توقعات بأن تصل كلفته إلى 30 مليار دولار

عرض «زيروكس» للاستحواذ على «إتش بي» يثير جدلاً في عالم التقنية

محللون أكدوا أن إتمام الصفقة سيحدث «زلزالاً» في صناعة وسوق الطباعة عالمياً. من المصدر

في خطوة اتسمت بالجرأة والغموض وعدم الفهم، وأثارت جدلاً ساخناً واسع النطاق خلال اليومين الماضيين في عالم التقنية، قدمت شركة ماكينات وتقنيات الطباعة «زيروكس» التي تبلغ قيمتها السوقية نحو ثمانية مليارات دولار، عرضاً للاستحواذ على نظيرتها شركة «إتش بي» التي تبلغ قيمتها السوقية نحو 27 مليار دولار، عبر صفقة تمولها البنوك، وأرسلت بذلك عرضاً لـ«إتش بي»، التي قالت من جانبها إنها تفكر، ليصبح السؤال الأكثر سخونة على ساحة التقنية الآن: لماذا تقدم «زيروكس» عرضاً لشراء من هو أكبر منها حجماً بثلاثة أضعاف؟ ولماذا تفكر «إتش بي» في عرض مقدم من شركة أصغر منها بثلاثة أضعاف؟ وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد كشفت النقاب عن عرض «زيروكس» في تقرير نشر عبر موقعها www.wsj.com أخيراً، تناول وقائع اجتماع مجلس إدارة «زيروكس» الذي انعقد يوم الثلاثاء الماضي. وأورد التقرير عن مصادر مطلعة داخل المجلس أن الاجتماع ناقش إمكانية شراء شركة «إتش بي». وفي اليوم التالي، الأربعاء 6 نوفمبر الجاري، أصدرت «إتش بي» بياناً رسمياً عبر غرفة الأخبار بموقعها الرسمي press.ext.hp.com، أكدت فيه تلقيها عرضاً من شركة «زيروكس» القابضة بهذا الشأن قبل يوم واحد فقط. وفي حين لم يصدر عن «زيروكس» بيانات رسمية في هذا الصدد، أكدت «إتش بي» في بيانها، أنه «تم استعراض هذا العرض في آخر اجتماع لمحللي الأوراق المالية في (إتش بي)، والشركة لديها ثقة كبيرة باستراتيجيتها متعددة السنوات، وفي قدرتها على وضع نفسها على طريق النجاح المستمر في صناعة متطورة، خصوصاً بالنظر إلى الروافع المتعددة المتاحة لدفع القيمة، وعلى هذه الخلفية أجرينا محادثات مع (زيروكس) القابضة، حول مزيج الأعمال المحتمل في ما بيننا، ودرسنا من بين أشاء أخرى ما هو المطلوب لإثبات المعاملة، وفي الآونة الأخيرة، تلقينا اقتراحاً تم إرساله بالأمس، ولدينا طريقة وسجل معروف في اتخاذ الإجراءات، إذا كان هناك طريق أفضل للأمام، وسوف نستمر في العمل بتداول وانضباط ومراقبة ما هو في مصلحة جميع مساهمينا».

«زيروكس» و«إتش بي»

كلتا الشركتين لها تاريخ تقني حافل، حيث بدأت «زيروكس» في عام 1906 باسم شركة «هالويد فوتوغرافيك»، كشركة لتوريد الصور الفوتوغرافية في «روتشستر» بنيويورك، ووجدت طريقها لتحقيق النجاح الضخم في مارس 1960، عندما شحنت أول ناسخة أوراق مكتبية لها، حملت اسم «هالويد زيروكس» وكان حجمها في حجم غسالتين، ووزنها 648 رطلاً، بعدما اخترعت تقنية التصوير الأساسية المعروفة باسم «زيروجروفي» على يد الباحث، شيستر كارلسون، والتي أصبحت اسم الشركة، واستخدمت على نطاق واسع في آلات نسخ الأوراق لعقود تالية وحتى اليوم، وتطوّرت عبر الزمن لتقتحم بها سوق آلات الطباعة أيضاً. أما شركة «إتش بي» فتعود أصولها إلى عام 1938، عندما استأجر بيل هيوليت، وديف باكارد مرآباً في مدينة «بالو ألتو» بكاليفورنيا، واخترعا أول منتج لهما عبارة عن مذبذب صوت يستخدم لاختبار معدات الصوت، ثم اخترعا أول حاسب في عام 1966، ثم أول آلة حاسبة علمية محمولة في عالم 1972، والآن هي من أكبر شركات إنتاج الحاسبات الشخصية والطابعات.

دوافع الصفقة

وبحسب محللين في «وول ستريت»، فإن إتمام الصفقة سيحدث «زلزالاً» في صناعة وسوق الطباعة عالمياً، وسيعد دليلاً جديداً على استمرار انحسار عصر الورق. فالشركتان العملاقتان الآن في مرمى التغيرات الشاملة المتلاحقة والسريعة في عالم التقنية والاتصالات التي تدفع بهما إلى الزاوية تدريجياً، وتضيق عليهما المستقبل. ويقف وراءها بالأساس سطوة الأجهزة المحمولة، وفي صدارتها الهواتف الذكية، والحوسبة السحابية، وحوسبة الحافة، وغيرها من التقنيات البازغة المتسارعة، التي تغير وضعية التقنية، ويخسر فيها الحبر والورق والطباعة، أمام التحولات الرقمية العميقة واسعة النطاق.

والدلائل على هذا الوضع كثيرة، فقد اندفعت كلتا الشركتين خلال السنوات الأخيرة في مشروعات كبيرة لتحقيق العائدات، لكن الأداء المالي لهما يؤكد أن الأرباح تتضاءل عاماً بعد آخر. وبالنسبة لـ«إتش بي»، حدث تراجع ملحوظ في أعداد من يشترون أحبارها، وبعد أن كانت مبيعات الحبر مصدر الربح الكبير للشركة، باتت تتكبد خسائر في مبيعاتها من الطابعات.

والشهر الماضي، تعرضت الشركة لأوضاع غير مستقرة، حيث تنحى رئيسها التنفيذي بصورة مفاجئة لأسباب خاصة، ثم أعلنت عن خطة لإعادة الهيكلة سينجم عنها الاستغناء عما يراوح بين 7000 و9000 من موظفيها حول العالم، بحسب ما أعلن رئيسها التنفيذي الجديد، إنريك لوريس، ووصفها بأنها إجراء حاسم لمساعدة الشركة.

وبالمثل، تعتمد «زيروكس» على بيع آلات النسخ والطابعات على اختلاف أنواعها في تحقيق عائداتها، لكن المبيعات تتراجع، وانخفضت بنسب ملحوظة على مدار الأرباع السبعة الماضية. والأكثر من ذلك، أن المشروع المشترك مع شركة «فوجي» اليابانية، في صفقة قدرت بنحو 6.1 مليارات دولار، واجه مشكلات عدة، وأحدث خلافات بين كبار المستثمرين، وانتهى بإعلان «زيروكس»، الثلاثاء الماضي، عن أنها تعتزم التخلي عنه، وأنها تتوقع الحصول على ما يقرب من 2.5 مليار دولار من بيع حصتها في المشروع المشترك مع شركة «فوجي».

صعوبات الصفقة

وتكتنف الصفقة صعوبات وعقبات عدة، في مقدمتها اختلاف الحجم بين الشركتين، وأن الأصغر حجماً يسعى للاستحواذ على الأكبر، معتمداً في ذلك على تمويل من البنوك، ربما يصل إلى 30 مليار دولار، ومن ثم فهي صفقة ستكون مكبلة بأعباء الديون من الوهلة الأولى، ما يضع المزيد من التحديات بالنسبة لـ«زيروكس».

من جانبها، عبرت «إتش بي» عن تحديات عميقة تكتنف الصفقة، في ما يتعلق بالمخاطر المرتبطة بتنفيذ استراتيجية «إتش بي» وتغيير نماذج الأعمال، بما في ذلك المبيعات عبر الإنترنت، والمبيعات الشاملة والتعاقدية، وتأثير الاتجاهات والأحداث الاقتصادية الكلية، والحاجة إلى إدارة الموردين الخارجيين، وإدارة شبكة التوزيع العالمية متعددة المستويات من «إتش بي».


عامل مشترك

قال محللو «وول ستريت» إن الشركتين لديهما عامل مشترك يدفعهما لاندماج أو استحواذ أحدهما على الآخر، وهو إمكان تحقيق خفض كبير في نفقات التشغيل والتكاليف الجارية، من وراء التخفيض المتزامن للعمالة، والاعتماد على فرق موحدة في التسويق والبيع وسلاسل التوريد والتخزين، وخلافه. وفي هذا السياق، قدر أحد المصادر المطلعة في «زيروكس» التخفيض المتوقع في تكاليف العمليات، بعد اندماج الشركتين، بنحو 2.5 مليار دولار سنوياً.

تويتر