يستهدف إعادة بناء مكونات إدارة الذاكرة في «النظام» بلغة «رست»

«مايكروسوفت» تطلق مشروعاً مفتوح المصدر لتأمين «ويندوز»

«رست» ليست اللغة الوحيدة في مشروع «فيرونا» إذ يوجد معها مفاهيم من لغات أخرى مثل «سايدون». من المصدر

أعلنت شركة «مايكروسوفت» عن بدء التنفيذ الفعلي لمشروع برمجة جديد يحمل اسم «فيرونا»، ينفذ على مستودع البرمجة التعاوني الشهير «جيت هب» كمشروع مفتوح المصدر بالكامل، تحت مفهوم «الملكية المتزامنة» التشاركية. ويستهدف المشروع استخدام إحدى لغات البرمجة مفتوحة المصدر المعروفة باسم «رست» في إعادة بناء بعض المكونات العميقة والأساسية في نظام التشغيل «ويندوز» كخطوة تسعى إلى علاج نقاط الضعف التاريخية المزمنة في «ويندوز» وتأمينه، خصوصاً المتعلقة بإدارة الذاكرة، لتصبح مؤمنة وتتفادى الهجمات الأمنية التي عادة ما تحاول استغلال هذه النقاط للتأثير على كفاءة وأداء وأمن الحاسبات العاملة بنظم تشغيل «ويندوز».

وأنشأت «مايكروسوفت» صفحة خاصة بالمشروع على «جيت هب» تحت عنوان: (github.com/‏‏‏‏microsoft/‏‏‏‏verona) قدمت خلالها التفاصيل الكاملة للمشروع وأهدافه، وكيفية المشاركة فيه من قبل أي من المطورين والأكاديميين وخبراء البرمجة حول العالم، مؤكدة أنها أخذت بعض الأفكار من لغة برمجة «رست» الشهيرة لإنشاء لغة جديدة مخصصة لـ«برمجة البنية التحتية الآمنة» في نظم تشغيل «ويندوز».

انقلاب مذهل

ووفقاً للعديد من الخبراء والمراقبين، فإن المشروع الجديد يعد انقلاباً مذهلاً في نهج وفلسفة «مايكروسوفت» التي بدأها مؤسسها بيل غيتس، في نهاية سبعينات القرن الماضي حينما أسس الشركة للمرة الأولى، كشركة تعمل في برمجيات مغلقة المصدر، محمية بقوانين الملكية الفكرية ثقيلة الوطأة التي تجعل كل شيء من أكوادها وشفرتها المصدرية محجوباً عن الآخرين. وفي هذا النهج، شكلت الأكواد الخاصة بنظام تشغيل «ويندوز» الذي ظل عقوداً طويلة، محجوباً ونقياً خالياً من أي أكواد أخرى مفتوحة. وبالتالي فإن هذا القرار يعني أن «قلب مايكروسوفت» بات يشهد تغييرات جذرية مذهلة، جعلت نهج الأكواد المفتوحة على الملأ للعالم التي يتشارك الجميع في ملكيتها، والذي كان يعد جريمة عظمى للشركة في عهد غيتس، لكنه أصبح اليوم سياسة معلنة وثابتة، تقبل عليها الشركة وتنفذها في منتجاتها واحداً تلو الآخر، حيث سبق أن أقدمت العام الماضي على استخدام النواة البرمجية الأساسية لمتصفح «كروم» مفتوح المصدر التابع لشركة «غوغل» والمعروفة باسم «كروميوم»، لتكون هي النواة البرمجية الأساسية لمتصفحها الجديد «إيدج».

تاريخ المشروع

وكان الحديث عن مشروع «فيرونا» بدأ العام الماضي عندما قدم الباحث في معامل أبحاث «مايكروسوفت» في كامبريدج ببريطانيا، ماثيو باركنسون، محاضرة عن فكرة المشروع، أوضح فيها أنه يستهدف المساعدة في تأمين التعليمات البرمجية المكتوبة بلغات غير آمنة مثل لغة «سي» و«سي شاب» و«سي بلس بلس»، التي لاتزال موجودة في الكثير من التعليمات البرمجية القديمة من «مايكروسوفت»، ولا تستطيع «مايكروسوفت» أن تضيعها ولكنها ترغب في حمايتها بشكل أفضل. وأضاف أن مشروع «فيرونا» سيقوم بوضع التعليمات البرمجية القديمة العميقة «ذات المستوى المنخفض» في «ويندوز»، وغير المؤمنة جيداً في صناديق حماية جديدة من خلال دمج نظام لغة «موزيلا رست» في بعض أجزاء نظام «ويندوز».

الإعلان عن فيرونا

وفي أعقاب الوصول إلى نتائج التجارب السابقة طورت شركة «مايكروسوفت» موقفها من لغة «رست»، وأعلن قطاع البحوث في الشركة عن ميلاد مشروع «فيرونا» مفتوح المصدر عبر «جيت هب»، ليس فقط لاستخدام لغة «رست» في إعادة كتابة بعض مكونات «ويندوز» العميقة منخفضة المستوى، وإنما لتطوير لغة جديدة مستلهمة من «رست»، وضعت لها «مايكروسوفت» اسماً مبدئياً هو لغة «برمجة البنية التحتية الآمنة».

وأوضحت الشركة أن تطوير لغة البرمجة الجديدة لا يعني تخليها عن جهودها في استخدام «رست» كما هي، بل ستسير الجهود على المسارين جنباً الى جنب، مؤكدة أن المشروع الجديد بحثي وليس منتجاً، ولا يؤثر على الخيارات الهندسية في الشركة، وليس له تأثير على استخدام «مايكروسوفت» المستمر للغات «سي بلس بلس»، و«سي شارب» و«رست»، لأن «رست» ليست هي اللغة الوحيدة الملهمة في مشروع «فيرونا»، إذ يوجد معها مفاهيم من لغات أخرى مثل «سايدون» إحدى تفريعات لغة «سي».


لغة «رست»

تعد «رست» لغة برمجة مفتوحة المصدر، مخصصة بالأساس لبرمجة الأنظمة، والداعم الأساسي لها هي شركة «موزيلا» للبرمجيات مفتوحة المصدر التي تنتج متصفح «فايرفوكس». وظهرت للمرة الأولى في يوليو 2010، وصممت لكي تكون «مؤمنة ومتزامنة وعملية»، حيث تدعم مجالات البرمجة الوظيفية والبرمجة الإجرائية، وعلى وجه الخصوص حماية الذاكرة مع الاحتفاظ بمستوى عال من الأداء.

تويتر