إلى ارتكاب سلوكيات، مثل مجموعة من الشباب ارتدوا ملابس نسائية لتسجيل فيديو ونشره على شبكات التواصل الاجتماعي، وقبلها زوجان في دولة عربية روعا طفليهما للحصول على أكبر نسبة من المشاهدة، وغير هؤلاء كثيرون من راغبي الشهرة أو الثراء السريع، الذين تحولوا، بكل أسف، إلى نموذج يحتذى لدى غيرهم، بمن فيهم الأطفال!

ويرى أساتذة وخبراء علم نفس واجتماع أن هؤلاء الأشخاص يتصرفون كما لو كانوا مسلوبي الإرادة أمام متابعيهم على تلك الشبكات، ولديهم استعداد لفعل أي شيء مقابل زيادة عدد المتابعين، لكن هذا لا يعفيهم من المساءلة القانونية، بل من الضروري التشدد حيالهم لردع غيرهم.

ويجب أن يدرك الجميع أن الصور ومقاطع الفيديو يمكن أن تظهر للعلن بضغطة زر، وبمجرد خروجها من ذاكرة الهاتف، ونشرها على شبكات التواصل، فإنها تفقد خصوصيتها، وتتاح للتبادل والمشاركة والتعليقات والتفاعل، وربما تتحول إلى سبب لجرائم محتملة.

وقانوناً، فإن كل المواد المستخرجة من مواقع التواصل الاجتماعي، سواء تسجيلات أو صوراً أو فيديوهات، تعد دليلاً مادياً له حجية ملزمة للقضاء، بعد التأكد من أصالة المحتوى بالطرق الفنية من قبل جهات الاختصاص، وإثبات هوية صاحبها (الجاني).

وتنص المادة (17) من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2012 وتعديلاته، بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على أنه يعاقب كل من بث أو أرسل أو نشر أو أعاد النشر عن طريق الشبكة المعلوماتية، كل ما من شأنه المساس بالآداب العامة، بالحبس والغرامة التي لا تقل 250 ألف درهم، ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وختاماً، من الضروري الوعي بقوانين الدولة التي تكفل حماية الآداب العامة والعادات والتقاليد المجتمعية، وتفرض عقوبات رادعة على كل من تسول له نفسه المساس بهذه القيم، وإدراك تبعات الهوس بالـ«سوشيال ميديا»، وعواقب الانسياق وراء التقليد الأعمى للآخرين!

مستشار قانوني أول

تويتر