تتم بإسقاط الصور على سائل خاص لتكوين تفاصيلها داخله ثم تحويلها إلى حالة صلبة

طريقة جديدة للطباعة ثلاثية الأبعاد تعتمد على الضوء

فريق بحثي في جامعة كاليفورنيا تمكن خلال الاختبارات من طباعة العديد من الأشياء بالطريقة الجديدة. من المصدر

كشف فريق بحثي في جامعة كاليفورنيا الأميركية عن طريقة جديدة في عالم الطباعة الرقمية، تقوم على الطباعة بدقة متناهية وسرعة عالية من خلال استخدام الضوء العادي في إسقاط صور ثلاثية الأبعاد عالية الوضوح للأشياء المطلوب طباعتها، على كمية من المواد السائلة الخاصة، ثم تدوير السائل حول محوره بسرعة كبيرة أثناء تعرضه للضوء الحامل للصور، لتشكيل وطباعة تفاصيل الصورة نفسها بدقة متناهية داخل السائل الذي يتحول إلى حالة صلبة خلال وقت قصير، ليتم في النهاية طباعة محتويات الصورة على شكل ثلاثي الأبعاد من المادة السائلة التي تحولت إلى صلبة.

ونشر الفريق نتائج البحث التي توصل إليها على موقع العلوم science.sciencemag.org، مطلقاً على أسلوب الطباعة الجديد اسمين، الأول كودي وهو «الناسخ المتماثل»، والثاني علمي هو «التصنيع بالمضافات عبر إعادة البناء بالتصوير الشعاعي الطبقي».

وأشار إلى أن الأسلوب الجديد يمثل إضافة جديدة وثورية لعالم الطباعة الرقمية، حيث يتم فيه للمرة الأولى استخدام الضوء كوسيلة أساسية للطباعة ثلاثية الأبعاد.

الأشعة المقطعية

وقدمت الأستاذ المساعد للهندسة الميكانيكية في الجامعة وأحد أعضاء الفريق، الدكتورة هايدن تايلور، المزيد من التفاصيل حول أسلوب الطباعة الجديد، موضحة أن فكرته الأساسية مستوحاة من أسلوب عمل أجهزة الأشعة المقطعية واسعة الانتشار طبياً، لكن التطبيق تم بطريقة مختلفة.

وبيّنت أن التصوير بالأشعة المقطعية يعتمد على الأشعة السينية (أشعة إكس) في تكوين صورة ثلاثية الأبعاد لأعضاء الجسم الداخلية، عبر صور عدة ثنائية الأبعاد تلتقط حول محور ثابت للدوران، وتتم معالجة المعلومات والصور الناتجة عن جهاز التصوير المقطعي لتظهر أعضاء الجسم حسب قدرتها على منع مرور الأشعة السينية عبرها، ولذلك يتميز التصوير المقطعي بوضوح عالٍ جداً للصورة ويُظهِر تفاصيل العظام بشكل متناهي الدقة.

وأضافت تايلور أن الصور التي يتم الحصول عليها هي مقطَعية عرضية بطبيعتها، وكل شريحة تصوير ثنائية الأبعاد تشبه مثلاً ما نراه عندما نقطْع تفاحة إلى نصفين عبر الوسط ومن ثم ننظر إلى سطح القطع؛ فإذا بدأنا ذلك من أعلى التفاحة نزولاً إلى الأسفل فسنحصل على سلسلة من الشرائح التي تمثل التركيب الكلي، وبالاستعانة بالحاسب يمكن إعادة تركيب صور ثلاثية الأبعاد من هذه الشرائح الثنائية الأبعاد.

تحول

وأوضحت أن أسلوب الطباعة بالضوء يستلهم تلك الفكرة، حيث يتم مسح الشيء المطلوب طباعته بماسح ضوئي أو تصويره بكاميرا متخصصة أو خلافه، ثم تكوين صور ثنائية له تخزن على الحاسب، وفي خطوة تالية، يتم ربط الحاسب بجهاز من أجهزة العرض الاسقاطي «البروجيكتور»، وتسليط ضوء جهاز العرض على آلة الطباعة الجديدة، وتحديداً على أنبوب أسطواني «سلندر» مملوء بمادة «راتنجية» سائلة، جرى تطويرها بصورة خاصة لهذه المهمة.

وتابعت تايلور أنه عند بدء الطباعة، يتم إسقاط صورة الشيء المطلوب طباعته على «السلندر» وتشغيل الطابعة، فيقوم «السلندر» بالدوران حول محوره أو حول نفسه بصورة سريعة للغاية، فيما يتوالى إسقاط الضوء عليه أثناء الدوران، لافتة إلى أنه هنا تبدأ المعلومات الموجودة بصورة الشيء المطلوب طباعته في الانتقال من الحاسب إلى «البروجيكتور»، ثم يحملها الضوء المنبعث من «البروجيكتور» لتسقط على المادة السائلة وهي تدور حول نفسها بسرعة عالية.

وأشارت تايلور إلى أنه من خصائص المادة «الراتنجية» المستخدمة أن جزيئاتها وذراتها التي تتعرض لضوء حامل لمعلومات خاصة بالشيء المطلوب طباعته، تتحول من الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة، إذ يساعد دوران المادة حول نفسها على ذلك التحول، وهكذا يستمر نقل المعلومات على هذا النحو حتى تنتهي عملية الطباعة، في حين أن جزيئاتها التي تتعرض لضوء لا يحمل معلومات خاصة بالشيء المطلوب طباعته فتظل في حالتها السائلة حتي نهاية عملية الطباعة، ليتم ترشيحها وتصفيتها بواسطة جزء آخر من آلة الطباعة، ليتم في النهاية الحصول على طباعة نهائية ثلاثية الأبعاد عالية الدقة، وواضحة النعومة للشيء المطلوب طباعته.

نماذج تجريبية

وأفادت تايلور بأن الطريقة الجديدة في الطباعة لاتزال في طور التجريب، مشيرة إلى أن الفريق البحثي تمكن خلال الاختبارات من طباعة العديد من الأشياء بالطريقة الجديدة، منها نسخة طبق الأصل من تمثال المفكر «رودان»، إضافة إلى صنع كعكة دائرية عالية النعومة والمرونة، وطباعة نموذج فائق الدقة للفك السفلي للإنسان.

وذكرت أن الطباعة بتلك الطريقة لا ينتج عنها نفايات مطلقاً، لأن متبقيات المادة «الراتنجية» يعاد استخدامها في عمليات الطباعة التالية، متوقعة أن تفتح الطريقة الجديدة في الطباعة آفاقاً هائلة لتطبيقات عملية في مجالات الطب والتركيبات الصناعية والأحذية الرياضية ومجال الميكانيكا والهندسة وقطع الغيار والصناعات الفضائية وغيرها.

طباعة كلية متزامنة

أوضح الفريق البحثي أن الأسلوب الطباعي الجديد باستخدام الضوء يختلف عن أساليب الطباعة ثلاثية الأبعاد المعروفة حالياً، حيث إن الأساليب الحالية تجعل الطباعة تتم طبقة وراء أخرى، وتبني الشيء ثلاثي الأبعاد تدريجياً، بينما الطباعة بالضوء، تقوم بالطباعة الجماعية المتزامنة لكل جزئيات ومكونات الشيء المطلوب طباعته معاً وليس طبقة وراء أخرى، ما يحقق سرعة أكبر في الطباعة.

تويتر