رؤية مستقبلية متشائمة تنقلنا من «التلاعب بالعقول» إلى «التلاعب بالحواس»

تنبؤات تقنية بهيمنة نظارات الواقع المعزز واختفاء الهواتف الذكية

صورة

فيما يؤكد العديد من قادة التقنية الكبار حول العالم، أنه خلال 10 سنوات فقط من الآن، ستمضي الهواتف المحمولة الذكية إلى «أفول»، والنظارات الذكية الثلاثية الأبعاد إلى انتشار واكتساح، يرى محللون آخرون أن هذا التغيير يحمل في طياته جوانب سلبية لا يمكن تغافلها، في مقدمتها الانتقال بالبشرية من مرحلة التلاعب بالعقول والأفكار، إلى مرحلة التلاعب بالحواس والمشاعر.

فإذا كانت الهواتف المحمولة الذكية الممسوكة باليد تعرض الكثير من المحتوى الكاذب والمعلومات الوهمية، فإن النظارات الذكية الثلاثية الأبعاد ستعرض هذا الوهم والكذب أمام سنتيمترات قليلة من العين، بصورة مبهرة، تؤثر في الحواس والمشاعر وتتلاعب بها، وتلونها على غير حقيقتها.

اختفاء الهواتف

ثار هذا الجدل عقب محاضرة ألقاها المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «ماجيك لييب»، روني أبوفيتز، وهي شركة تصنع النظارات العاملة بتقنيات الواقعين الافتراضي والمعزز، وذلك خلال مشاركته في مؤتمر «كود وسائل الإعلام»، الذي نظمته مؤسسة «ريكورد» خلال يومي 12 و13 فبراير الجاري في مدينة «هانتنغتون» بولاية كاليفورنيا الأميركية.

وأكد أبوفيتز أن الهواتف الذكية ستموت في نهاية المطاف، ما جعل العديد من المحللين والخبراء يردون على هذا الأمر بالقول: «لكننا لسنا على استعداد لما سيأتي بعد الهواتف المحمولة».

العقول والحواس

وكان المحلل في شبكة «آي دي جي» المتخصصة في تقنية المعلومات، مات وينبرغر، من أبرز الذين أشعلوا الجدل حول ما قاله روني أبوفيتز، إذ نشر تحليلاً مطولاً على موقع «بيزنس إنسايدر» businessinsider.com في اليوم التالي لحديث أبوفيتز، أشار فيه إلى الأضرار الكبيرة لظاهرة الانفلات السائد عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الذي يتجسد في معضلة الانتشار السريع الواسع النطاق للمعلومات الوهمية المضللة والأخبار الكاذبة، والدور الأكبر الذي تلعبه الهواتف الذكية في هذا الأمر، واصفاً ذلك بحالة «تلاعب بالعقول»، ومعتبراً أن الانتقال للنظارات الذكية سيقود إلى «تلاعب بالحواس».

وفي حديثه أمام المؤتمر، نقل أبوفيتز فكرته قائلاً: «إذا كان بإمكان النظارات عرض رسائلك النصية، ورسائل البريد الإلكتروني، وجداول البيانات، ومحتوى الفيديو، في وقت يمكنك فيه سماع صوت مكالماتك الهاتفية وموسيقاك المفضلة من سماعة في خلفية النظارة، فلماذا تحمل هاتفاً منفصلاً ومستقلاً، كما هي الحال اليوم؟».

«موت» الهواتف

وواقع الحال أن فكرة «موت» الهواتف الذكية من القضايا المطروحة للنقاش حالياً بقوة في أروقة شركات ومحافل التقنية حول العالم، فنظارات مثل «مايكروسوفت هولولنس»، و«إنتل فانت»، وأخيراً «ماجيك لييب»، وجميعها يقول إننا نسير باتجاه الوصول إلى هذه النقطة، كما أن حديث الرئيس التنفيذي لشركة «ماجيك لييب» لم يكن الأول من نوعه في هذا السياق في التنبؤ بنهاية الهواتف الذكية، فقد سبقه المؤسس والرئيس التنفيذي لـ«فيس بوك»، مارك زوكيربرغ، العام الماضي، حينما عبر عن اعتقاده أن تقنية الواقع المعزز، أو تقنية تركيب الصور الرقمية على العالم المادي، يمكن أن تحل محل أي شيء يعرض على الشاشة، بما في ذلك الهواتف الذكية.

أما الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت»، ساتيا ناديلا، فعرض فكرة مماثلة، حينما تحدث عن «الكمبيوتر النهائي»، الذي سيحل محل الهواتف الذكية والمحمولة واللوحية معاً.

الإدمان على النظارات

من ناحية أخرى، يرى وينبرغر ومحللون آخرون أن النقاش الكبير يتركز حول فكرة الإدمان على الهاتف الذكي، وما إذا كانت النظارة الذكية ستحل محله كوسيلة يكون الإدمان عليها بصورة أكبر. وبحسب قوله فإن النظارات الذكية تقدم بديلاً جذاباً، فإذا كانت المعلومات ستصل مباشرة إلى أعيننا، فهذا يعني أنه لن تكون هناك حاجة لأن يحدق المستخدمون في مستطيلات معدنية، بل ستعرض عليهم المعلومات والمحتوى بصورة أكثر إبهاراً أمام أعينهم، وهذا يمكن أن يعني أن سلوك المشاهدة وتعقب والبحث عن المعلومات سيتغير.

لسنا مستعدين

يمضي وينبرغر إلى القول إن مصدر القلق هنا أننا كمجتمع لسنا ببساطة مستعدين للحاسبات العاملة طوال الوقت، التي تضخ المعلومات أمام أعيننا وبالقرب من عقولنا عبر نظارة مبهرة.

ويدلل على ذلك بمثال يراه صارخاً، هو أن «فيس بوك» و«غوغل» في مرمى النيران حالياً لأن كليهما متهم بنشر معلومات كاذبة ووهمية ومضللة، ويضيف أن الشركتين تتخذان خطوات لوقف المعلومات الكاذبة والمضللة بالتأكيد، مع زيادة وتحسين التحقق من الأخبار ومصادر المعلومات التي تروجها، ومع ذلك لايزال اللاعبون الأشرار في مجال المعلومات الكاذبة والوهمية، يجدون الكثير من الطرق لمواصلة عملهم.

ويتساءل وينبرغر: «ما الذي يحدث حينما يكتشف المحتالون ومروجو الأخبار الوهمية طريقة ما، لبثِّ ودسِّ الأخبار الكاذبة إلى عينيك مباشرة؟ وماذا لو بعت أريكة على موقع (غريغ ليست)، ودفعت فاتورة قيمتها الصحيحة واحد دولار، تم إظهارها على أنها 100 دولار على النظارة؟».

تويتر