في رؤية مختلفة طرحتها «أدوبي» مع استكمال منصّتها «سينسي» لمساعدة المحترفين بأعمالهم

توظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين قدرات البشر الإبـداعية

خالفت شركة «أدوبي» العالمية المتخصصة في برمجيات الرسوميات والغرافيكس وأدوات تنفيذ الأعمال الإبداعية، النهج الذي تتعامل به معظم شركات التقنية والبرمجيات حالياً في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة، حيث طرحت رؤية مغايرة تقوم على توظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين وترقية الذكاء والقدرات الإبداعية لدى البشر، ليعمل الاثنان في منظومة أو بيئات عمل يتحكم بها العقل والذكاء البشري، ويعمل فيها الذكاء الاصطناعي خادماً ومساعداً له، وذلك عكس ما تفعله معظم شركات التقنية الأخرى التي تطرح تقنيات وحلول قائمة على الذكاء الاصطناعي الذي يعمد مباشرة إلى منافسة الذكاء البشري والحلول محلّه. وجسدت «أدوبي» هذه الرؤية عملياً في منصة ذكاء اصطناعي جديدة تحمل اسم «سينسي» التي تساعد المبدعين المحترفين في القيام بأعمالهم، وتحسين قدراتهم الإبداعية.

«سينسي» تعمل على خدمة المبدعين، وتساعدهم في تنمية ملكاتهم.

المنصة الجديدة تبدو أقرب إلى مساعد صوتي يعمل بالذكاء الاصطناعي.

منتجات أخرى

شهد مؤتمر شركة «أدوبي» السنوي، الإعلان عن العديد من المنتجات الجديدة إلى جانب منصة الذكاء الاصطناعي «سينسي»، إذ تم الإعلان عن تحديثات لمعظم تطبيقات الشركة في نظام «آي أو إس»، بحيث تحقق هذه التحديثات ميزات جديدة تركز على تصميم الأشكال، كما طرحت الشركة نسخة جديدة من أدوات البرمجة للمطورين «إس دي كيه».

وظهر خلال المؤتمر تحسين جديد على تطبيق «أدوبي كيولير» الذي يتيح للمستخدمين إنشاء لوحات الألوان باستخدام أي صورة، بعد أن تم تغيير اسمه إلى «أدوبي كلر سي سي». وتم أيضاً الكشف عن تطبيقين جديدين لتصوير شاشة الهاتف، حيث يحولان أي صورة الى فرشاة، ليتم استعمالها في تطبيق «فوتوشوب».

وطرحت «أدوبي» رؤيتها خلال مؤتمر الشركة السنوي «أدوبي ماكس» الأخير، الذي عقد في مدينة لاس فيغاس الأميركية، والذي يعد أكبر تجمّع سنوي للمبدعين في مجالات الرسم والموسيقى والتصميم والسينما والنحت والإبداع التشكيلي، وغيرها.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها «أدوبي» عن منصة «سينسي» للذكاء الاصطناعي، إذ إنه سبق وذكرتها في مؤتمر العام الماضي، لكن هذا العام ظهرت المنصة بعد استكمال نماذجها الأولية، وبناء معظم خواصها وقدراتها العملية، وقدمتها «أدوبي» باعتبارها تجسيداً لرؤيتها الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، لا مجرد مشروع يجري الحديث عنه.

فهم عميق

ومن خلال البث الحي لفعاليات المؤتمر، عبر موقعه max.adobe.com، والذي تابعته «الإمارات اليوم»، بدا واضحاً حرص مديري «أدوبي» على تقديم توضيحات حول رؤية الشركة الجديدة وما تعنيه بالضبط. وقال رئيس «أدوبي»، أباهي باراسنيس، في الخطاب الافتتاحي للمؤتمر: «نحن لا نبني منصة ذكاء اصطناعي للأغراض العامة مثل الآخرين في الصناعة، وشيء عظيم أنهم يبنون ذلك، لكن لدينا فهم عميق حول الكيفية التي يعمل بها محترفو الإبداع في التصوير وفي الفيديو والتصميم والرسم والنحت وغيرها، لذلك استمعنا لهؤلاء وأخذنا منهم في مجالات شديدة التخصص».

وأضاف باراسنيس: «هذا ما جاء منه القسم الأعظم من منصة (سينسي) التي تعمل على خدمة هؤلاء المبدعين وتساعدهم في تنمية ملكاتهم الإبداعية وما لديهم من ذكاء، فحينما يمضي أفضل المصممين ساعات على برنامج (فوتوشوب) من أجل عمل إبداعي، نتساءل ما هي الأشياء الأخرى التي يفعلونها وربما تكون أكثر أهمية، وما هي الأشياء التي لا يفعلونها». وتابع: «نحن نحاول تسخير ذلك ومزجه مع الخوارزميات التي يمكنها فعلياً أن تصبح شريكاً لمثل هؤلاء المبدعين المحترفين، وهذا الى حد كبير محور الفكرة الأساسية لكيفية تخطيط (أدوبي) لاستخدام الذكاء الاصطناعي لديها في المضي للأمام».

إمكانات «سينسي»

ولم يتوقف الأمر عند كلمات رئيس الشركة، حيث استعرض رئيس معامل «أدوبي»، ديفيد نويشيلر، إمكانات وخصائص منصة «سينسي» أمام المؤتمر، باعتبارها التجسيد العملي لرؤية «مساعدة الذكاء البشري لا الحلول محلّه»، قائلاً: «لو لديك المئات من الصور، تضم (بورتريهات) للوجوه وملصقات أفلام سينما، فأنت لديك مخطط كبير، لكن الآن تحتاج الى صورة أو صورة عدة لها علاقة بموضوع بعينه، وهنا تكون منصة (سينسي) جاهزة، وقادرة على مساعدتك في العثور على هذه الصورة المحددة، لأنها عملت سلفاً على ترميز وتصنيف كل صورك بتفاصيل مثل ذلك».

وعرض نويشيلر أمام الحاضرين كيف تقوم «سينسي» بتصنيف وترتيب الصور اعتماداً على موضوع بحث المستخدم، وتصنفها من اليمين لليسار.

كما عرض كيف ينتقل المصمم من رسم يتم تغذيته في «سينسي» من أجل الترميز، الى العثور تلقائياً على مخزن صور يتناسب مع موضوع الرسم، الى ملصق كامل لفيلم ذي علاقة. وأوضح كيف تظل «سينسي» تتبع وترصد كل قرار تصميم يتخذه المصمم، لتنشئ ما تطلق عليه «أدوبي» الرسم البياني الإبداعي، ثم تسمح للمبدع أو المصمم بأن يعود للوراء عبر الزمن ليرى كيف يمكن لقرار مختلف أن يغير النتيجة النهائية، وذلك من دون أن يلمس أو يغير المنتج النهائي الذي توصل إليه. وكملاحظة جانبية عرض نويشيلر أيضاً كيف تحدد منصة «سينسي» تلقائياً خلفية الصورة أو إلغاءها.

مساعد صوتي

وفي هذا العرض، تبين أن «سيسني» في مجملها أقرب إلى مساعد صوتي يعمل بالذكاء الاصطناعي. وقال مديرو «أدوبي» إن الهدف أن تتحول «سينسي» في النهاية إلى تطبيق ذكي، على غرار مساعدي «غوغل» و«أبل» الرقميين، وغيرهما، بحيث يمكنه تنفيذ الكثير من الأمور عن طريق الأوامر الصوتية فقط دون الحاجة إلى تدخل مباشر من المستخدم.

وأضاف المديرون أنه عندها يصبح بإمكان المصمم أو المبدع طلب تنفيذ بعض التأثيرات على الصور بشكل صوتي، فضلاً عن دور «سينسي» في تحليل الصور المستوردة إلى المكتبة للعثور على الوجوه فيها، ومن ثم فرزها على حسب صفاتها الأساسية لتسهيل الوصول إليها في ما بعد، موضحين أنه بالنسبة للصور المكررة، ستقوم «سينسي» بتجميعها وإخفائها بحيث يمكن للمستخدم استعراض مجموعة أكبر من الصور، مع إمكانية استعراض المتشابهة بشكل سريع لاختيار المناسب منها.

وأشاروا إلى أن خطة «أدوبي» الموضوعة في هذا السياق، تتضمن دمج «سينسي» في «فوتوشوب» كخطوة أوليّة، ثم دمجها في تطبيق «إكس دي» الذي يسمح بتصميم الواجهات لشاشات الهواتف والحواسب بسهولة تامة.

تويتر