أحداث كثيرة.. ووقت ضيق

«بروجيكت باور».. «نتفليكس» تواصل كسر احتكار السينما لـ «سوبر هيرو»

صورة

رغم نواقصه الكثيرة، فإنه ممتع إلى حد ما، نتحدث عن Power Project، آخر فيلم على منصة نتفليكس، يوظف معادلة أصبحت مألوفة، أخيراً: مقدمة مثيرة جداً للفضول، إسناد البطولة لنجم أو اثنين محبوبين، وضع القصة في مكان غير معتاد، مثل نيو أورليانز، وأشعِل الأكشن!

يحوي الفيلم بعض اللحظات القوية، وأكثرها يرتقي بسبب أداء جيمي فوكس ودومينيك فيشباك، لكن القصة بشكل عام غير مكتملة، كأن صناع الفيلم كتبوا النص لمسلسل قصير من ست حلقات، وتفاجأوا بالمنتج يغير رأيه، ويقرر فيلماً من 110 دقائق، فأعادوا كتابة النص ليتناسب مع المدة الجديدة، واحتاروا في ما يبقى أو يحذف من النص.

في وقت أصبحت فيه أفلام القصص المصورة «سوبر هيرو»، أو الأبطال الخارقين، في خطر نتيجة تشبع الجمهور العالمي، إلا أننا لا نتفاجأ بأن أفلام الأكشن والتشويق أصبحت تدخل عناصر من أفلام القصص المصورة، لتسويق الفيلم لدى شريحة المراهقين وصغار السن.

تحاول «نتفليكس» كسر احتكار السينما لأفلام القصص المصورة، وقد تنجح لسببين: الأول أنها تحاول باستمرار، والثاني أن الظروف (كوفيد-19) تخدمها كثيراً. في أسوأ الأحوال، ستتمكن «نتفليكس» من صنع سوق موازية لهذه الأفلام على منصتها.

لو نظرنا إلى هيكل الفيلم الأساسي، سنجد فيلم شرطة تقليدياً يتألف من ثلاثة عناصر أو قصص: شخصية شرطي يحل قضية بأسلوب غير تقليدي للإيقاع بزعيم عصابة مخدرات. أب يحاول العثور على ابنته وتحريرها من العصابة. والثالثة عن فتاة صغيرة تبيع مخدرات، لأنها لم تجد طريقة أخرى للاعتناء بوالدتها.

والخلطة السرية بالنسبة للقصة أو جديدها، هو أن العصابة لا تبيع مخدرات مثل الهيروين والكوكايين، إنما هي كبسولة متطورة تقنياً، لو ابتلعها شخص فإنها تمنحه قدرات خارقة مدة خمس دقائق. لكن كل شخص يختلف عن الآخر، ولا يعرف أحد ما قدراته الخارقة حتى يجربها.

أحياناً تعطي الكبسولة قدرة على التحكم في النار أو الثلوج، وتعطي سرعة رهيبة أو تضخم الجسم إلى أن يتحول الشخص إلى عملاق ضخم يحطم ما حوله مثل بلدوزر... أو يمكن أن يأخذها الشخص ويموت فوراً لعدم قدرة جسمه على التحمل.

آرت (فوكس) عسكري سابق يشعر باليأس، ويبحث عن ابنته المختطفة من قبل عصابة الكبسولة المتطورة لأنها الوحيدة التي عندما ابتلعت الكبسولة استمرت عليها القدرات الخارقة بشكل دائم وليس خمس دقائق فقط. فقررت العصابة اختطافها وإجراء تجارب طبية عليها.

يوظف آرت سياسة الأرض المحروقة في بحثه عن ابنته، في الوقت نفسه نرى نقيباً في شرطة نيو أورليانز يجسده كورتني بي فانس، يرسل أكفأ ضباطه فرانك (جوزيف غوردون ليفيت) متخفياً لملاحقة آرت والقبض عليه. أما روبين (فيشباك) فعالقة بين الاثنين، وهي مراهقة موهوبة تغني راب، ولا تهتم بفروضها المدرسية، وتتاجر في الكبسولة لسد رمقها.

روبين هي مصدر بالنسبة للشرطي، وتصبح هدفاً بالنسبة لآرت عندما يطلب منها مساعدته للدخول في شبكة التوزيع. «بروجيكت باور» من الممكن أن يكون أحد الأفلام الثلاثة: إما قصة مراهقة غريبة الأطوار تكافح لأجل لقمة العيش في هذه المرحلة الحساسة من حياتها.

أو أن تكون قصة شرطي تقليدية ضد عصابة والتركيز على فرانك. أو قصة الأب المقتص الذي يدخل على خط التوزيع ليجد طريقه إلى أعلى الهرم ويقتل أفراد العصابة، واحداً تلو الآخر، إلى أن يحرر ابنته، وهذا قريب من سيناريو فيلم Payback عام 1999.

المشكلة أن الفيلم يريد أن يكون القصص الثلاث معاً، والنتيجة هي إخفاق شبه كامل وعدم رضا المشاهد. هناك الكثير من الأحداث، ولا يوجد وقت لتطور أي شخصية.

فوكس ملتزم بدوره بشكل كامل، ولا يتعامل مع النص كفيلم أكشن للاستهلاك السريع، ولذلك لقطاته تتسم بالجدية التامة. تجسيده لآرت عند اختطافه روبين وزجها في سيارته مزعج جداً، ويتلاءم مع الجو العام للفيلم. مكتئب وغاضب، وبالكاد يكتم غضبه، ولو اضطر فقد يقتلها.

فيشباك متوازنة وتبث طاقة لكن دورها لا يحصل على المساحة المستحقة في الفيلم. في جوهرها هي رفيقة الشرطي sidekick في رحلته التي تخفف غضبه بإلقاء نكات عفوية أو بإظهار موهبة الغناء، وهذه ليست سمة تعرّف شخصيتها أو تميزها، إنما يمكن تسميتها نزوة غريبة أو حالة هوس تعتريها فجأة.

لكن المشكلة أن جوزيف غوردون ليفيت، والذي توقعنا أن يعطينا أفضل أداء، كما فعل في فيلم الخيال العلمي Looper، هو الحلقة الأضعف في الفيلم. ليفيت لا يبدو مهتماً كما فوكس، وكان مقنعاً أكثر في فيلمه السابق 7500. لا يوجد شرير حقيقي في هذا الفيلم، رغم أن دور رودريغو سانتورو هو الأقرب، لكن مجموع وقته على الشاشة 10 دقائق أو أقل، لذا لا يمكن اعتباره شرير الفيلم.

المؤثرات الخاصة ليست سيئة لفيلم على منصة تلفازية، ولو أننا نظن أن بإمكانها أن تكون أفضل، نظراً للحرية التي تمنحها «نتفليكس» لصناع الأفلام للوصول إلى مستوى الإبداع المطلوب. هناك إلهام واضح لأفلام أخرى عن أبطال خارقين أصبحوا كذلك نتيجة تجارب فاشلة مثل: Hulk وfrozen وcamouflaged وclawed وfiery، والعديد من الإشارات لشخصيات ظهرت في القصص المصورة.

والنص نفسه يستعير أفكاراً من Limitless، وهو فيلم عن كبسولة تمنح الشخص ذكاء خارقاً، وكذلك X-Men وDredd ولوسي. يقع «بروجيكت باور» في خانة جديدة، يمكن تسميتها: إنتاج مبهر مصمم للمشاهدة المنزلية. ستشاهد الناس أفلام كهذا لو شد انتباهها. لكن هناك عناصر مفقودة في النص، مثلاً لا توجد قصة متينة ومتماسكة، والشخصيات ليست مكتوبة بالشكل المطلوب لتستحق حبنا أو تعاطفنا أو حتى كراهيتنا لها. هذا فيلم ساعتان للاستهلاك في زمن «كوفيد-19»، ولن يصمد في اختبار الوقت، لأنه لم يصمم لذلك أصلاً.

• يقع الفيلم في خانة جديدة، يمكن تسميتها: إنتاج مبهر مصمم للمشاهدة المنزلية.

• الشخصيات ليست مكتوبة بالشكل المطلوب، لتستحق حبنا، أو تعاطفنا، أو حتى كراهيتنا لها.

للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر