راوية عبدالله ترصد الواقع بعدسة السينما


«أؤمن بأن المخرج الحقيقي يجب أن يُعرِّف عن ذاته في قاعات العرض عبر عمله، الذي يتحدث بصدق عن مدى تمكنه من أدواته الفنية، لكن أحد شروط المشاركة في مهرجان الخليج السينمائي الأول الذي سيطلقه مهرجان دبي السينمائي الشهر المقبل، هو وجود أرشيف صحافي للمخرج»، هذا ما قالته المخرجة الإماراتية الشابة راوية عبدالله في مستهل حوارها مع «الإمارات اليوم»، قبل أن يتشعب الحديث مع طالبة جامعة الإمارات بقسم الاتصال الجماهيري إلى تفاصيل كثيرة، حول فيلمها الروائي الأول «قبل أن أكبر»، الذي اعتبرته أول الخطوات نحو تحقق أحلامها الصغيرة.


مهرجان الخليج
ومع إقامة راوية الدائمة في أبوظبي، كان منطقياً التساؤل حول أسباب تفضيلها المشاركة في مهرجان الخليج السينمائي في دبي، الذي مازال يبحث عن هوية دورته الأولى، على مسابقة «أفلام من الإمارات» التي أقيمت أخيراً في أبوظبي، والذي يستقطب الكثير من المخرجين الشباب بشكل عام، وهو الأمر الذي ردته راوية إلى توقيت إنجاز الفيلم الذي كان لايزال حتى فترة زمنية قصيرة في مرحلة المونتاج.


لكن الإشكالية عند راوية تتعدى افضلية الاختيار بين مهرجان هنا ومسابقة هناك، وفرص التواجد في أي منهما، بل إن هواجس المخرجة الشابة، الحقيقية بدأت تؤرقها منذ أن همس البعض في أذنيها بحساسية القضية المعالجة، التي تتطرق إلى الآثار الاجتماعية والنفسية التي يعانيها الأبناء المشتتين بين أبوين يتبعان لديانتين مختلفتين، ومن ثم وفق كثير من المفاهيم السائدة متصارعتين، وهو ما دفعها إلى استطلاع آراء عدد كبير من المهتمين بشؤون السينما المحلية الذين أثنوا على واقعية الفكرة، حسب راوية. مؤكدين لها أن لا مشكلات متوقعة من معالجة هذه القضية سينمائياً ، وهو ما دفعها إلى الثبات على معالجة تلك القضية.


سحر الدراما
وحول فكرة الفيلم تقول مخرجة «قبل أن أكبر» ان العمل يغوص درامياً في الدقائق النفسية والمجتمعية لطفل لا يتعدى عمره الثمانية أعوام، ف «عبد الله» الذي هو ثمرة زواج الأب المسلم من امرأة عربية لكنها مسيحية متمسكة بديانتها، وفيما يحمل عبدالله بالتبعية ديانة والده المسلم، فإنه في واقعه المعيشي يتشبع بالقيم الدينية التي تحملها الأم، ما يجعله باستمرار مثالا واضحا للشخصية المشوشة سواء عقائدياً أو حتى سلوكياً».  وردت راوية سبب اختيارها لهذه القضية بالتحديد لتكون فاتحة أفلامها إلى انتشار هذه الظاهرة في مجتمع الإمارات بشكل ينذر بتفجر الكثير من الكوارث الاجتماعية التي يعيش مرارتها الأبناء أكثر من أي طرف آخر فيها، دون أن يكون هناك آثار ملموسة لأي حملات توعية تتم في هذا الجانب، متوقعة أن يكون تأثير سحر الدراما أكثر عمقاً من وسائل توجيه التعليمات والنصح التقريري المباشر.


طموح
ورغم أن القصة والسيناريو للكاتب الشاب يوسف إبراهيم، إلا أن الفكرة ذاتها تعود للمخرجة، التي حرصت على أن يكون جميع الممثلين في الفيلم لا يمتهنون حرفة التمثيل، مشيرة إلى أن معظمهم يقومون بالتمثيل لأول مرة، خصوصا البطلين الأساسيين في العمل، «الابن عبد الله» الذي يجسد دوره الطفل منصور الكعبي، و«الأب» الذي يقوم بدوره مصطفى الكعبي.


ورغم حداثة تجربتها في مجال الإخراج السينمائي التي لم يسبقها سوى تصوير مادة إعلانية لم تتجاوز مساحتها الزمنية دقيقتين، الا أن راوية تراهن على  طرح فكرة جديدة في مجال الأفلام الروائية التي تعود لمخرجين شباب في الدولة، من خلال «قبل أن أكبر» الذي تطمح أن يكون بالفعل  أول أحلامها الصغيرة في مجال الإخراج السينمائي من بوابة مهرجان الخليج الأول.

 

الممثلة.. حالة حية 
فوجئت مخرجة «قبل أن أكبر» الإماراتية راوية عبدالله أثناء تصويرها للفيلم الذي يرصد مشكلات طفل مسلم  يتأثر بالقيم الدينية التي تحملها أمه المسيحية، بأن الشخصية التي جسدت دور خالة الطفل في الفيلم تعاني في الواقع من المشكلة  نفسها. وقالت راوية إنها علمت بأن هذه الشخصية تعاني بالفعل من تشتت -يلاحظه كل من يتعاملون معها- بين ديانة الأب المسلم وديانة الأم المسيحية.

تويتر