تنظّمه «دبي للثقافة» تحت شعار «عبقرية الحِرف التقليدية الإماراتية»

«دبي وتراثنا الحي».. كنوز إماراتية في القرية العالمية

صورة

يعيش زوّار القرية العالمية أجواء ممتعة مع فنون التراث الإماراتي، من خلال مهرجان «دبي وتراثنا الحي»، الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) في القرية، تحت شعار «عبقرية الحرف التقليدية الإماراتية».

ويفتح المهرجان، المستمر حتى 16 أبريل المقبل، أمام مرتادي القرية العالمية نافذة على تاريخ الأجداد وعاداتهم وتقاليدهم، ليتعرفوا إلى مكنوناته، ويشاركوا في معايشة الحياة الاجتماعية والمهنية القديمة لدولة الإمارات، فيستلهموا العبر من حياة الأولين، وتترسخ لديهم مشاعر الفخر بالهوية الوطنية الأصيلة والتراث الإماراتي الغني.

وتحرص «دبي للثقافة» على إيصال رسالة التراث الملهمة عبر ورش عمل تثقيفية، تركز على الحرف والمهن التقليدية، ما يسهم في حفظ وتعزيز الصناعات التقليدية الإماراتية ومنظومة القيم التي تقدمها للأجيال.

ومن بين تلك الورش ورشة «المطوعة»، وهي المرأة التي اعتادت في ما مضى استقبال الأطفال في بيتها، لتعلمهم قراءة القرآن الكريم، وذلك بتخصيص غرفة في موسم الشتاء لتعليمهم فيها، أمّا في الفترة الصيفية فكانوا ينتقلون لفناء المنزل (الحوي) تحت المظلة لتلقي الدروس، وفي نهاية كل أسبوع كان يقدم كل طالب شيئاً من المؤونة أو المال للمطوعة مقابل الدروس، والتي كان يطلق عليها لقب «الخميسية»، وأولئك الذين يختمون القرآن، فقد كانوا يحظون باحتفال يُسمى التومينة، عبارة عن دعوات شكر لله بما منّ عليهم من هداية وحفظ للقرآن.

الخوص.. «السعفيات»

وفي ركن من أركان القرية العالمية تعرض «دبي للثقافة» مشغولات من «السعفيات»، أبدعتها أيادي الحرفيات الإماراتيات، وصبغتها بألوان زاهية وجميلة من الأصباغ الطبيعية، وتفنن كذلك في نقش الخوص وطرق تجديله «سف الخوص». وتجتذب هذه المنصة الزوّار الذين يقبلون عليها للتعرف إلى هذه الحرفة اليدوية الأصيلة في مجتمع الإمارات، وتستحضر هذه الورشة ذكريات السعفيات التي امتهنها الرجال والنساء قديماً كحرفة يدوية لإنتاج الكثير من مستلزمات المنزل وأثاثه، وكذلك أدوات الزراعة وتخزين ونقل التمور.

مطرزات «التلي»

وتتواصل عروض ورش العمل لتأخذنا تالياً إلى حرفة «التلي»، حيث تعتبر صناعة التلي من الحرف النسائية المنتشرة في دولة الإمارات، وتستخدم في تزيين الملابس النسائية.

و«التلي» هو عبارة عن شريط من الخيوط الحريرية الملونة المتداخلة بعضها بعضاً، وتتوسطها الخوصة، وهي شريط فضي يستخدم للثوب والكندورة.

وتستخدم «الكجوجة» في عمل «التلي»، وهي الأداة الرئيسة للتطريز، وتتكون من قاعدة معدنية على شكل قمعين ملتصقين من الرأس، وفيها حلقتان على إحدى القواعد لتثبيت وسادة دائرية تلف عليها خيوط الذهب والفضة للقيام بعملية التطريز.

القهوة الإماراتية

وفي ركن آخر من القرية، يعرض صناع القهوة العربية طريقة عملها، والأدوات المستخدمة فيها، وأدبيات تقديمها وشربها، وتُعد القهوة العربية من الأدبيات التي لا تتجزأ من الثقافة التراثية لمجتمع دولة الإمارات، التي امتزجت بقيم كرم الضيافة العربية الأصيلة التي يتميز بها سكان الجزيرة العربية عموماً.

وتحظى العادات الخاصة في تقديم القهوة العربية والتمر للضيوف بأهمية خاصة، كونها أولى لفتات الضيافة وأكثرها رمزية، مصورة كرم العربي تجاه الزوّار الذين لا يتشاركون الطعام والشراب فحسب، بل يتبادلون كذلك الأخبار والقصص والقصائد.

وتتاح لزائر القرية العالمية فرصة ثمينة لاستكشاف التقاليد والثقافة الإماراتية بخصوصيتها المميزة، ومعايشة حضارة مجتمع تفاعل مع محيطه بابتكار ومهارة لتوفير المتطلبات الحياتية اليومية، من خلال عرض متكامل للغرفة التقليدية الإماراتية أو «المجلس».

المجلس

ففي المجلس، يلقى الزائر نظرة على عنصر أساسي من عناصر البيت الإماراتي، شكل جزءاً مهماً من حياة الإماراتيين الاجتماعية، إذ كان بمثابة المنتدى الذي يجمع أفراد المجتمع لمناقشة القضايا المتنوعة والشؤون اليومية، والمكان الذي يعقد فيه التجار والقضاة والخبراء مجالسهم الخاصة، ضمن أجواء تتسم بالبساطة وكرم الضيافة والتلاحم المجتمعي.

يقع المجلس عادة عند المدخل الرئيس للمنزل، ويطل على الخارج لمراعاة خصوصية الأسرة وعاداتها الإسلامية، وهو معزول تماماً عن بقية الأجزاء الداخلية للمنزل، ولا يربطه بها إلا باب صغير خصص لخدمة الضيوف، وقد تم تجهيز المجلس بالسجاد الفارسي الفاخر، والمطارح والمساند المزخرفة (التكى)، فيما خصص ركن منه لأدوات القهوة وتحضيرها، وزينت جدرانه بلوحات قرآنية وأنواع مختلفة من الأسلحة كالبنادق والسيوف والخناجر.

ومن مفردات التراث الإماراتي التي تحتفي به «دبي للثقافة» في ساحات القرية العالمية، يتعرف الزائر إلى مهنة «الطواش» أو «تاجر اللؤلؤ»، الذي كان يتنقل بين سفن الغوص في مواقع صيد الأسماك لاستخراج اللؤلؤ من أعماق البحار، أو بين نواخذة الغوص بعد عودتهم، ويمدهم بكل الاحتياجات الخاصة خلال رحلة الغوص، فهو من يمول رحلات الغوص، ويتحمل جميع مصروفات السفن، والبحارة، والغواصين، أي أنه مقاول غوص اللؤلؤ وصيده.

ويقوم «الطواش» بعد شرائه للآلئ التي يصطادها الغواصون بفرزها حسب الحجم والشكل واللون، ثم يقوم بعرضها لغرض تسويقها لتجار الذهب وتجار الأحجار الثمينة.

ويعرض هذا الركن اللؤلؤ الطبيعي، والدستة (الأوزان)، والصندوق (عدة الطواش)، والحجر، والصور الخاصة بمهنة الطواش والبحر والمراكب واللؤلؤ، وملابس الغواصين والنواخذة.

كنوز

رحلة إلى تراث الماضي البديع توفرها «دبي للثقافة» في ساحات القرية العالمية، متيحة لجمهورها فرصة الاطلاع على كنوز التراث وإبداعات الأجداد، وذلك انسجاماً مع الدور الفاعل والخلاق الذي تلعبه في الاحتفاء بتراث دولة الإمارات الغني وصونه، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتعزيز الانتماء لدى الأجيال، موفرة فرصة للشغوفين من الشباب للتعرف إلى الحرف التقليدية وتعلمها وحمايتها من الاندثار.


مشغولات أبدعتها أيادي الحرفيات الإماراتيات، وصبغتها بألوان زاهية وجميلة من الأصباغ الطبيعية.

تويتر