نبيل البوسعيدي.. أول عربي يمشي إلى القطـب الشــمـالي

خضع البوسعيدي لدورات تدريب على التكنولوجيا قبل البدء بالمغامرة. من المصدر

جذبت المغامرات العماني نبيل البوسعيدي، فترك مهنته في شركات الطيران، ليتفرغ لخوض تجارب المغامرات، ونجح في أن يكون أول عربي يمشي إلى القطب الشمالي. اكتشف حبه للمغامرات، وعمل على تدريب نفسه لينجح في مغامرته الأولى، ويتمكن من الاستمرار، لذا، خضع لدورات تدريبية كثيرة، قبل البدء بالمغامرة. واختار القطب الشمالي مكاناً لتجربته الأولى، لأنه مكان مازال غير مألوف لدى المغامرين، ولأن عدد المغامرين الذين قصدوا «إيفريست» و«كلمنغارو» زاد كثيراً في الآونة الأخيرة.

زار نبيل البوسعيدي دبي، أخيراً، وقال لـ«الإمارات اليوم»، «هناك أشياء تجذبني في الحياة، وبالتالي، ليس فقط حب المغامرة الذي دفعني إلى خوض التجربة، بل أيضاً دعم القضايا الإنسانية التي أعتقد أنه يجب فعلياً أن نتفرغ لها، ونكرس وقتاً من حياتنا لأجلها». وأضاف «غالباً ما تكون المغامرات مدعومة من شركات لخدمة قضايا إنسانية ومجتمعية، وبالتالي، يهمني جدا أن أقدم رسالة للمجتمع».

واعتبر البوسعيدي أن العائلة لا تشكل عبئاً على المغامر، وهو غير متزوج ولا يرى أن الأسرة قد تعيق رحلاته أو تمنعه من المتابعة». وقد استغرقت رحلته الأولى للقطب الشمالي تحضيرا كثيرا، وسافر إلى انجلترا وخضع لتمرينات، ودورات تدريبية حول كيفية استخدام الأجهزة الالكترونية التي ستكون موجودة معه في الرحلة، ومنها دليل المواقع، ليتقن التعامل معها. وانتقل إلى كندا، حيث بدأ في إبريل الماضي المشي إلى القطب الشمالي. واستغرقت الرحلة بمجملها 24 يوماً كما أوضح، فيما كانت ساعات المشي اليومية تتراوح بين 10 و12 ساعة.

نشوة الوصول

لم يشعر البوسعيدي بنشوة الوصول إلى القطب الشمالي، بسبب التعب المضني، وقال «مشيت وزملائي في الفريق في اليوم الأخير 24 ساعة متواصلة، وبالتالي، كان الوصول إلى القطب الشمالي يعني بالنسبة لنا وجوب الاستراحة من المشي، وفي الواقع، هذا منعنا من الاحتفال بوصولنا». ووصف المكان بأنه عادي وغير مبهر، وقال «عندما يمشي المرء في طريق ثلجي طويل، يكون هدفه أن يتعرف إلى النقطة النهائية والمكان الذي يقصده، وأن يرى اختلافاً، وبالتالي، شعرنا بأن المشهد عادي، فالمشاهد الموجودة في المكان تختلف عن التي رأيناها في أثناء سيرنا، وكنا نتوقع أن نرى أشياء مختلفة إلى حد ما».

وواجه البوسعيدي مشكلات في آخر أيام الرحلة، مشيراً إلى أن الطعام بدأ ينفد في الأيام الخمسة الأخيرة، وقال «بالتالي، شعرنا بأنه علينا التقليص من الوجبات التي نتناولها، وأحياناً كنا نأكل نصف الوجبة اليومية، لكي يبقى لدينا ما يقوينا على السير، وكذلك البقاء على قيد الحياة». وذكر أن نوعية المأكولات التي كانوا يأكلونها غنية بالسعرات الحرارية، فكانوا يعتمدون على الأكلات الدسمة المجففة، والتي تحتاج فقط إلى أن توضع في الماء المغلي. وقال البوسعيدي «كنا نعتمد على المأكولات المجففة في الصباح والمساء، وفي النهار كنا نعتمد على الشوكولاتة والمكسرات فقط، لأنها غنية بالسعرات الحرارية، حيث نحتاج إلى نحو 8000 سعر حراري خلال النهار، في حين أن الرجل في حياته اليومية يحتاج إلى 2000 سعر حراري.

ولفت إلى أنه «على الرغم من الإكثار من السعرات الحرارية، فإنه خسر 10 كيلوغرامات من وزنه خلال الرحلة بسبب التعب والبرد». وكان التحدي الأساسي الذي واجهه البوسعيدي التغير في الطقس، حيث أكد أن «الانتقال من عمان حيث درجة حرارتها مرتفعة، وتصل إلى 50 درجة مئوية، إلى مكان درجة حرارته 50 تحت الصفر، يعني أن هناك فارقاً في الحرارة يقارب 100 درجة، وهذا أثر كثيرا في جسمي، فالمرء حين يسافر من بلد إلى آخر يمرض بحكم تبدل الحرارة لدرجات محدودة». وأضاف البوسعيدي «الأمراض لا تشمل فقط الناتجة عن البرودة، بل أصبت بالجروح والتقرحات في الجلد، وكذلك اقتلاع الأظفار من مكانها، بسبب شدة البرودة، علماً أني عدت من الرحلة في نهاية إبريل الماضي، ومازلت أشعر بالصقيع في قدمي حتى اليوم».

رحلات جديدة

ويحضر البوسعيدي حاليا لرحلات جديدة إلى كلمنغارو وقمة إيفريست، موضحاً أن اختياره القطب الشمالي لينطلق منه إلى مغامرته الثانية كان بسبب الأعداد الكبيرة من المغامرين الذين وصلوا إلى إيفريست، فعددهم يقارب .3000 أما القطب الشمالي فلم يصل إليه سوى 230 شخصاً، وكان أول عربي وصل إلى هناك.

ورفض البوسعيدي المقارنة بين هذه التجارب وتحديد مدى صعوبة كل واحدة، معتبرا الأمر يشبه القول أيهما أكثر تحدياً أو صعوبة السباحة أم كرة القدم، فلكل تجربة مزاياهها ومشكلاتها وصعوباتها، بسبب الطبيعة الجغرافية التي تحكم المكان. أما الحياة الاجتماعية مع الفريق المغامر، فهي، كما أكد، تكون أحيانا قاسية جداً في أثناء المغامرة، «لأننا لا نشعر بالصداقة ولا وقت للمتعة، بسبب التعب الذي نواجهه في الرحلة».

ولا يتطلب خوض مثل هذه المغامرات، برأي البوسعيدي، أي مزايا خاصة بشخصية المرء، بل فقط يعتمد على إرادة المرء وحبه لهذه المغامرة. ويعتبر أن أبرز الأخطاء التي يمكن أن تعيق المرء وتسبب له المشكلات في أثناء الرحلة، وهي من الأخطاء التي وقع بها، اختيار أعضاء الفريق، وقال «حيث كان يرافقني شخصان، اخترت الأول بدقة، فيما الآخر لم أختره بعناية، وبالتالي، هذا أثر في عمل الفريق».

قضايا اجتماعية

ولفت البوسعيدي الذي زار دبي أخيرا ليوقع على «ميثاق الصحة» الذي هو جزء من حملة «حارب البدانة» إلى أن «دعم القضايا الصحية أو الإنسانية مهم جدا بالنسبة له، لاسيما أن الناس تحتاج إلى مثل تقتدي به». وأكد أنه «على الشخصيات الرياضية أو المعروفة أو حتى التي أنجزت أي شيء للمجتمع أن تدعم مختلف القضايا الاجتماعية والصحية، لكي تكون تجربتهم أو أسلوب حياتهم مثالاً يتاح للناس للتعلم منه».

تويتر