قُدّم للمرة الأولى في فيينا عام 1791

«الناي الحزين».. آخر أعمال مــوزارت على خشبة أوبرا دبي

صورة

«الناي الحزين» هو آخر عمل مكتمل للمؤلف الموسيقي، فولفغانغ أماديوس موزارت، الذي قدمه عام 1791 في العاصمة النمساوية فيينا للمرة الأولى، ويعرض على خشبة أوبرا دبي بدءاً من اليوم وحتى بعد غد.

يبرز العمل، الذي ينتجه مسرح الأوبرا الأرمينية، صراع الخير والشر، والحب الذي ينتصر في نهاية المطاف، ضمن أداء مسرحي يطلق عليه تسمية «سنغشبيل»، ويجمع بين الغناء والحوار المسرحي الذي يخلو من الموسيقى.

يعتمد الإنتاج على «البروجكتور» الذي يضفي خلفيات عديدة لما يزيد على ساعتين، ويقدم للمشاهد متعة تتجلى في مجموعة واسعة من الخلفيات البيئية للأماكن التي تدور فيها الأحداث.

أول مرة

من جهته، أكد المدير الفني لمسرح الأوبرا الأرمينية، كونستاستين أوربيليان، لـ«الإمارات اليوم»، أن العرض الذي يقدم في دبي هو الأول لإنتاج العمل المسرحي، الذي يعتمد على «البروجكتور» والرسومات التي قدمها الفنان الإيطالي، باولو ميتشيكيه، بينما الملابس من تصميم ألبيرتو سياستي، مشيراً إلى أن هذا العمل العبقري الذي كتبه موزارت يحمل الكثير من الرموز، وأضاف أن أوبرا دبي تعد واحدة من الأوبرات الأبرز المتميزة حول العالم، ولهذا تستحق أن تقدم فيها العروض الضخمة.

وأفاد بأن عدد العاملين في العرض يصل إلى 150 شخصاً، معرباً عن أمله في أن يحظى «الناي السحري» بإعجاب جمهور دبي، وأن يستمتعوا به، وقال «إنني فخور بأن نتمكن من استحضار عروض مسرحية وأوبرالية تعرض للمرة الأولى بدبي». وذكر أن العرض يقدم باللغة الألمانية، وهي اللغة الأصلية التي كتب بها العمل.

الجديد في العرض اختصره أوربيليان بالقول: «قليلة هي العروض التي تقوم على الصور المنعكسة أي (البروجكتور)، وهو الأمر الذي يتطلب العمل بشكل مغاير عن المألوف، كما يتميز بالجمال اللامتناهي، بينما تعتبر معداته عالية الكلفة، علماً بأن البعض يفضل مشاهدة الأوبرا وفق الديكورات المألوفة والقديمة، لكن في الواقع هناك مشاهد لكل شيء».

وأضاف أن «العمل يتوجه لجميع الأعمار، وتمت دعوة طلاب المدارس لمشاهدة العرض التدريبي، فهذه الطريقة التي نبني من خلالها الجيل المحب لذلك الفن الراقي، ونشجع الجمهور على دخول الأوبرا من سن مبكرة».

حكاية فلسفية

ألّف موزارت «الناي الحزين» عام 1791، باستثناء الافتتاحية والمسيرة في المشهد الثاني، ويقسّم العمل إلى مشهدين، وينتمي إلى عالم الحكاية الفلسفية، التي تعرض في مشاهدها صراعات الحياة، وواقع البشر، واختياراتهم بين الخير والشر.

يبدأ العمل مع المشهد الأول الذي يطل فيه الأمير تامينو وهو يتجول في غابة، فيهاجمه ثعبان، ويغمى عليه، لتبرز بعدها خادمات ثلاث يعملن لدى أميرة الليل، إذ يقفن عند الأمير ويتجادلن حول من ستبقى معه، ومن ستغادر، لكنهن يغادرن جميعاً. يستيقظ الأمير من الإغماءة، ويجد بقربه الصياد باباجينو الذي يوهمه بأنه من أنقذه، ثم تقدم له أميرة الليل صورة ابنتها بامينا التي يهيم بها ما أن تقع عيناه على صورتها، وتعده بأن يتزوجها إن تمكن من تخليصها من ساراسترو الذي أسرها.

العمل الذي كتبه إيمانويل شيكانيدر يركّز في طياته على القوى الماورائية، ويتجلى ذلك في تسلسل أحداث المسرحية، حين تسلم الخادمات الأمير «الناي السحري» الذي يبعد عنه الشر، وكذلك يسلمن صياد الطيور الأجراس التي تجلب له كل ما هو جميل.

إلى جانب ذلك، نجد الاعتقاد بالقوى الخفية متجسداً مع الصبيان الثلاثة، الذين يساعدون الأمير في طريقه للوصول إلى بامينا، بالإضافة إلى أنهم يحثون الشخصيات على عدم ارتكاب الأفعال المحرمة، كالانتحار الذي تجسدت محاولتان له في العمل، مع بامينا التي حاولت أن تقتل نفسها بخنجر، وباباجينو الذي كان يريد أن يشنق نفسه بعد أن فقد الأمل في العثور على حبيبته، فهذه القوى تتفاعل مع البشر.

في المشهد الثاني من العمل تتكشف شخصية ساراسترو التي تبدو طيبة، إذ يطلب من العاشقين أن يخلفاه في العرش إن اجتازا المحن. ويبدأ التنوع في المَشاهد التي تنقل المشاهد إلى الأهرام المصرية وعوالم الفراعنة، في أسلوب موسيقي يتبع المَشاهد التي نجدها مقسمة في العمل بحسب الشخصيات، فيبدو كما لو أن المواقف والأحداث مركبة لإبراز الشخصيات. واللافت في العمل أن الشخصيات تتنوع بين الهزلية، ومنها شخصية صياد الطيور بزيه الذي يشبه زي المهرجين، إلى جانب الشخصيات الرومانسية، كشخصية الأمير الذي يفعل أي شيء للوصول إلى حبيبته التي يحقق أمنية ارتباطه بها في نهاية العمل.

ويتميز الجانب الغنائي في المسرحية بالأوبرالي الذي يعتمد على الأصوات النسائية (السوبرانو) الشديدة القوة، بينما الأزياء مستوحاة من عالم الحكايات الخيالية والأمراء.

وصية فنية

يوصف عمل «الناي السحري»، الذي قدمه موزارت، بأنه الوصية الفنية للمؤلف الموسيقي، إذ توفي، بعد تقديم العمل للمرة الأولى، بشهور، ولم يعش ليرى النجاح الباهر الذي حققته الأوبرا، وتقديمها مئات المرات في فترة وجيزة. وتميزت حياة المؤلف الموسيقي، الذي ولد بسالزبورغ عام 1756، بكونها حافلة بالإنجاز، على الرغم من كونه لم يعش لفترة طويلة، إذ أحب الموسيقى وبدأ العزف منذ بلغ السادسة من عمره. وترك الكثير من الأعمال الموسيقية المهمة، فقد جدد في الموسيقى الباروكية، كما ترك العديد من السيمفونيات والكونشرتو. وتوفى عام 1791 مخلفاً مجموعة من المقطوعات الخالدة، منها «دون جوان» و«عرس فيغارو».

150

شخصاً، يشاركون في

«الناي السحري»،

الذي يعرض بدبي

حتى بعد غد.

تويتر