بفعل الحصار وندرة دور النشر

عقول غزّية حبيسة.. ومؤلفات أدبية في الأدراج

صورة

أربعة أشهر قضاها الكاتب الفلسطيني الشاب يسري الغول، ليل نهار، يشبك حرفاً بالآخر، ويجمع الصفحات بعضها فوق بعض، ليؤلف في نهاية الأمر كتاباً جديداً يضيفه إلى مجموعة مؤلفاته.

وفي اليوم الأخير كان الغول قد أنهى أرشفة الصفحات على جهاز الحاسوب، وأقفل كتابه بالخاتمة، لكن هذا المشوار الطويل من الجهد المضني، والأمنيات بإصدار الكتاب، لم تقوَ أمام صخرة الحصار والأزمات المادية التي تقضم ظهر كل من يقطن في غزة، فيسري لا يمتلك التكاليف الكاملة لطباعة هذا الكتاب، ولا يتمكن من السفر لتسويق مسودة مؤلفه الجديد بين دور النشر والطباعة خارج غزة. ورغم ذلك مازال الأديب الشاب يبحث وينتظر، فيما تبقى صفحاته عديدة الأرقام ومتنوّعة الأفكار حبيسة درج مكتبه، بانتظار من يأتي ليمجد ما أنتجه عقله من أفكار على مدى شهور وسنوات.

نهوض ثقافي رغم المعوقات

حكاية الكاتب والمؤلف الغزي يسري الغول، يواجهها مئات المؤلفين في غزة، وهي أزمة خاصة بطباعة ونشر مؤلفاتهم وإصداراتهم، بسبب ندرة دور النشر والطباعة، وإن وجدت فتكاليف الطباعة فيها مرتفعة، لا يستطيع الكاتب تحملها، وعلى صعيد آخر، فإن إمكانية طباعته ونشره في دور نشر خارجية صعبة، نظراً لتكرار إغلاق المعابر، وصعوبة التنقل أو السفر خارج غزة.

الغول من سكان مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، أصدر العديد من الكتب، ومجموعة قصص قصيرة جميعها حملت عناوين أزمات الحصار والانقسام، التي تمنعه أيضاً من طباعة كثير من مؤلفاته.

وكان آخر كتاب نشره يسري الغول بعنوان «غزة 87»، أصدره عام 2017، يتحدث فيه عن معاناة عمال غزة قبل عام 1987، وانتفاضة الحجارة الأولى، وقبله نشر كتاباً بعنوان «الموتى يبعثون في غزة»، وهو مجموعة قصصية تتناول واقع الحياة في غزة، بأسلوب سينمائي يستخدم لغة تقصّ حكايات المعذبين والمقهورين حول العالم.

ورغم حالة الضعف والهزال التي تسبب فيها الانقسام الفلسطيني والحصار، يؤكد الأديب الغول في حديثه لـ«الإمارات اليوم» وجود حالة نهوض ثقافي فردي في غزة.

مؤلف على «فيس بوك»

إذا كان الغول قد تمكن من طباعة كتب، ونشر بعضها خلال السنوات الماضية، وإن كان بشق الأنفس، فإن الكاتبة الفلسطينية الشابة تحرير مرتجى، سلكت كل الدروب لنشر كتابها «السر»، الذي أمضت شهوراً عدة في تأليفه، لكنها اختصرت الطريق قبل أن يفوت الأوان، فراحت تنشره كما هو على صفحتها الشخصية في «فيس بوك».

تتحدث الكاتبة مرتجى عن كتابها لـ«الإمارات اليوم» قائلة «إنه يحتوي على مجموعة مقالات تنوعت بين الاجتماعية والأدبية والإنسانية، إلى جانب تطرقي إلى بعض الحكايات والقصص الاجتماعية الواقعية، التي تتحدث عن المرأة في المجتمع العربي، وكذلك عن الرجل، وبعض المقالات التحفيزية».

فرحت تحرير مرتجي كثيراً عندما انتهت من كتابة مؤلفها الذي يعد تجربتها الأولى في الكتابة الأدبية، بعد مشوار طويل في كتابة المقالات والقصص الصحافية والإنسانية، لكن فرحتها لم تدم طويلاً عندما عجزت عن طباعته ونشره في كتاب ورقي.

وعن ذلك تقول الكاتبة الشابة، «التكاليف المادية لطباعة الكتاب كانت كالقشة التي قصمت ظهر البعير، فلم أجد دار نشر في غزة تتبنى نشره على نفقتها، لأختصر كل الطرق وأنشره على حسابي الشخصي على (فيس بوك)».

وتضيف، «الإقبال على قراءة الكتاب على موقع التواصل الاجتماعي كان كثيفاً، وهو أمر مفرح، لكنه لم يحقق حلمي بأن أجد نتاج أفكاري مطبوعاً في كتاب ورقي تحتضنه رفوف المكتبات».

انتظار

الكاتبة ليندا الأعرج، التي تبلغ 21 عاماً، وتدرس علم النفس التربوي في جامعة الأقصى، اضطرت إلى الانتظار ثلاث سنوات لتصدر روايتها الأولى «تجليات القدر»، لعدم امتلاكها تكاليف طباعتها، وعن ذلك تقول: «عندما كان عمري 18 عاماً بدأت بتأليف الإصدار الأول من كتبي، وواجهت عقبات كثيرة، لعدم قدرة المؤسسات على احتضان المواهب الشابة، وانتظرت ثلاث سنوات حتى استطعت ادخار المال الكافي لأطبع روايتي على حسابي الخاص، وكطالبة جامعية ليس بمقدور أهلي دفع مصروفات الجامعة ودعم موهبتي في الوقت نفسه، إلا أنني حصلت على رقم إيداع من وزارة الثقافة كخطوة أولى لحفظ حقوقي الأدبية، وحين توافر جزء يسير من تكاليفه استطعت طباعة 150 نسخة بنحو 200 دولار».


ليندا الأعرج:

ليس بمقدور أهلي دفع مصروفات الجامعة ودعم موهبتي في الوقت نفسه.

 

 

تويتر