تُزيل فيها ملفات تشغيل أجهزة الكمبيوتر المنتَجة قبل 2005

«إنتل» تُعدّ لـ «جنازة رقمية» في جُمعة «كنس العجائز»

«إنتل» أكبر صانع للمعالجات والشرائح الإلكترونية الدقيقة المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر. أرشيفية

يشهد يوم غد الجمعة 22 نوفمبر 2019، واحدة من أشهر «الجنازات الرقمية» التي يتم فيها التخلص من شريحة كبيرة من البرامج، لتُمحى من عالم التقنية محواً تماماً، «بعدما وصلت دورة حياتها» إلى نقطة النهاية.

ومن المنتظر أن تزيل «شركة إنتل الأميركية»، أكبر صانع للمعالجات والشرائح الالكترونية الدقيقة المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر الشخصية المكتبية والمحمولة، والحاسبات الخادمة، جميع التحديثات وملفات التشغيل «دريفرز» الخاصة بأجهزة الكمبيوتر المنتجة قبل عام 2005، لتصبح غير موجودة على موقعها الرسمي، ولا يستطيع أي من ملاك هذه الأجهزة الوصول إليها بدءاً من الغد.

ولا تعتبر «الجنازة الرقمية» يوم غد الأولى من نوعها، فقد سبقتها العديد من الجنازات الرقمية الشهيرة، من أهمها إنهاء العمل بنظام تشغيل «ويندوز 95» من «مايكروسوفت»، ثم نظام «ويندوز إكس بي».

رسالة «إنتل»

ووفقاً لموقع «ذا فيرج» theverge.com المتخصص في التقنية، فإن صفحة تنزيل التحديثات وملفات التشغيل الخاصة بمكونات الكمبيوتر، ضمن الموقع الرسمي لشركة «إنتل»، بدأ يظهر رسالة للمستخدمين الذين يرغبون في تنزيل تحديثات أو ملفات تشغيل خاصة بأجهزة الكمبيوتر المنتجة قبل عام 2005، وخلال عقد التسعينات، تقول لهم: «هذا التحديث لن يكون متاحاً بعد 22 نوفمبر 2019، وستتم إزالته من الموقع بصفة نهائية، وينصح باتخاذ ما يلزم نحو ذلك».

وظهرت هذه الرسالة عند تنزيل تحديثات وملفات تشغيل جميع مكونات أجهزة الكمبيوتر القديمة المنتجة قبل عام 2005، من معالجات وذاكرة الكترونية (رام)، وبطاقات تشغيل الشاشة، والصوت، والفيديو، ووحدات التخزين، والماوس، ولوحة المفاتيح.

الملفات الملغاة

من أهم وأشهر ملفات التحديث والتشغيل التي ستلغى للأبد، ملف تحديث نظام الإدخال والإخراج الأساسي لأجهزة الكمبيوترالشخصية لما قبل 2005، المعروف باسم «بايوس»، وهو عبارة عن حزمة من البرامج الثابتة التي تتم طباعتها أو «تثبيتها» على الشرائح الالكترونية العاملة داخل الكمبيوتر، لتقوم بوظائف محددة، ولا تتغير، ولا يتم التعامل معها إلا بواسطة تقني محترف. وتستخدم ملفات «بايوس» لعمل تهيئة لمكونات الكمبيوتر المختلفة، من معالج ووحدة ذاكرة الكترونية (رام)، وبطاقة شاشة وصوت، عند بداية تشغيل الجهاز، كما يعتبر أول برنامج أو ملف يتم استدعاؤه بعد الضغط على مفتاح تشغيل الكمبيوتر، وتعود أصوله التاريخية إلى عام 1975 عند بداية ظهور نظم تشغيل أجهزة الكمبيوتر الصغيرة المملوكة لشركة «آي بي إم»، قبل ظهور «مايكروسوفت».

وخلال العقود التالية، ظهرت «إنتل» كأكبر شركة منتجة للمعالجات واللوحات الرئيسة وشرائح ذاكرة الكمبيوتر الشخصي، وبالتبعية، أصبحت أكبر مصدر للحصول على التحديثات الخاصة ببرامج «بايوس» المتوافقة مع أنظمة تشغيل «مايكروسوفت» المتعاقبة التي عرفت تاريخياً باسم «ويندوز».

نقل البيانات

وتعني الجنازة الرقمية، غداً، أنه بات من المحتم نقل كل البيانات والمعلومات الموجودة على الأجهزة القديمة المنتجة قبل عام 2005، ووضعها على أجهزة أحدث لاتزال ملفات تحديث وتشغيل مكوناتها متاحة للتنزيل من موقع «إنتل»، وموثوق بها، لأن أي عطل أو اضطراب في الاجهزة يتطلب تحديث أو تغيير ملف التشغيل، لن يمكن تصليحه، وسيجعل المكون المقابل له غير صالح للعمل نهائياً، سواء كان وحدة تخزين أو لوحة رئيسة، أو معالجاً، أو وحدة ذاكرة، ما يعني أنه لم يتم الوصول للبيانات الموجودة على الجهاز مرة أخرى.

موجة رفض

ظهرت خلال الفترة الأخيرة موجة من التعاطف مع برمجيات وملفات «إنتل» المعرضة لخطة «كنس العجائز»، أو البرامج المتقادمة، واستغل الكثير ممن عايشوا فترة الازدهار والعصر الذهبي لهذه النظم شبكات التواصل الاجتماعي في تنفيذ حملة تعاطف وضغط على «إنتل» لعدم محوها، إذ نشر أحد مستخدمي الأجهزة القديمة تغريدة عبر «تويتر» لاقت قبولاً واسعاً، وأعيد نشرها عشرات الآلاف من المرات، قال فيها: «لا أستطيع أن أصدق هذا.. طوال هذه السنوات كنت أوصي بمنتجات (إنتل) بسبب دعمها على المدى الطويل، وأعرف أن هذه الملفات قديمة، ولكن هل كلفة وجودها على موقع (إنتل) عالية حتى تلجأ إلى محوها؟ إن تحرك الشركة مثير للجدل للغاية».

مجرمو الإنترنت

أعلن كثيرون متعاطفون مع هذه البرامج والتحديثات، عن مسارعتهم الى تنزيل نسخ أصلية كاملة منها، تمهيداً لإعادة وضعها على الانترنت في مواقع جديدة للتنزيل، حفاظاً عليها من المحو والموت، وإن كان بعض خبراء أمن المعلومات حذروا من أن العواطف الجياشة نحو البرمجيات العجوزة ربما تكون فرصة ذهبية للمجرمين وناشري البرمجيات الخبيثة، لإنشاء صفحات ومواقع، تدّعي أنها تضم ملفات التحديث، لكن تكون في الحقيقة برامج خبيثة، للتجسس والتشفير وشن الهجمات والتحكم في الحاسبات من بُعد.

تويتر