35 منهم انتحروا نتيجة شعورهم بالإحباط

مدير شركة سابق يحاكم بتهمة ممارسة ضغوط على موظفيه

لومبارد يصل إلى المحكمة ويمكن أن يعاقب بالسجن لمدة عام ودفع غرامة. أ.ف.ب

مثُلت شركة «فرانس تلكوم»، ورئيسها التنفيذي السابق ديدير لومبارد، الأسبوع الماضي، أمام المحكمة بتهمة وضع نظام من ممارسة الضغوط النفسية في العمل، بهدف التخلص من أكبر عدد ممكن من الموظفين، الأمر الذي أدى - وفق المحققين - إلى حدوث موجة من حالات الانتحار، بلغت 35 حالة في أقل من عامين.

وخلال أول حالة من نوعها بالنسبة لشركة بضخامة فرانس تلكوم، يواجه الرئيس التنفيذي السابق لومبارد وستة من زملائه السابقين تهماً «بالتحرش»، تهدف إلى إيجاد «سياسة في الشركة، بقصد زعزعة الوضع النفسي لموظفيها وعملائها، عن طريق إيجاد جوٍّ عمل متوتر».

وتمت خصخصة شركة تلكوم عام 2004، وهو الأمر الذي نجمت عنه إعادة هيكلة وخسارة الكثيرين وظائفهم. وتقول النقابات العمالية إن الإدارة لجأت لهذا النظام في العمل، لإجراء تغييرات سريعة في الشركة، بالنظر إلى أنها تواجه منافسة شرسة، منذ أن رفعت الحكومة يدها عن الشركة. وبعد مرور عامين، وبعد أن أصبحت سوق الاتصالات في فرنسا بحالة من الاضطراب، في وقت لا يمكن فيه إقالة أيٍّ من موظفي القطاع الحكومي، ابتكر لومبارد خطة إدارية توضح علناً أنه يريد التخلص من 22 ألف موظف، خلال ثلاث سنوات. وكان المديرون يعملون كل ما بوسعهم، لدفع الموظفين إلى الاستقالة.

وقال المحققون إن الهدف من هذه الخطة هو إحباط معنويات الموظفين، بأي طريقة يرونها مناسبة للتخلص منهم. وتضمنت الخطة إرسال الموظفين بعيداً عن عائلاتهم لأوقات طويلة، وإجبار الأمهات على العمل في أماكن تضطرهن إلى ركوب السيارة لساعتين يومياً، للوصول إلى مكان العمل، أو تجاهل العديد من الموظفين عند تغيير المكاتب، بحيث يبقون دون مكاتب أو حتى مقاعد يجلسون عليها.

معاملة سيئة

وقال قضاة التحقيق إن الموظفين واجهوا تغيرات بصورة عشوائية، وعلى نحو متكرر، ودعوات متكررة للاستقالة، وترك الشركة، والتنقل الإجباري، والمهمات المهينة والعزل. ونجحت هذه الاستراتيجية، ولكن الاتحادات تقول الآن إنه في غضون عام، أي في الفترة ما بين 2008 و2009، انتحر 35 موظفاً، نتيجة تعامل الإدارة الرهيب معهم، حيث قام أحد الموظفين بنحر نفسه خلال اجتماع، وترك آخر رسالة يقول فيها إنه لم يتمكن من تحمل كل هذا التوتر، الذي تفرضه «الإدارة من خلال حالة الإرهاب»، وبعد مرور شهرين، قتلت امرأة عمرها 32 عاماً نفسها بمكتبها في باريس، بينما كانت زميلتها في العمل تنظر إليها بهلع. وبعد ذلك ترك آلاف الموظفين هذه الشركة، نتيجة المعاملة السيئة التي تعرضوا لها.

وعندما طلب من لومبارد أن يشرح أسباب حالات الانتحار هذه، أجاب بأنها ربما «نوبة جنون» أصابتهم. لكنه اعتذر - في ما بعد - عن هذه «النكتة السمجة»، وتنحى عن المنصب عام 2010.

وخلال تسع سنوات من التحقيق، ركز قضاة التحقيق على حالات لـ39 موظفاً انتحر منهم 19 شخصاً، وحاول 12 آخرون الانتحار، وثمانية عانوا حالات اكتئاب شديدة.

وأنكر كبار المديرين وجود أي مخطط لديهم للتخلص من الموظفين، وقالوا إنهم كانوا يفعلون ما بوسعهم، للحفاظ على الشركة في أوقات صعبة. لكن بعد الاطلاع على الوثائق ومقابلة العديد من الشهود، قال المدعون العامون إن المديرين كانوا «مدربين على إحباط موظفيهم»، وقال قضاة التحقيق إن التحرش الأخلاقي كان «منظماً في الشركة، من قبل المديرين».

ويواجه المدير التنفيذي لومبارد، ونائبه لويس بيير وينز، ومدير الموارد البشرية أوليفيير باربروت، عقوبة السجن لمدة عام كأقصى حد، وغرامة قدرها 15 ألف يورو. ويواجه مديرون آخرون تهمة المشاركة في أعمال إحباط الموظفين، ودفع بعضهم إلى الانتحار. وتواجه الشركة ذاتها دفع غرامة قدرها 75 ألف جنيه إسترليني، لكنَّ المتهمين أنكروا كل هذه التهم.. ولاتزال المحكمة مستمرة.

شعور بالأسف

من جهته، قال رافائيل لوفرادو (56 عاماً)، الذي انتحر والده في أبريل 2011، بعد أن أشعل النار في نفسه، إنه آسف، لأن قضاة التحقيق لم يستأنفوا التحقيق، ويوجهون تهم القتل غير العمد إلى مديري الشركة في حينها، «الأمر الذي عرض حياة آخرين للخطر»، وأضاف: «كانت خطتهم الأساسية الضغط على الموظفين لدرجة تفوق التحمل، وكانوا يعرفون أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى القتل والانتحار».


- خطة تضمنت إرسال الموظفين بعيداً عن عائلاتهم

لأوقات طويلة، وإجبار الأمهات على العمل في

أماكن تضطرهن إلى ركوب السيارة لساعتين يومياً،

للوصول إلى مكان العمل، أو تجاهل العديد من

الموظفين عند تغيير المكاتب، بحيث يبقون دون

مكاتب أو حتى مقاعد يجلسون عليها.

- أنكر كبار المديرين وجود أي مخطط لديهم للتخلص

من الموظفين، وقالوا إنهم كانوا يفعلون ما

بوسعهم، للحفاظ على الشركة في أوقات صعبة.

لكن بعد الاطلاع على الوثائق، ومقابلة العديد من

الشهود، قال المدعون العامون إن المديرين كانوا

«مدربين على إحباط موظفيهم».

تويتر