مخاوف من انقطاع إمداداته قبل التخلص التدريجي من مصادر الطاقة الروسية

أزمة الغاز الطبيعي في أوروبا أسوأ مما تبدو

استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا يزيد من مشكلات الطاقة في أوروبا. إي.بي.إيه

مازالت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا الآن أقل كثيراً من مستوياتها القياسية التي سجلتها في مارس الماضي. ومع ذلك تشير التطورات إلى أن اضطراب الإمدادات كان أسوأ مما توقعته الأسواق، في أعقاب بدء غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، أواخر فبراير الماضي.

وفي حين راهنت سوق الغاز على أزمة قصيرة الأجل تستمر لشهور عدة، في ذلك الوقت، فإن الأمر يشير الآن إلى أزمة حادة خلال الشتاء المقبل، وتستمر خلال العام المقبل وحتى عام 2024. وخلال الأيام القليلة الماضية ارتفعت أسعار الغاز الأوروبي ككل.

وقال المحلل الاقتصادي خافيير بلاس في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، إن التحول في تسعير الغاز هو أبرز تطور في سوق الغاز خلال الشهر الماضي، لكنه لم يجذب الاهتمام الكافي في العواصم الأوروبية.

وفي الأسبوع الماضي ارتفع سعر العقود الآجلة للغاز الطبيعي الهولندي، وهو الغاز القياسي للسوق الأوروبية إلى نحو 175 يورو لكل ميغاوات/ساعة ليصل إلى ضعف السعر قبل شهر تقريباً، وذلك بعد تراجع كميات الغاز التي تضخها روسيا إلى أوروبا، عبر خط «نورد ستريم1» بدعوى وجود مشكلات فنية. في المقابل ظلت أسعار العقود الفورية للغاز أقل بنسبة 30% عن أعلى مستوياتها خلال الأيام الأولى للحرب، وكانت 227 يورو لكل ميغاوات.

ومن المقرر أن تتوقف إمدادات الغاز من روسيا إلى ألمانيا لمدة 10 أيام لإجراء أعمال الصيانة المقررة في خط أنابيب «نورد ستريم1» المار عبر بحر البلطيق، وهو أهم رابط من أجل تدفقات الغاز الطبيعي إلى ألمانيا.

وتوقف ضخ الغاز اعتباراً من الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي يوم الإثنين الماضي، على أن يعود مرة أخرى في وقت مبكر من صباح 21 يوليو الجاري.

ومع ذلك، فإن المسؤولين لديهم مخاوف كبيرة من احتمال عدم عودة إمدادات الغاز، مع استمرار الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

جولات من العقوبات

وفرضت ألمانيا ودول غربية أخرى جولات عدة من العقوبات على موسكو في محاولة لوقف القتال.

ولكن العديد من الدول أيضاً تعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة الروسية، ورداً على ذلك أوقفت موسكو إمدادات الغاز إلى العديد من الدول، في ما ينظر إليه على نطاق واسع على أنه رد انتقامي.

وقامت شركة غازبروم الروسية المملوكة للدولة، بالفعل بخفض إمدادات الغاز التي يجري ضخها عبر خط الأنابيب البالغ طوله 1200 كيلومتر بين روسيا وشمال ألمانيا إلى حد كبير، مشيرة إلى التأخير في أعمال الإصلاح. وأرجعت موسكو سبب التأخير إلى العقوبات التي فرضها الغرب، وهي حجة رفضها المستشار الألماني أولاف شولتس.

ويجري حالياً استخدام نحو 40% فقط من الطاقة الاستيعابية لخط الأنابيب، وهو ما أدى إلى مزيد من الزيادات في الأسعار في سوق الغاز، وفقاً للوكالة الاتحادية للشبكات الألمانية. وتأتي أعمال الصيانة في الوقت الذي تسعى فيه ألمانيا بشكل عاجل لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي، مع ملء الخزانات أيضاً استعداداً لفصل الشتاء المقبل. وتتزايد المخاوف من أن أي فقدان مفاجئ لإمدادات الغاز سيكون له آثار دراماتيكية على الصناعة وكذلك على المنازل.

مخاوف بسبب نقص الغاز

بدورها، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، أن الحكومة الألمانية ستبذل قصارى جهدها لضمان ألا يؤدي مزيد من النقص في إمدادات الغاز الروسي إلى انقسام في المجتمع. وقالت بيربوك الاثنين الماضي بعد لقاء نظيرها الياباني، يوشيماسا هاياشي، في طوكيو: «إذا انخفضت لدينا إمدادات الطاقة وتراجعت إمدادات التدفئة، فسنعمل على أن تسير الأمور على نحو عادل»، رافضة مرة أخرى بشدة المطالب المتجددة من التحالف المسيحي المعارض، بترك محطات الطاقة النووية الألمانية الثلاث المتبقية تعمل لفترة أطول.

وانتقدت بيربوك روسيا لأنها لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها، ليس فقط في الحرب ضد أوكرانيا، بل أيضاً بالنسبة للامتثال للقواعد التي تخص على سبيل المثال إمدادات الطاقة، وقالت: «لذلك يُجرى الاستعداد لكل السيناريوهات المختلفة».

توتر في أوروبا

تخشى الحكومات والأسواق والشركات في أوروبا أن يتم تمديد إغلاق خط إمداد الغاز بسبب الحرب في أوكرانيا. الأمر الذي سيؤدي إلى تعطيل خطط تخزين كميات من الغاز لفصل الشتاء، وتفاقم أزمة الغاز التي أدت إلى اتخاذ تدابير طارئة من الحكومات وفواتير عالية بشكل مؤلم للمستهلكين. وينقل خط أنابيب (نورد ستريم1) 55 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز من روسيا إلى ألمانيا تحت بحر البلطيق. وقالت كندا في مطلع الأسبوع إنها ستعيد التوربينات التي تم إصلاحها، ولكنها قالت أيضاً إنها ستوسع العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الروسي.

وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إنه يتعين على البلاد مواجهة احتمال أن تعلق روسيا تدفقات الغاز عبر «نورد ستريم 1» إلى ما بعد فترة الصيانة المقررة.

ونفى المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، المزاعم بأن روسيا تستخدم النفط والغاز لممارسة ضغوط سياسية، قائلاً إن الإغلاق الناجم عن الصيانة حدث منتظم ومقرر وأن لا أحد «يخترع» أي إصلاحات.

 


فيما راهنت سوق الغاز على أزمة قصيرة الأجل تستمر لشهور عدة، عند نشوب الحرب في أوكرانيا، فإن الأمر يشير الآن إلى أزمة حادة خلال الشتاء المقبل، وتستمر خلال العام المقبل وحتى عام 2024.

أنالينا بيربوك تنتقد روسيا لأنها لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها، ليس فقط في الحرب ضد أوكرانيا، بل أيضاً بالنسبة للامتثال للقواعد التي تخص على سبيل المثال إمدادات الطاقة.

تويتر