الفكرة تثير جدلاً واسعاً.. ومجلس المدينة يدرس الفوائد والمخاطر

شرطة سان فرانسيسكو تتجه لاستخدام «الروبوتات القاتلة»

صورة

يدرس مجلس مدينة سان فرانسيسكو إمكانية الاستعانة بالروبوتات في مهام الشرطة. ويدرس المسؤولون مقترحاً من شأنه أن يسمح لشرطة سان فرانسيسكو باستخدام الروبوتات كقوة مميتة ضد المشتبه فيهم. وأصبح قانون ولاية كاليفورنيا الجديد ساري المفعول هذا العام، والذي يتطلب من كل بلدية في الولاية أن تحدد الاستخدامات المصرح بها لجميع المعدات العسكرية في وكالات إنفاذ القانون المحلية الخاصة بها.

وكانت المسودة الأصلية لمشروع شرطة سان فرانسيسكو غير مكتملة بشأن مسألة الروبوتات، وأضاف آرون بيسكين، وهو عضو في مجلس المشرفين بالمدينة، سطراً إلى المسودة الأصلية للاستراتيجية الأمنية، التي تنص على أنه «لا يجوز استخدام الروبوتات لاستخدام القوة ضد أي شخص»، إلا أن الجملة شُطبت لاحقاً.

ويوضح الاقتراح المعدل أنه «لن يتم استخدام الروبوتات كخيار قاتل إلا عندما يكون خطر فقدان الأرواح لأفراد الجمهور أو الضباط وشيكاً، ويفوق أي خيار آخر للقوة متاح».

اكتساب الوعي

ولدى شرطة سان فرانسيسكو حالياً 12 روبوتاً عاملاً، ويتم التحكم فيها عن بعد، وعادة ما تستخدم لاكتساب الوعي بالموقف، ومسح مناطق معينة قد لا يتمكن الضباط من الوصول إليها، كما أنها تُستخدم للتحقيق في وجود قنابل محتملة وإبطالها، أو المساعدة في مفاوضات الرهائن.

ويقول بيسكين، إن الكثير من المعدات العسكرية التي تم بيعها إلى المدن لاستخدامها من قبل دوائر الشرطة صادرة عن الحكومة الفيدرالية، ولكن لا يوجد الكثير من اللوائح المتعلقة بكيفية استخدام الروبوتات، موضحاً «سيكون من الرائع أن تصدر الحكومة الفيدرالية تعليمات أو إرشادات، وفي الوقت نفسه، نحن نبذل قصارى جهدنا لنصل إلى الهدف».

وأثارت فكرة السماح للروبوتات بالقتل في بعض الأحيان الكثير من الجدل. وفي أكتوبر، وقع عدد من شركات صناعة الروبوتات، بما في ذلك «بوسطن داينامكس» التابعة لشركة «هيونداي»، خطاباً مفتوحاً، يقول إنه لا ينبغي تسليح الروبوتات ذات الأغراض العامة.

ويقول أستاذ القانون وعلوم المعلومات بجامعة واشنطن، ريان كالو، الذي يدرس الروبوتات، إنه كان قلقاً منذ فترة طويلة بشأن زيادة عسكرة قوات الشرطة، لكن وحدات الشرطة في جميع أنحاء البلاد قد تنجذب إلى استخدام الروبوتات لأنها «تسمح للضباط بالسيطرة على شخص خطر دون تعريض أنفسهم للأذى».

ويشير كالو إلى أن الروبوتات يمكن أن تحافظ، أيضاً، على سلامة المشتبه فيهم. وعندما يستخدم الضباط القوة المميتة، وفقاً لتقديرهم الخاص، غالباً ما يكون المبرر هو أن الضابط يشعر بعدم الأمان، ويتصور وجود تهديد، ولكن كالو يلاحظ «أنت ترسل روبوتات إلى موقف ما، وليس هناك أي سبب لاستخدام القوة المميتة، لأنه لا يوجد أحد في الواقع معرض للخطر».

وكانت المرة الأولى التي تم فيها الإبلاغ عن استخدام روبوت من قبل سلطات إنفاذ القانون كقوة قاتلة، في الولايات المتحدة، في عام 2016، عندما استخدمت إدارة شرطة دالاس روبوتاً للتخلص من القنابل، وتم تسليحه لقتل مشتبه فيه، أطلق النار وقتل خمسة من رجال الشرطة.

ظروف قصوى

وفي بيان بالبريد الإلكتروني، كتبت مسؤولة الإعلام في شرطة سان فرانسيسكو، أليسون ماكسي «لا تمتلك شرطة المدينة ولا تشغل روبوتات مجهزة بقوة مميتة، وليس لدى الإدارة أي خطط لتجهيز الروبوتات بأي نوع من الأسلحة النارية».

وعلى الرغم من إمكانية تجهيز الروبوتات بشحنات متفجرة لاختراق هياكل معينة، إلا أنها لن تُستخدم إلا في الظروف القصوى. وتابع البيان «لا يمكن لأي استراتيجية أمنية أن تتوقع كل موقف يمكن تصوره أو أي ظرف استثنائي قد يواجهه الضباط، ويجب أن تكون وحدات الأمن مهيأة، ولديها القدرة على الاستجابة بشكل متناسب».

ويلاحظ بول شار، الذي ألف كتاب «جيش بلا أسلحة مستقلة ومستقبل الحرب»، وساعد في إنشاء سياسة الولايات المتحدة للأسلحة المستقلة المستخدمة في الحرب، أن هناك فرقاً مهماً بين كيفية استخدام الروبوتات في الجيش، وفي مهمات تطبيق تطبيق القانون. وعلى سبيل المثال، الروبوتات المستخدمة من قبل سلطات إنفاذ القانون ليست مستقلة، ما يعني أنها لاتزال تحت سيطرة الإنسان.

ويقول شار «بالنسبة للجيش، يتم استخدام الروبوتات في القتال ضد عدو، والغرض من ذلك هو قتل العدو، وهذا ليس ولا ينبغي أن يكون هدف قوات الشرطة»، متابعاً «إنهم موجودون لحماية المواطنين، وقد تكون هناك مواقف يحتاجون فيها إلى استخدام القوة المميتة، لكن يجب أن يكون ذلك الملاذ الأخير».

وتابع الخبير الأميركي، أن ما يثير القلق بشأن اقتراح شرطة سان فرانسيسكو هو أنه لا يبدو مدروساً جيداً «بمجرد أن تصرح بهذا النوع من الاستخدام، قد يكون من الصعب للغاية التراجع عن ذلك». ويقول إن هذا الاقتراح يضع خياراً خاطئاً بين استخدام روبوت للقوة المميتة، أو تعريض ضباط إنفاذ القانون للخطر. ويقترح شار أنه يمكن بدلاً من ذلك إرسال الروبوتات بسلاح غير فتاك لتحييد الهدف، دون تعريض الضباط للخطر.

نقطة انطلاق

بصفته شخصاً يدرس الروبوتات، يقول ريان كالو إن فكرة «الروبوتات القاتلة» هي نقطة انطلاق لمناقشة أكبر حول علاقتنا بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

وعندما يتعلق الأمر بوجود الروبوتات في الميدان، يفكر كالو في ما يحدث إذا فشلت التكنولوجيا، وقام الروبوت بقتل أو إصابة شخص عن طريق الخطأ.

وفي ذلك يقول «يصبح من الصعب للغاية تحديد من المسؤول».

ويتساءل كالو «هل هم الأشخاص الذين يستخدمون التكنولوجيا؟ هل هم الأشخاص الذين يصممون التكنولوجيا؟».

إحساس قوي

عند التعامل مع الناس، هناك ديناميكيات اجتماعية وثقافية للموقف، وهو شيء لا يمكنك فعله مع الروبوت.

ويقول أستاذ القانون وعلوم المعلومات بجامعة واشنطن، ريان كالو، «يُنظر إليهم على أنهم كيانات بالنسبة لنا خلافاً للتقنيات الأخرى، وهكذا عندما يكون لديك روبوت في هذه المواقف، وفجأة ليس لديك، فقط، هذا السؤال حول من المسؤول- أي البشر، ولكن لديك أيضاً هذا الإحساس القوي بأن الروبوت مشارك».

وحتى لو كان من الممكن استخدام الروبوتات للحفاظ على سلامة البشر، يطرح كالو سؤالاً آخر «علينا أن نسأل أنفسنا هل نريد أن نكون في مجتمع تقتل فيه الشرطة الناس بالروبوتات؟ إنه شعور شديد التجرد من الإنسانية والعسكرية».

ويجتمع مجلس المشرفين في سان فرانسيسكو، قريباً، لمناقشة كيفية استخدام الروبوتات من قبل الشرطة المحلية.

سلامة ضباط الشرطة

تستمر الروبوتات في تغيير عالمنا، وإنفاذ القانون ليس استثناءً من تأثيرها. وعلى سبيل المثال، في عام 2019، اعتمدت الشرطة في نوفاتو بولاية كاليفورنيا على روبوت لمواجهة وضعية قابلة للانفجار.

وبعد أن قام الجاني بغمر أرضية محطة وقود بالبنزين رداً على مشكلة في الدفع، حاول دون جدوى، إشعال المكان قبل أن ينطلق بشاحنته إلى متجر قريب. وبمجرد وصوله طلب علبة سجائر وكبريت.

وللتعامل مع الموقف، تم إرسال روبوت، تم ربطه بالهاتف النقال لأغراض التفاوض. وفي نهاية المطاف، تم القبض على الجاني، ووجهت إليه تهمة محاولة الحرق والتخريب.

هذه مجرد واحدة من القصص الكثيرة عن روبوتات الشرطة، التي نمت بشكل متزايد على مدى السنوات العديدة الماضية. ومن القيام بمخالفات تجاوز السرعة على الطريق ودوريات في الشوارع للتعامل مع المشتبه فيهم المسلحين والقنابل، أصبحت الروبوتات أداة فعالة لمكافحة الجريمة، يمكن أن تنقذ العمال والأرواح.

ويقول البعض إنه إضافة إلى دعم القوى العاملة، من خلال تولي المهمات المحفوفة بالمخاطر، يمكن للروبوتات أن تحافظ على سلامة الضباط، وتمنع التحيز في عمل الشرطة.

وقال الرئيس التنفيذي السابق لشركة «إندوفر روبوتكس»، شون بيلات «إذا دخل ضابط إلى غرفة، وكان هناك خصم مسلح، فلن يكون أمامه خيار سوى إطلاق النار»، متابعاً «من خلال إضافة الوقت والمسافة بين مشغل الروبوت، فقد قدمت عنصراً يمكن أن يقلل من الخسائر».

وفي عام 2013، ساعد روبوت الشرطة في القبض على مفجّري ماراثون بوسطن. وفي غضون سنوات، بعد أن قتل رجل خمسة من ضباط شرطة دالاس، وهدد بإطلاق النار على المزيد في مرآب للسيارات، قررت الشرطة تجنب المزيد من الضحايا، وأرسلت روبوتاً للتعامل مع شحنة من المتفجرات، ما أدى إلى مقتل المشتبه فيه.

ويخشى البعض من أن الروبوتات قد تضر أكثر مما تنفع. حتى إن شرطة نيويورك ألغت استخدامها، في عام 2021، بعد أن تلقت رد فعل عنيفاً من المجتمع والمسؤولين الحكوميين.

• 12 روبوتاً عاملاً لدى شرطة سان فرانسيسكو حالياً، ويتم التحكم فيها «عن بعد».

• تُستخدم الروبوتات للتحقيق في وجود قنابل محتملة وإبطالها، أو المساعدة في مفاوضات الرهائن.

تويتر