اكتظاظ الأحياء الفقيرة يجعل «التباعد الاجتماعي» مستحيلاً

مدن الصفيح في أميركا اللاتينية عاجزة عن مواجهة «كورونا»

في هذه الأحياء يعجز ملايين السكان عن الامتثال للتدابير الوقائية فيما يواجهون خطر الموت جوعاً. أرشيفية

يضرب وباء «كوفيد-19» الأحياء الفقيرة في أميركا اللاتينية، حيث يعجز ملايين من السكان عن الامتثال للتدابير الوقائية، فيما هم يواجهون خطر الموت جوعاً.

وقالت مديرة منظمة الصحة الأميركية، كاريسا إتيان: «يزداد قلقنا حيال الفقراء والمجموعات الضعيفة الأكثر عرضة للمرض والموت بسبب فيروس كورونا المستجد». ومع ارتفاع عدد الإصابات بشكل كبير جداً في دول مثل البرازيل والبيرو وتشيلي، وتوقع أن تكون الأرقام أكبر بكثير من تلك المعلنة، أصبح الوضع خطراً جداً. في الأرجنتين، دقت السلطات ناقوس الخطر بعد الكشف عن 84 إصابة مثبتة ونحو 100 مشتبه فيها في أسول، وهي مدينة صفيح في محيط بوينس آيرس. وقد وضع سكان مدينة الصفيح هذه، البالغ عددهم نحو 3000 في العزل التام، مع حظر الخروج من الحي الفقير الذي فرضت الشرطة طوقاً حوله. والهدف من ذلك تجنب أن ينتقل الفيروس إلى مدينة صفيح مجاورة يتكدس فيها 16 ألف شخص.

لكن في هذه المنطقة تشكل الوظائف غير الرسمية نسبة 54%، ويتوقع أن ترتفع هذه النسبة في الأشهر المقبلة بسبب الأزمة الاقتصادية، لذا يصعب على أفقر الفقراء الاختيار «بين الموت جوعاً أو الموت جراء الفيروس». وتقول داليا مايمون من جامعة ريو دي جانيرو الفدرالية إن المنطق السائد هو التالي «أنا على ثقة بأنني سأموت من الجوع، لذا أجازف مع محاولة الاتقاء من الإصابة وأخرج للعمل».

كيف نشتري الطعام

من الصعوبات الأخرى اكتظاظ هذه الأحياء الفقيرة، الأمر الذي لا يسهل احترام إجراءات التباعد الاجتماعي. ويمضي السكان جزءاً كبيراً من النهار في الخارج بسبب المساكن الضيقة التي تقيم فيها أجيال عدة. أما العمل عن بعد فهو مستحيل لغالبية هؤلاء الناس العاملين في الخدمات أو القطاع غير الرسمي. ويستمر معدل البطالة بالارتفاع بسبب شلل لاقتصاد. ويوضح أوسكار غونزاليس، وهو تشيلي في الثالثة والأربعين: «نحن عمال بناء وبائعون ونخرج يومياً. ومع العزل أغلق كل شيء ولم يعد لغالبيتنا أي عمل». ويقيم غونزاليس في حي بريساس دل سول، وهو من الأكثر اكتظاظاً في سانتياغو، وقد شهد تظاهرات وأعمال شغب عدة للمطالبة بالحصول على لقمة العيش ومساعدة من الدولة. ويقول بغضب: «لا نحصل حتى على مساعدة صغيرة من الدولة. يعتقدون أنه بإمكاننا أن نعيش من دون مال، لكن كيف نشتري الطعام؟».

وفي دول أخرى، تستغل منظمات إجرامية هذا الفراغ الرسمي لتوسيع نطاق نفوذها. ويؤكد الخبير في الأمن دوغلاس فرح الذي شارك في منتدى حول هذا الموضوع قبل فترة قصيرة في واشنطن «هذا هو الميل الأخطر».

ففي المكسيك، توزع كارتلات المخدرات المواد الغذائية والأدوية، وفي هندوراس تنظم العصابات حملات تعقيم في المناطق التي تسيطر عليها.

تهديد صامت

وأمام تخاذل الدول ترص الكنائس والجمعيات الصفوف أيضاً من خلال حملات توعية وتعقيم وبنوك الأغذية.

في حي «6 دي مايو» بضاحية سانتياغو، يعرف السكان أماكن إقامة المرضى فينظمون صفوفهم لتقديم الطعام إليهم. وتقول غلوريا ريسس، وهي خياطة في الثانية والخمسين: «لن يساعدنا أحد إن لم نساعد بعضنا بعضاً».

ويؤكد جيلسون رودريغيس المسؤول في حي مارايسوبوليس ثاني أكبر مدن الصفيح في ساو باولو (100 ألف نسمة): «يجب أن يكون لدينا السياسات العامة الخاصة بنا، ووضع البدائل مع غياب الحكومة»، موضحاً أن الحي الفقير «يستعد لأسوأ السيناريوهات». ومن المعضلات الأخرى، الحصول على المياه. وتفيد الأمم المتحدة أن 89 مليون شخص في المنطقة لا تتوافر لديهم خدمات النظافة الأساسية أو حتى الماء لغسل اليدين الروتيني الذي هو من أسس الوقاية من انتشار «كوفيد-19».

وفي البيرو التي تضربها الجائحة بقوة يعاني نحو ثلث سكان ليما، البالغ عددهم 10 ملايين، مشكلات كبيرة للحصول على المياه، لاسيما في الضواحي.


«يصعب على الفقراء الاختيار بين الموت جوعاً أو الموت بالفيروس».

89 مليون شخص في المنطقة لا ماء لديهم حتى لغسل اليدين.

تويتر