بعد وصوله إلى حالة الدولة الفاشلة

الولايات المتحدة تستطيع منع انهيار لبنان

صورة

قبل وقت قصير من عطلات ديسمبر، بعث عضوي الكونغرس الأميركي الديمقراطي بوب مينينديز، والجمهوري جيم ريشي، وهو عضو بارز في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، برسالة صريحة إلى القادة اللبنانيين، مفادها: إذا لم تحققوا تقدماً ستواجهون العقوبات.

وبعد القيام بالعديد من الرحلات إلى لبنان العام الماضي، التي قام بها مسؤولون من الكونغرس، بات من الواضح أن الولايات المتحدة تواصل لعب دور القيادة الحيوية، ليس فقط من أجل مساعدة لبنان كي يتعافى من أزمته التاريخية، وإنما كي تعيد بناء مؤسساته أيضاً ليصبح دولة بقيادة شفافة ذات توجهات إصلاحية على الصعد السياسية والمالية. وثمة إجماع كبير في مجتمع صناعة السياسة تعكسها رسالة عضوي الكونغرس، إضافة إلى موجز سياسي وضعه 20 خبيراً رائداً في السياسة اللبنانية الأميركية، التي تفيد بأن ثمة حاجات لتشكيل إطار دولي جديد لتحفيز قيام حكم أفضل في لبنان. ويجب على الولايات المتحدة أن تقود هذه الجهود الآن، لأن لبنان على شفير الانهيار.

انتخاب الرئيس

وتتمثل أهم الأولويات بالنسبة للقادة المنتخبين في لبنان والأحزاب السياسية في انتخاب رئيس ذي توجهات إصلاحية، وبعيد عن الفساد، وملتزم بمعالجة حاجات الشعب. ويجب أن يتبع هذه الحاجات تشكيل حكومة فعالة، ولايزال لبنان بلا رئيس منذ نهاية أكتوبر الماضي.

ويجب على الولايات المتحدة استخدام جميع الأدوات المتاحة، وفق ما تدعو إليه رسالة الكونغرس، من أجل الضغط على قادة لبنان لانتخاب رئيس للبلاد، وتشكيل حكومة يمكن أن تبشر بالإصلاحات في الدولة التي تحتاج إليها بشدة، وليس هناك وقت لإضاعته.

وتعتبر معاناة الشعب اللبناني نتيجة كارثية لفساد النخبة المالية والسياسية اللبنانية، التي استفادت من خلال برامج خداع نجم عنها إنهاك العملة وجعلها بلا قيمة، وحدوث أزمة في القطاع المصرفي. وخلال هذا الوقت، أجّل القادة المنتخبون في لبنان تنفيذ الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي، وهي ضرورية من أجل الحصول على دعم الصندوق لإعادة تأهيل اقتصاد الدولة.

متطلبات صندوق النقد الدولي

وأوضحت الولايات المتحدة أن تنفيذ متطلبات صندوق النقد الدولي مسألة ضرورية من أجل تعافي لبنان الاجتماعي والاقتصادي، والحصول على الدعم المستقبلي من واشنطن والمجتمع الدولي. ونتيجة للأزمة الحاصلة في الدولة يعيش نحو 80% من سكان لبنان البالغ تعدادهم 6.5 ملايين نسمة واللاجئين تحت خط الفقر. وتم تجاهل قطاعي الصحة والتعليم على الصعد كافة، وباتت أضخم الجامعات في لبنان، وهي الجامعة اللبنانية، لا تملك الورق اللازم من أجل إجراء الامتحانات. وبينما ينحدر لبنان إلى حالة الدولة الفاشلة، ثمة فرصة قوية لأن تنجر الولايات المتحدة أكثر في مهمة طويلة وصعبة بصورة متزايدة لحماية مصالحها في المنطقة، ومواجهة الوجود المتزايد لكل من روسيا وإيران.

الكهرباء في لبنان

وسيكون إصلاح الكهرباء هو المنطقة التي تستطيع فيها الولايات المتحدة أن تظهر قيادتها التي تؤثر بصورة ملموسة على ملايين اللبنانيين. وفي الوقت الحاضر، يتلقى اللبنانيون الكهرباء لمدة ساعة أو ساعتين يومياً، نتيجة الفساد، وعدم الكفاءة في قطاع الكهرباء. ومن دون هذا المصدر الحيوي للطاقة، سيكون من المستحيل تحقيق الاستقرار الاقتصادي، كما أن حياة اللبنانيين ستتدهور باستمرار.

ويعتبر اتفاق بلاد الشام للطاقة، الذي سيؤدي إلى استيراد الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان، حلاً رئيساً لأزمة لبنان، شجعت عليه الولايات المتحدة. ويلعب لبنان دوراً لا يقل أهمية، بالنظر إلى أن وزارة الطاقة اللبنانية يجب أن تعمل على تشكيل سلطة تنظيم الكهرباء الحيادية سياسياً، وتقترح برنامجاً مستداماً لاسترداد تكاليف التعافي، باعتباره شرطاً ضرورياً كي يقوم البنك الدولي بدعم المشروع، وهذا أمر مهم جداً، لأن إيران عرضت على لبنان «هدية» تقديم الوقود لمنشآت الكهرباء اللبنانية لتجنب تعقيدات العقوبات.

القوات المسلحة اللبنانية

ويظل دعم القوات المسلحة اللبنانية أحد أقوى الدعائم بالنسبة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وبالنظر إلى افتقار الحكومة لدفع رواتب الجنود بسبب الأزمة الاقتصادي في الدولة، فإن الدعم المعيشي لمرة واحدة، الذي تقدمه الولايات المتحدة لعائلات العسكريين في القوات المسلحة اللبنانية والقوات الأمنية في لبنان يعتبر مسألة حاسمة، ويأتي جنباً إلى جنب مع تشجيع حلفاء الولايات المتحدة لمواصلة تقديمهم الدعم. ويعتبر الدعم المستمر للقوات المسلحة اللبنانية أمراً ضرورياً إذا كان لبنان يريد السيطرة على أمنه وحماية سيادة أراضيه ضد كل أعدائه وأعداء الولايات المتحدة.

وأظهرت الولايات المتحدة قيادتها التي لا يمكن الاستغناء عنها في تسهيل اتفاق الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، الأمر الذي أدى إلى تجنب حرب أخرى. ويجب على الولايات أن تظهر الإصرار ذاته في قيادة المجتمع الدولي، خصوصاً لشركائها في أوروبا والخليج، للضغط على قادة لبنان المنتخبين لانتخاب رئيس يكون نظيفاً، وقادراً، ومستعداً لتنفيذ الإصلاحات التي تعالج حاجات لبنان. وإذا تمكنت الولايات المتحدة من إعطاء الأولوية لاستجابة لبنان الآن، ستتجنب مزيداً من التدهور الذي سيكون بمثابة ثمن باهظ يجب دفعه في ما بعد.

• تتمثل أهم الأولويات بالنسبة للقادة المنتخبين في لبنان والأحزاب السياسية في انتخاب رئيس ذي توجهات إصلاحية وبعيد عن الفساد، وملتزم بمعالجة حاجات الشعب.

• يجب على الولايات المتحدة استخدام جميع الأدوات المتاحة من أجل الضغط على قادة لبنان لانتخاب رئيس للبلاد، وتشكيل حكومة يمكن أن تبشر بالإصلاحات في الدولة التي تحتاج إليها بشدة. وليس هناك وقت لإضاعته.

• سيكون إصلاح الكهرباء هو المنطقة التي تستطيع فيها الولايات المتحدة أن تظهر قيادتها التي تؤثر بصورة ملموسة على ملايين اللبنانيين.

• نتيجة للأزمة الحاصلة في الدولة يعيش نحو 80% من سكان لبنان البالغ تعدادهم 6.5 ملايين نسمة واللاجئين تحت خط الفقر.  

إدوارد غابريل.. سفير أميركي سابق في المغرب 

تويتر