توقعات بزيادة عددها من 2000 إلى 5000 شركة خلال 3 أعوام

شركات التكنولوجيا الناشئة تُكافح لإصلاح الاقتصاد الأوكراني

أوكرانيا تسعى لتغيير اقتصادها الضعيف بعيداً عن الصناعات التقليدية والمُسببة للتلوث تجاه الاعتماد على التكنولوجيا الفائقة. غيتي

يسعى رواد الأعمال الطموحون في أوكرانيا إلى تغيير اقتصاد بلادهم الضعيف والمُمزق بفعل الأزمات السياسية والعسكرية المُتتالية، ويبذلون جهودهم لتحويله بعيداً عن الصناعات التقليدية والمُسببة للتلوث التي تدعمها الحكومة ويتحكم فيها حفنة من المُحتكرين تجاه الاعتماد على التكنولوجيا الفائقة. وعلى الرغم من الصعوبات التي تُواجه شركاتهم الناشئة، التي يتوقع أن يرتفع عددها من 2000 شركة حالياً إلى 5000 شركة خلال ثلاثة أعوام، إلا أن هذه الشركات لا تفتقر إلى قصص نجاح وآمال بالمزيد منها خلال السنوات القليلة المُقبلة.

 

ولا تُلاقي معظم الشركات الناشئة في الدول الغربية تحديات مُماثلة. وأكد بعض المُحللين والساسة الأجانب أن استعداد الشركات الأوكرانية لمُستقبل يعتمد على التكنولوجيا والابتكار وسيلة لتحرير البلاد بأكملها من مُشكلاتها. ومن بين المشروعات الناشئة في أوكرانيا «إم 2 إبرو» M2Epro التي يُديرها ألكس بدبريهورا وشقيقه في مدينة دنيبروبتروفسك جنوب شرقي العاصمة كييف. وتضم منتجاتها الأولى منصات إلكترونية لتداول النقد الأجنبي وأنظمة لإدارة المستودعات للمستثمرين الأجانب. وقال بدبريهورا إن «النزاع مع روسيا أثار المخاوف والقلق أحياناً، وذلك حين قاد انفصاليون تدعمهم روسيا تمرداً في منطقة دونباس القريبة في مطلع عام 2014، ما هدد استقرار مدينة دنيبروبتروفسك». وذكر أن الحرب كانت على مسافة 90 كيلومتراً فقط وما تبع ذلك من هجوم على الطلاب المُوالين لأوكرانيا، الأمر الذي أثار قلق شركة «إي باي» الداعم والمُمول الرئيس لشركته الناشئة.

وفي ظل تلك الظروف، نقل بدبريهورا 11 مطوراً وأجهزتهم إلى شرقي بولندا، قبل أن تتحسن الأوضاع مُجدداً. وبعدها تعاونت «إم 2 إبرو» مع «إي باي» لتطوير منتجات للتجارة الإلكترونية، وبرنامج يسمح للتجار باستخدام منصات عدة مثل «أمازون» و«إي باي» و«راكوتين» في الوقت نفسه. وبعد ثمانية أعوام على انطلاقها تتجه الشركة الناشئة إلى تحقيق الأرباح.

وأكد المُحلل والمستشار الرئاسي السابق، فاديم كاراسيوف، أن تكنولوجيا المعلومات تختلف عن الأعمال التجارية التي يحتكرها قلة مثل الفحم والصلب والمعادن، وتحتاج إلى مستثمرين غربيين من أجل الازدهار. وأضاف أن النزاع في دونباس بحاجة إلى حل، كما يحتاج اقتصاد البلاد إلى إصلاحات من أجل إتاحة ظروف أفضل لعمل الشركات الصغيرة والمتوسطة. ولكن حتى دون إنجاز هذه التغييرات المنشودة، يستشرف البعض مُستقبلاً مُشرقاً لمجال التكنولوجيا في البلاد. وتوقع مؤسس ورئيس شركة «أفنتشرز كابيتال» AVentures Capital للاستثمار، أندريا كولديوك، ارتفاع عدد الشركات الأوكرانية المُبتدئة في قطاع تكنولوجيا المعلومات من 2000 شركة حالياً إلى 5000 شركة خلال ثلاثة أعوام. ويُوزع كولديوك وقته بين أوكرانيا ووادي السيليكون في الولايات المتحدة الأميركية.

وأوضح كولديوك أن عام 2015 شهد ضخ أكثر من 100 مليون دولار من الأموال الخاصة في الشركات الناشئة في أوكرانيا، لافتاً إلى قصة نجاح فيكتور شابروف الذي أسس «لوكسري» Looksery التي قدمت تطبيقاً لتحسين الصور في عام 2013، واشترت «سناب شات» الشركة بعد عامين نظير 150 مليون دولار.

وكحال الكثير من الشركات التي أسسها أوكرانيون، عملت «لوكسري» في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية. وتُوظف أغلب الشركات الناشئة مطورين للبرمجيات في أوكرانيا، لكن تُسجل عملها في أوروبا أو الولايات المتحدة من خلال مكتب تسجيل في العاصمة البريطانية لندن، من أجل إرضاء العملاء والمستثمرين الغربيين. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «يو تيم» YouTeam، أنطون ميتشينكو: «يُمثل مكتب لندن نقطة جذب رئيسة للبيع بالنسبة لنا». ويعمل مع شركته أربعة موظفين في لندن، وأربعة آخرون في مدينة لفيف الأوكرانية، وتُساعد غيرها من الشركات الناشئة على إطلاق أعمالها على الصعيد الدولي.

وكان اجتذاب جمهور دولي أحد التحديات التي واجهت أوكسانا بوريسينكو، مُؤسسة شركة «إنيبل توك» Enable Talk. وطورت شركتها قفازات مُزودة بأجهزة استشعار تُترجم لغة الإشارة إلى نصوص تظهر على شاشة هاتف محمول، في مسعى لتيسير الاتصالات بين الصُم وغيرهم.

وتُقدم بوريسينكو استشارات لوزير التنمية في أوكرانيا، كما ترأس جمعية التجارة «ديجيتال أوكرانيا». وتتعاون مع مراكز تكنولوجيا المعلومات في مدن كييف ولفيف وخاركيف وأوديسا، كما تُدرب بوريسينكو رواد الأعمال حول أساليب العمل في الشركات في ما يخص المبيعات والتسويق وكيفية تسجيل أفكارهم وحمايتها.

وتقلق بوريسينكو أكثر حيال مسألة هجرة العقول والكفاءات الأوكرانية إلى خارج البلاد، وينقل المستثمرون الأجانب فرق العمل المُتخصصة في تكنولوجيا البلاد إلى بلدان أخرى مثل بولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا باعتبارها أكثر أمناً. وأكدت الشركة أن الشركات الناشئة في أوكرانيا تستطيع إحداث تغيير ثوري في اقتصاد البلاد، فقط إذا لم يكن هناك حرب.

ويُحاول عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، إعادة استخدام مركز الأعمال المهجور «بيونيك هيل آي تي» Bionic Hill IT، كما يُسهم في تطوير مشروع يحمل اسم «سيد فورم أوكرانيا»Seed Forum بدعمٍ من حكومة النرويج، وهو منتدى يجمع بين رواد الأعمال المُحتملين والمستثمرين.

وعلى الرغم من النزاع مع روسيا والمشكلات الأخرى، يبدو قطاع تكنولوجيا المعلومات في أوكرانيا مُتفائلاً بشأن المُستقبل. وقال مُستثمر رأس المال المُغامر، أندريا كولديوك، إن «أوكرانيا تتخصص في إنترنت الأشياء وتكنولوجيا (بلوك تشين) اللازمة للعملات الرقمية و(بيتكوين)». واعتبر كولديوك أن وصول إحدى الشركات الأوكرانية الناشئة إلى تقييم مليار دولار أمر قريب المنال، ويُشار إلى هذه الشركات عادةً باسم «يونيكورن». وقال: «سيكون هناك (يونيكورن) خلال خمسة أعوام لمؤسسين من جذورٍ أوكرانية».

 

 

تويتر