الرئيس الإيراني الجديد يرفض التفاوض حول برنامج الصواريخ والسياسات الإقليمية

باحث أميركي: انتخاب رئيسـي «سيؤثر نسبياً» في مباحثات الاتفاق النووي

رئيسي: لن أجتمع بالرئيس الأميركي بايدن. أ.ف.ب

أثار انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً لإيران الجدل حول التوقعات بالنسبة لموقف إيران من المباحثات الجارية بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وذلك في ضوء ما عُرف عن شخصية رئيسي المحافظة التي تختلف تماماً عن شخصية الرئيس الحالي حسن روحاني.

ويقول الباحث الأميركي الإيراني الأصل، راي تقية، الحاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ الحديث من جامعة أوكسفورد، في تقرير نشره مركز العلاقات الخارجية الأميركي، إنه من المؤكد أنه سيكون لانتخاب رئيسي تأثير في سير المباحثات بالنسبة لبعض النواحي. فمن المعروف أن الفصيل الإصلاحي الكبير في إيران دأب على انتقاد الرئيس حسن روحاني ودبلوماسيته النووية بشدة. ومع ذلك فإن الانتقادات لم تتركز على القيود التي يفرضها الاتفاق على برنامج إيران النووي، بقدر ما كان يركز على فشله في تحقيق مكاسب اقتصادية مثل زيادة الاستثمارات الدولية.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قد أكدت اعتزامها مواصلة المفاوضات، بعد عودة الدولتين للالتزام بجعل الاتفاق «أطول وأقوى». ولم يوافق أي فصيل في إيران على هذا الاقتراح. وصرح رئيسي بعد انتخابه، بأن إيران لن تشارك في أي مفاوضات حول برنامجها الخاص بالصواريخ أو السياسات الإقليمية، وهي مجالات تردد أن الولايات المتحدة تريد ربطها بالمباحثات. ومن الممكن مع ذلك أن تعود الدولتان للاتفاق، لكن احتمال إعادة التفاوض بشأنه ضعيف.

ومن ناحية أخرى، يقول تقية إن رئيسي الذي يترأس السلطة القضائية، يتم إعداده منذ وقت طويل لخلافة، علي خامنئي، كمرشد أعلى للثورة الإسلامية. فقد تم منحه سلسلة من الترقيات، تشمل الآن رئاسة الدولة. ونظراً لأنه قضى كل حياته في مجال القضاء، فإنه يبدو أن النظام أدرك أنه يحتاج لاكتساب بعض الخبرة الإدارية، قبل تولي أعلى منصب في البلاد، وهو منصب المرشد الأعلى.

وفي ما يتعلق بالخيارات التى لدى رئيسي لإنهاء الأزمة الاقتصادية في إيران، يقول تقية، وهو أحد كبار زملاء برنامج دراسات الشرق الأوسط في مركز العلاقات الخارجية، إن المحافظين تكاتفوا جميعاً خلف فكرة خامنئي الخاصة بـ«اقتصاد المقاومة»، وهو نموذج اقتصادي تقوم إيران بمقتضاه بالتقليل من الاعتماد على صادرات النفط والتجارة الدولية. وتتمثل الفكرة في أن إيران قادرة على تحقيق أهدافها المالية بالاعتماد على الأسواق الداخلية والتجارة مع الدول المجاورة، مثل أفغانستان والعراق، وكذلك مع الصين، التي وافقت اخيراً على شراكة اقتصادية وأمنية كبيرة مع إيران.

رؤية غير عملية

ويوضح تقية أن هذه الرؤية الاقتصادية غير عملية بالنسبة لدولة مازال النفط يمثل مصدر دخلها الأساسي، ولكنها السبيل الذي لجأ إليه المحافظون لحماية إيران من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها، بعد قرار الرئيس السابق دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي في عام 2018. ويخضع رئيسي نفسه للعقوبات الأميركية بسبب دوره في ما يسمى بـ«لجنة الموت» التي أشرفت على إعدام السجناء السياسيين في عام 1988، وبسبب مشاركته في قمع الحكومة لاحتجاجات الحركة الخضراء عام 2009. من ناحية أخرى، صرح رئيسي في أول مؤتمر صحافي له الإثنين الماضي، بعد نجاحه في الانتخابات، أنه لن يجتمع بالرئيس الأميركي بايدن.

وفي ختام تقريره قال تقية إن تأثير الاتجاه لمقاطعة الانتخابات الأخيرة كان كبيراً، إذ إن إيران لطالما كانت تقيس شرعية نظامها بالإشارة إلى الإقبال الكبير على الانتخابات.

وعندما كان منتقدو النظام يطعنون في العملية الانتخابية التي يقوم فيها مجلس صيانة الدستور بفحص المرشحين ورفض من يرى أنهم غير موالين بصورة كافية، كان النظام يرد على ذلك بالإشارة إلى النسبة المرتفعة لأصوات الناخبين.

ويقول تقية إن هذا الزعم لا يمكن أن يصدق على الانتخابات الأخيرة، إذ أظهرت النتائج النهائية أن نسبة المشاركة فيها كانت أقل من 49%، وهي أقل نسبة بالنسبة للتصويت في الانتخابات الرئاسية الني جرت من قبل في إيران بعد الثورة.

وهكذا فإن اختيار النظام للرئيس كان مقابل ثمن باهظ في ما يتعلق بشرعيته.

• تأثير الاتجاه لمقاطعة الانتخابات الأخيرة كان كبيراً، إذ إن إيران لطالما كانت تقيس شرعية نظامها بالإشارة إلى الإقبال الكبير على الانتخابات.

تويتر