خبراء: «المولات» من أساليب الحياة اليومية في المنطقة وليست للتسوق فقط

منصات التجارة الإلكترونية «بديل مستحيل» لمراكز التسوق التقليدية

صورة

أكد مسؤولون وخبراء في قطاع التسوق وتجارة التجزئة أن النمو المتسارع لقطاع التجارة الإلكترونية، يرفع من حدة التنافسية مع مراكز التسوق وقطاع تجارة التجزئة التقليدية عموماً، لكنه لا يؤثر بشكل كبير في وجود الكيانات العاملة في تلك القطاعات، بل سيتيح لها سرعة التحول لأنماط مستقبلية جديدة، مثل التوسع في طرح مزيد من خدمات القيمة المضافة، وتقديم أنماط ذكية للتسوق، اعتماداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم» أن التوسع في تقديم الخدمات، وتجارب التسوق، يعدان جزءاً رئيساً من التوجهات المستقبلية لمراكز التسوق التجارية التي بدأ بعضها بالفعل في تنفيذها، مثل التركيز على تقديم الخدمات المصرفية، وخدمات المطاعم والمقاهي، والأندية الرياضية، ومراكز تعلم الموسيقى.

ورأوا أن مراكز التسوق التجارية لن تندثر أو يقل دورها في المستقبل، لافتين إلى أن من الصعب لمنصات التجارة الإلكترونية أن تكون بديلة بشكل كامل عن مراكز التسوق التجارية، لافتين إلى أن هناك العديد من السلع التي يفضل عدد كبير من المستهلكين شراءها بعد فحصها ومعاينتها، وستطل تحافظ على حصة كبيرة من التسوق التقليدي، مثل الملابس، والهواتف، والإلكترونيات، والنظارات، خصوصاً مع التجارب السيئة الخاصة بالتجارة الإلكترونية لدى البعض، مثل وجود سلع معيبة أو مختلفة في مواصفاتها عن المواصفات في الصور، وعدم دقة القياسات.

وأوضحوا أن طبيعة المناخ تجعل مراكز التسوق التجارية خياراً أساسياً لعدد كبير من السكان للتسوق والترفيه معاً، مشيرين إلى وجود خصوصية مختلفة عن منصات التجارة الإلكترونية، لاسيما في أسواق المنطقة التي تعد فيها «المولات» من أساليب الحياة العادية في التنزه ولقاء الأصدقاء والعائلات، وليس التسوق فقط، خصوصاً خلال موسم الصيف.

خصوصية مختلفة

وتفصيلاً، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة مراكز التسوق في دبي رئيس مركزَي «الريف مول» و«برجمان»، ماجد سيف الغرير، إن النمو المتسارع لقطاع التجارة الإلكترونية، أخيراً، يرفع من حدة التنافسية مع مراكز التسوق وقطاع تجارة التجزئة التقليدية عموماً، لكنه لا يؤثر بشكل كبير في وجود الكيانات العاملة بتلك القطاعات، وإنما يتيح لها سرعة التحول لأنماط مستقبلية جديدة.

وأوضح الغرير: «المرتادون لمراكز التسوق لا يبحثون عن مجرد شراء سلعة، بشكل مماثل لمتعاملي المنصات الإلكترونية، بل يمرون بخبرة و(طقس) للتسوق في المولات لهما خصائصهما المرتبطة بالمقارنة بين المتاجر، وارتياد مناطق الترفيه، والمطاعم والمقاهي خلال رحلة التسوق، وبالتالي فإن مراكز التسوق التقليدية (المولات) لها خصوصية مختلفة في التسوق، من الصعب مقارنتها بالكامل مع منصات التجارة الإلكترونية».

ورأى الغرير أن حدة المنافسة ستعزز من التوجهات المستقبلية لأنماط جديدة مثل التوسع في طرح مزيد من الخدمات الذكية، سواء في متاجر التسوق أو من خلال التجول في المولات، لافتاً إلى أن ذلك سيستغرق بعض الوقت في التحول، لكنه أصبح ضرورة مستقبلية لتلك المراكز لمواكبة التوجهات العالمية في التسوق.

توجهات مستقبلية

بدوره، قال المتحدث الرسمي لمراكز مجموعة «أسواق» التابعة لـ«مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية»، عبدالحميد الخشابي، إن مراكز تسوق عدة اتجهت، خلال الفترة الأخيرة، لمواكبة نمو الطلب على منصات التجارة الإلكترونية، عبر تطوير منصات إلكترونية خاصة بها، والتوسع في خدمات التوصيل السريعة للمتعاملين عبر شركات متخصصة.

ورأى الخشابي أن ارتفاع حدة المنافسة مع منصات التجارة الإلكترونية، لن يؤثر في بقاء مراكز التسوق التقليدية، لكنه سيعزز من تنافسيتها، لاسيما أن لمراكز التسوق خصوصية مختلفة مقارنة بالمنصات الإلكترونية، مع تفضيل عدد كبير من الأسر قضاء أوقات أطول داخل تلك المراكز، خصوصاً خلال موسم الصيف.

وأضاف أن الأشكال المستقبلية التي تتجه إليها مراكز التسوق التقليدية، هي التوسع بشكل أكبر في تقديم تجارب تسوق ذكية للمتسوقين، مشيراً إلى مبادرات بدأتها بعض المراكز في فترات سابقة.

ولفت الخشابي إلى أن التحول يتم بشكل تدريجي، وهي ميزة تنافسية تدعم كفة مراكز التسوق في مواجهة منصات التجارة الإلكترونية.

تحول مستقبلي

في السياق نفسه، اعتبر خبير شؤون تجارة التجزئة، مدير «شركة البحر للاستشارات»، إبراهيم البحر، أن التنافسية بين منصات التجارة الإلكترونية ومراكز التسوق التقليدية، تدعم التحول المستقبلي للمراكز نحو مزايا تنافسية، من حيث التوسع في خدمات القيمة المضافة، التي تشمل: منح هدايا للمتسوقين بطرق مختلفة، أو كما يتم في بعض مراكز التسوق العالمية، حيث يحصل المتسوقون على أكواب من القهوة أو قطع من الحلوى خلال التسوق، بما يمنح خصوصية مختلفة للمتاجر التي تتيح تلك الخدمات.

وأضاف أن لمراكز التسوق فرص تقديم أنماط ذكية للتسوق، اعتماداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، معتبراً أنها ستكون شكلاً من الأشكال المستقبلية للمولات.

وأكد البحر أن التنافسية ستنعكس في النهاية بمزايا تصبّ في تطوير أعمال المنصات الإلكترونية ومراكز التسوق، كما ستنعكس بشكل أكبر على المستهلكين الذين سيحصلون على مزيد من العروض التخفيضية والخدمات الجديدة.

توسيع الخدمات

من جهته، قال مدير شركة «لاين للاستثمارات العقارية» المسؤولة عن إدارة عدد من المراكز التجارية في الدولة، واجب خوري، إن التجارة الإلكترونية تشكل حالياً نسبة تراوح بين 12 و15% من حجم السوق، ومن الصعب تحديد النسبة مستقبلاً، مؤكداً أن المراكز التجارية تطور حالياً نفسها بشكل مستمر بعد تنامي المنافسة مع التجارة الإلكترونية.

وأضاف خوري أن التوسع في تقديم الخدمات، وتجارب التسوق، يعدان جزءاً رئيساً من التوجهات المستقبلية لمراكز التسوق التجارية، التي بدأ البعض بالفعل في تنفيذها، مثل التركيز على تقديم الخدمات المصرفية، وخدمات المطاعم والمقاهي، والأندية الرياضية، ومراكز تعلم الموسيقى، وتوفير ممارسة هوايات مثل تنس الطاولة والتزلج، فضلاً عن ممارسة الأنشطة الترفيهية، مبيناً أنه يمكن ملاحظة مدى التطور الذي وصلت إليه المراكز التجارية، عند مقارنة وضعها وخدماتها حالياً بالوضع منذ خمس أو سبع سنوات.

وأكد خوري أن هناك العديد من السلع التي يفضّل عدد كبير من المستهلكين شراءها بعد فحصها ومعاينتها، وستظل تحافظ على حصة كبيرة من التسوق التقليدي، مثل الملابس، والهواتف، والإلكترونيات، والنظارات، مشيراً إلى أن طبيعة المناخ تجعل المراكز التجارية خياراً أساسياً لعدد كبير من السكان للتسوق والترفيه معاً.

عملية تطوير

في السياق نفسه، رأى الرئيس التنفيذي لـ«شركة مبارك وإخوانه للاستثمارات»، محمد الحاج، أن المراكز التجارية في دولة الإمارات ستواكب التغييرات التي تحدث مستقبلاً، نتيجة لنمو التجارة الإلكترونية، مؤكداً أنها بدأت في تطوير نفسها، وستستمر في هذا التطور خلال السنوات المقبلة، في وقت لن تستطيع المراكز التجارية، التي تتخلف عن التطوير، الاستمرار بالشكل الحالي.

وأضاف أن مراكز تسوق عدة، مثل «مركز ديرفيلد التجاري» التابع للمجموعة، لمس خلال السنوات الأخيرة أنه سيكون للمنصات الإلكترونية تأثيرات في التجارة بشكلها التقليدي، فقرر تقديم جوانب خدمية وترفيهية، فضلاً عن التسوق التقليدي، وذلك عبر زيادة فروع البنوك، وجهات تقديم الخدمات مثل «تسهيل» و«تدبير»، والتركيز على الجوانب الترفيهية وألعاب الأطفال والمطاعم والمقاهي، لافتاً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من التوسع في تقديم الخدمات بالمراكز التجارية.

وأكد الحاج أن المراكز التجارية لن تندثر أو يقل دورها في المستقبل، مبيناً أن من الصعب لمنصات التجارة الإلكترونية أن تكون بديلة بشكل كامل عن المراكز التجارية، لاسيما أن بعض المستهلكين يفضلون شراء بعض السلع بشكل مباشر، خصوصاً مع وجود تجارب سيئة خاصة بالتجارة الإلكترونية، مثل وجود سلع معيبة، أو مختلفة في مواصفاتها عن المواصفات في الصور، وعدم دقة القياسات.

ورأى كذلك أن المراكز التجارية ضرورية لتكملة تجربة الزوار والسياح، وتشكل جزءاً رئيساً من زيارته، إلى جانب زيارة أبرز المعالم.

وتوقع الحاج أن تتيح مراكز التسوق التجارية مستقبلاً بعض تطبيقات التسوق الإلكترونية، وتطوير تجارب التسوق التقليدية، مثل إتاحة تجربة السلع بشكل واقعي في المراكز، مع توصيل السلع للمنزل لاحقاً.

ودعا الحاج إلى فرض ضرائب على التجارة الإلكترونية، حتى تكون هناك مساواة في الأعباء بينها وبين المراكز التجارية التقليدية، التي تم ضخ استثمارات مالية ضخمة فيها، فضلاً عن إتاحتها آلاف الوظائف.

وأكد أن تجربة جائحة «كوفيد-19» دليل على أن التسوق الإلكتروني لا يستطيع أن يكون بديلاً عن مراكز التسوق التجارية بشكل كلي، حيث عاد الآلاف إلى التسوق المباشر من المراكز التجارية بعد الإغلاق، وهو الأمر الذي سيستمر سنوات طويلة مقبلة.

البستكي: خصوصية مختلفة عن منصات التجارة الإلكترونية

قال مدير إدارة السعادة والتسويق في «تعاونية الاتحاد»، الدكتور سهيل البستكي، إن ارتفاع التنافسية بين المنصات الإلكترونية ومراكز التسوق، أحد التوجهات التي دعمتها جائحة «كوفيد-19»، والتي انعكست بدورها على بعض التغيرات على أنماط العمل في مراكز التسوق، سواء من خلال إتاحة خدمات جديدة عبر تطبيقات الهواتف المحمولة، أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تطوير مراكز التجزئة والتسوق لمنصات خاصة بها تواكب توجهات التجارة الإلكترونية.

وأكد البستكي أن لمراكز التسوق خصوصية مختلفة عن منصات التجارة الإلكترونية، لاسيما في أسواق المنطقة التي تعد فيها المولات من أساليب الحياة العادية في التنزه ولقاء الأصدقاء والعائلات، وليس التسوق فقط، خصوصاً خلال موسم الصيف.

وأشار إلى وجود مزايا تنافسية أخرى لمراكز التسوق، تتمثل في مناطق الترفيه والمطاعم والمقاهي، التي ستحافظ على ولاء المرتادين لها، وتدعم حركة التسوق من المتاجر، ومن الممكن أن تتجه أنماط عملها المستقبلية للخدمات الذكية بمعدلات أكبر.

«ريم مول».. مركز تسوق ذكي

قال الرئيس التنفيذي للابتكار الرقمي في «ريم مول»، ميلات سايرا بيريرمن، إن جائحة «كوفيد-19» شكّلت حافزاً لتسريع التحول الرقمي، لمساعدة قطاع التجزئة على إدراك أن أيام مراكز التسوق التقليدية قد ولّت، لافتاً إلى أن الجائحة أدت إلى تسريع اعتماد وسائل الدفع الرقمية، مع تزايد رواج التسوق عبر الإنترنت.

وأكد أن مركز التسوق الناجح يجب أن يطور ذاته باستمرار، مشيراً إلى أن شركات الغد الناجحة ستكون تلك التي تجاري طلبات المستهلكين سريعة التغير، وعلى المديين المتوسط والطويل، وتستفيد من جميع الفرص لتحديد تفضيلات المتعاملين على الإنترنت، وتحسين سلاسل التوريد، وبناء القدرات، والتكيف مع الابتكارات بسرعة أكبر.

وكشف بيريرمن أن «ريم مول» يستعد لإدخال تغييرات وتطورات، من شأنها أن تجعله أول مركز تسوق ذكي في العالم مزود بالكامل بالتكنولوجيا الرقمية.

وأكد أن هذه الخطة قيد الإنجاز حالياً، وتستند إلى دعائم رئيسية، في مقدمتها التجارة الإلكترونية التي تدعمها الخدمات اللوجستية في الموقع، والتي تتيح للمستهلكين التفاعل مع العلامات التجارية، في وقت يحمّل التجار منتجاتهم مباشرة، وبالتالي لا يتعين على المستهلك الذي يفضل علامة تجارية معينة، ويقيم على بعد دقائق من المركز التجاري، الانتظار 48 إلى 72 ساعة حتى يتم إرسال مشترياته، ما يسهم في تنشيط خدمات التوصيل من المتجر إلى المنزل، أو خدمات الاستلام من مراكز استلام المشتريات المحددة في المول.

وذكر بيريرمن أنه سيتم جمع منظومة «ريم مول» بأكملها في تطبيق واحد يتميز بنقاط اتصال، بدءاً من برنامج الولاء القائم على الألعاب والمحفظة الرقمية، والتسوق من دون حمل الأكياس، وصولاً إلى مواقف السيارات الذكية والتنقّل الداخلي، مشيراً إلى أن تطبيق «ريم مول» المتكامل يتيح للمستهلكين استخدام مركز الخدمات اللوجستية في الموقع، لإيصال أكياس مشترياتهم إلى المتاجر الفردية، وجمعها في خزانة رقمية، أو تسليمها إلى منازلهم.

وأكد أنه سيتاح لـ«ريم مول» تقييم البيانات وتشاركها مع التاجر، لتوقّع سلوك المتعاملين بنسبة مؤكدة تبلغ 95%، وسنكون قادرين على تقديم معلومات للتجار تتعلّق بمدى استعداد المتعاملين للشراء ومعدل فقدانهم، والتوصية بأفضل فئة أو علامة تجارية أو منتج بديل.

خدمات خاصة.. وعيوب «أونلاين»

قال المدير المسؤول في محل بمركز تسوق تجاري في أبوظبي، أكرم يوسف، إن المراكز التجارية بدأت بالفعل تشهد تطوراً لم يكن موجوداً من قبل، في ضوء نمو التجارة الإلكترونية، وتنامي المنافسة الشديدة.

وأوضح أن عدداً من مراكز التسوق أصبح يوفر خدمات خاصة بالتسوق، لا يمكن الحصول عليها «أونلاين»، مثل المساعد الشخصي للمتسوقين، والتوسع في الخدمات المصرفية، ومراكز تقديم الخدمات الأخرى، فضلاً عن تنظيم الاحتفالات الخاصة باليوم الوطني واحتفالات السنة الصينية، وتنظيم سحوبات وجوائز للشراء المباشر من المحال التجارية.

ولفت يوسف إلى أن زيارة مراكز التسوق التجارية ليست للتسوق فقط، بل توفر تجارب متكاملة للمقيمين والزوار، إذ توجد مراكز تجارية متصلة بالفنادق، ما يشكّل قيمة مضافة للزوار القادمين لأغراض الترفيه أو الأعمال.

واتفق يوسف كذلك في وجود العديد من السلع التي يصعب شراؤها «أونلاين» حالياً أو مستقبلاً، مثل الذهب والمجوهرات، تحوطاً من عمليات الغش والتقليد، لافتاً إلى أن مشكلات في التجارة الإلكترونية تجعل بعض المستهلكين يفضلون الشراء المباشر، مثل وصول قطع مكسورة، أو تتضمن عيوباً، فضلاً عن صعوبات ردّ أو استبدال السلع، وتفعيل الضمان.

وأكد أن المراكز التجارية ستتطور، وستشهد المزيد من الخدمات خلال الفترة المقبلة لمواجهة المنافسة التي تزداد يوماً بعد يوم.

• طبيعة المناخ تجعل مراكز التسوق خياراً أساسياً لعدد كبير من السكان للتسوق والترفيه.

تويتر