تتعامل معه كحليف مضمون

إيران تعتبر العراق «ساحة خلفية»

انفجار قوي يهز إحدى القواعد العسكرية جنوب غرب بغداد.. تسببت فيه طائرة مسيَّرة. من المصدر

هناك أربعة حوادث وقعت، أخيراً في العراق، تعرضت فيها قوات الحشد الشعبي شبه العسكرية المدعومة من إيران، للقصف أو التفجيرات في ظروف غامضة، ما دفع إلى الواجهة صراعاً كان يختمر هناك بهدوء. فقد توسع دور إيران في العراق، خلال العقد ونصف العقد الماضي، ما أثار تساؤلات حول أهداف طهران، وكيف تنظر إلى العراق.

فمن ناحية، تعتبر إيران العراق حليفاً لها، انطلاقاً من مفهومها. فقد سعت لعقد اجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولين عراقيين، وناقشت معهم موضوع الدفاع المشترك. في مارس، على سبيل المثال، سافر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى العراق. وتم توقيع اتفاقيات ثنائية، بما في ذلك اتفاقيات اقتصادية، والسماح للإيرانيين بالسفر دون تأشيرة للعراق لزيارة الأماكن الشيعية المقدسة. ومع ذلك، فقد يحتج العراقيون أيضاً على دور إيران. ففي صيف عام 2018، استهدفت الاحتجاجات في البصرة إيران وقوات الحشد الشعبي المدعومة منها. وهناك شكاوى حول الموارد المالية الضخمة التي يدفعها العراق نظير تزويده بالكهرباء. أيضاً، هناك شائعات بأن إيران تساعد على تهريب المخدرات إلى العراق.

ومع ذلك فقد أسهمت القوات شبه العسكرية المدعومة من إيران في هزيمة تنظيم «داعش»، وأن العديد من السكان المحليين المنضوين تحت لواء الحشد الشعبي ينتمون لطوائف مختلفة. وساعد الحشد في تسليح السكان المحليين وتوفير الأمن لهم. ويرى الشباب أن العمل في هذه الميليشيات يوفر لهم مردوداً طيباً. لكن هذه الجماعات متهمة أيضاً بالتورط في الفساد، وأنها تدير سجوناً سرية. وبالنسبة للبعض، فإن هذه المجموعات تطبق شكلاً من أشكال العدالة على أفراد «داعش» المزعومين. لكن بالنسبة للعراقيين الآخرين الذين فروا من حرب «داعش» عام 2014، فهذا يعني أنهم يواجهون صعوبة في العودة إلى ديارهم، خوفاً من انتقام هذه الجماعات شبه العسكرية.

صيغة سورية

قد ينتهي الأمر بالسياسة الإيرانية في العراق إلى صيغة مثل دورها في سورية أو لبنان أو اليمن. ويمكن أن تدعم قوات بالوكالة أو تعمل مع مجموعة كبيرة واحدة، مثل «حزب الله». ويمكن أن تكون حليفاً للحكومة، كما هي الحال في سورية، أو العمل على الأرض لتوسيع نفوذها الديني وخلق نوع من الدولة الموازية. والعراق هو أقرب جار لإيران. لكن بالنسبة لإيران لا يوجد لديها مفهوم لضم الأراضي، بل تريد بسط نفوذها. فقد ترغب أيضاً في السيطرة المباشرة من خلال الميليشيات شبه العسكرية، أو إنشاء أحزاب سياسية متحالفة معها، تستطيع أن تسيطر على الوزارات الحكومية.

في العراق، على سبيل المثال، سيطرت الأحزاب الموالية لإيران على وزارة الداخلية القوية. ومع ذلك، وكما هي الحال مع الجماعات شبه العسكرية، يمكن اعتبارها سنداً منطقياً ومقبولاً، فقد نشأ قادة الجماعات شبه العسكرية والأحزاب، مثل هادي العامري، في إيران في ثمانينات القرن الماضي، وظلوا يقاتلون إلى جانب فيلق الحرس الثوري الإسلامي ضد نظام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، ولديهم أسباب وجيهة للتحالف مع إيران، فقد ساعدتهم إيران عندما أرادوا التحرر من صدام.

الهدف الإيراني

والسؤال اليوم هو: كيف يرى أناس مثل العامري العراق الذين يريدون له التقدم. هل يريدون عراقاً مساوياً لإيران، أم أن هدف إيران طويل الأجل يريد عراقاً ضعيفاً، مجرداً من موارده واقتصاده ودفاعه؟ هل ترغب إيران في أن يصبح الحشد الشعبي الإيراني نوعاً من الحرس الثوري الإيراني في العراق، ليحل محل الجيش شيئاً فشيئاً، ويتولى دوره حتى يذبل الجيش العراقي، ويصبح الحشد الشعبي القوة الرئيسة في العراق؟ أم أن الحكومة المركزية العراقية ستكبح جماح هذه الجماعات شبه العسكرية، كما سعت من قبل إلى ذلك؟ رأى رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي أن الحشد الشعبي هو أمل لمستقبل العراق والمنطقة، وهو ما قاله لوزير الخارجية الأميركي السابق، ريكس تيلرسون. إذا كان هذا هو دور الحشد الشعبي والأحزاب المتحالفة معه في البرلمان، جنباً إلى جنب مع المؤسسات الدينية الحليفة - التي تميل جميعها إلى أن تكون كياناً واحداً مثل «حزب الله» في لبنان - فسوف ينمو الحشد الشعبي، ولن تقوم للحكومة العراقية المركزية أية قائمة. كانت إيران ضحية لعراق قوي تحت حكم صدام. فقد تخشى إيران أن يستعيد العراق قوته، مع تأثير الأوضاع في سورية لبنان واليمن في إيران على المدى الطويل.

 

قد ينتهي الأمر بالسياسة الإيرانية في العراق

إلى صيغة مثل دورها في سورية أو لبنان

أو اليمن. ويمكن أن تدعم قوات بالوكالة،

أو تعمل مع مجموعة كبيرة واحدة،

مثل «حزب الله».

تويتر