المرصد

الإعلام الروسي يتوقع حرباً أهلية في أميركا

تشهد الولايات المتحدة، هذه الأيام، منافسة محمومة في خضم حملة انتخابية يشوبها خلاف سياسي حاد. ولعل أكبر المستفيدين من بين خصوم أميركا، روسيا، التي ركز إعلامها الرسمي وغيره على الانتخابات النصفية بشكل غير مسبوق. وقد وصفت وسائل إعلام روسية ما يجري في أميركا بالأجواء التي سبقت الحرب الأهلية في 1861.

نُشرت عشرات المقالات، خلال الأيام الماضية، في بعض المواقع الإخبارية الأكثر شعبية في البلاد، قبيل انتخابات الكونغرس المثيرة للجدل في الولايات المتحدة، وكلها تشير إلى أن الأميركيين قد يحولون مسدساتهم وبنادقهم ضد بعضهم بعضاً. وأفادت وكالة الأنباء الروسية بأن «الانتخابات الرئاسية المقبلة، يمكن أن تؤدي إلى انقسام نهائي في المجتمع الأميركي، وتفجر حرباً أهلية جديدة».

في الواقع، هناك معركة سياسية وثقافية على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن في حين أن الانقسامات في البلاد تبدو مقلقة، يقول المراقبون إنه لا توجد بوادر لحرب أهلية وشيكة. وتشير الأدلة إلى أن اليمين المتطرف واليسار المتطرف هما أقليات كثيرة الصخب.

وفي حين أنه ليس من الواضح كيف قرر الكثير من المواقع الإخبارية الروسية تضخيم المسألة، إلا أن القصص التي تسعى لتقويض الإيمان بالديمقراطية الغربية بين الجماهير الروسية، هي من بين اهتمامات الإعلام الروسي، الذي تسيطر الدولة على معظمه. إن الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة تنجرف نحو حرب أهلية، هي موضوع متكرر في وسائل الإعلام الروسية، ويدخل ذلك ضمن حملة التضليل التي تستهدف أميركا.

وبعد البلبلة التي حدثت في أعقاب الانتخابات الرئاسية، أصبحت السياسة الأميركية مادة دسمة في الإعلام الروسي، لأسباب مختلفة منها الرغبة في تشتيت انتباه الرأي العام الروسي، وصرف الناس عن مشكلاتهم الحقيقية. وقد تراجعت شعبية الرئيس فلاديمير بوتين بشكل واضح، منذ أن أعلنت الحكومة الروسية عن خطط لرفع سن التقاعد في وقت سابق من هذا العام. وبدا واضحاً أن هناك درجة ملحوظة من التنسيق بين وسائل الإعلام الروسية.

هذه طريقة أخرى يتم بها التلاعب المزعوم بوسائل الإعلام الاجتماعية الأميركية في مصلحة الكرملين؛ وذلك من خلال تشويه سمعة الديمقراطية الغربية. المواجهة المتزايدة مع الغرب والتركيز عليها على القنوات التلفزيونية الروسية ربما ساعدت في تعزيز هذا التأثير في بلد تحت الحصار؛ وبات الولاء للرئيس أمراً لا يتعلق فقط بالتأييد المطلق، بل بالأمن القومي والهوية الوطنية.

وفي وقت اختفى فيه العديد من الروس المتهمين بالتدخل في حملة الولايات المتحدة لعام 2016، انتقل آخرون إلى مهام أخرى. فيما أغلق البعض منصاتهم وصفحاتهم على وسائل الإعلام الاجتماعية.

ويبدو أن حملة التضليل والتشكيك ستستمر، في وقت تتناقل فيه أنباء عن تحضير أميركي لهجوم إلكتروني وشيك على المصالح الروسية. لكن هل تلقى الحملة الروسية المستمرة آذاناً صاغية في أميركا، البلد الذي يزداد تشتتاً يوماً بعد يوم؟! ربما تكون الديمقراطية الأميركية راسخة بما يكفي للوقوف في وجه هذه الهجمة الشرسة، لكنّ الأميركيين بحاجة لإعادة تقييم تجربتهم الانتخابية - على الأقل - قبل أن تصبح مناسبة للفرقة والتناحر السياسي.

• على الرغم من أن الانقسامات في البلاد تبدو مقلقة، فإن المراقبين يقولون إنه لا توجد بوادر لحرب أهلية وشيكة.

تويتر