الاحتلال يسمح للجمعية الاستيطانية بإجلاء 700 فلسطيني من منازلهم

«عطيرت كوهونيم» تدس السم في «بيت العسل».. و«بطن الهوى» تتجرعه

صورة

في بلدة سلوان جنوب شرق المسجد الأقصى المبارك، تزحف مخططات التهويد والاستيطان بخطى متسارعة لتهجير الفلسطينيين، والاستيلاء على ما تبقى من منازل ومقدسات عربية، من أجل إنشاء بؤر وجمعيات يهودية جديدة، وتوسعة المستوطنات القائمة.

في «بطن الهوى»، الحارة الوسطى من الحارات الثلاث لسلوان، التي تقع على بعد 400 متر من السور الجنوبي للمسجد الأقصى، معركة طاحنة يدور رحاها بين جمعية عطيرت كوهونيم الاستيطانية المسؤولة عن النشاط الاستيطاني في القدس، وبين العائلات الفلسطينية، ذلك الصراع الذي انتهى بإصدار المحكمة الإسرائيلية العليا قراراً يوم الأربعاء 21 من شهر نوفمبر الجاري، بإجلاء جمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية منازل 700 فلسطيني لمصلحة الاستيطان، وتهجيرهم منها، بحجة أن أراضي تلك المنازل التي يقيمون فيها تعود ملكيتها إلى يهود يمنيين قبل أكثر من مائتي عام.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، ففي 19 من شهر نوفمبر الجاري، صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءتين الثانية والثالثة (النهائية)، على قانون يسمح بتوسّع تجمّع استيطاني في بلدة سلوان.

وبذلك رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا الالتماس المقدم من أهالي حي «بطن الهوى» في بلدة سلوان جنوب القدس، وتسمح ــ بموافقة الكنيست ــ لجمعية عطيرت كوهنيم الاستيطانية، بإجلاء 700 فلسطيني.

مخطط تهجير

ويعد ذلك أكبر عمليات تهجير تُنفذ شرق القدس ضد الفلسطينيين خلال السنوات الماضية، ولذا عقبت جمعية المعلومات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة «بيتسيلم»، على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية في حارة «بطن الهوى» بسلوان، موضحة أن الاستيطان داخل حي بطن الهوى في سلوان جزء لا يتجزأ من مخطط تهويد حوض البلدة القديمة الذي تنفذه قوات إسرائيل والجمعيات الاستيطانيّة.

من جانبه، يقول المتحدث باسم لجنة الدفاع عن أهالي سلوان فخري أبودياب، إن «قرار المحكمة عنصري، ويثبت دعم القضاء الإسرائيلي لقوة الجمعيات الاستيطانية، فالالتماسات والوثائق التي قدمها الأهالي تثبت حقهم في البقاء على أرضهم وفي منازلهم، إلا أن المحكمة العليا كانت داعماً لجانب الجمعية».

ويشير أبودياب في حديثه لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن محاكم إسرائيل تقف إلى جانب المستوطنين الذين ينغصون حياة الفلسطينيين منذ سنوات، بعد استيلائهم على عدد من العقارات الملاصقة لمنازلهم، منها منزل عائلة أبوناب الذي تم السيطرة عليه، ليفتتحوا فيه مقر جمعية «بيت العسل» المخصصة ليهود اليمن.

ويوضح المتحدث باسم لجنة الدفاع عن أهالي سلوان، أن الأرض التي تريد جمعية عطيرت كهونيم ضمها، والمقام عليها منازل الـ700 فلسطيني، تبلغ مساحتها خمسة دونمات و200 متر مربع، من أجل ضمها إلى جمعية «بيت العسل» المخصصة ليهود اليمن.

ويشير إلى أن هذه الأراضي تتصل مع أحياء أخرى بسلوان، والتي تشكل خط الدفاع الأول من الجنوب عن المسجد، لافتاً إلى أن إزالة وطرد الفلسطينيين من هذه المنطقة، وإحلال المستوطنين، ستعمل على محاصرة المسجد المبارك.

ويؤكد أبودياب أن القرار الإسرائيلي مقدمة لاستهداف أحياء أخرى بسلوان، كحي البستان ووادي حلوة، والتي تعاني حفريات أسفل منازل المقدسيين، إلى جانب سماح إسرائيل للمستوطنين بالبناء في ما يسمى «الحديقة الوطنية فيها».

ولا تقتصر معاناة أهل حي «بطن الهوى»، بحسب أبودياب، على خلق بؤر استيطانية بقوة إسرائيلية، بل تمتد لتشمل مناحي الحياة كافة، فسكان المستوطنات يعيشون في بؤرهم المستحدثة، بينما يعيش المقدسيون في المنازل التي تبعد كثيراً عنهم في مستويات متدنية، إذ تتعمد إسرائيل تفقيرهم وتهميشهم، لتعرض في نهاية الأمر مبالغ مالية طائلة عليهم بهدف إخلاء عقاراتهم.

صراع جديد قديم

حكاية الصراع بين جمعية عطيرت كهونيم وأهالي «بطن الهوى»، بدأت عندما وضعت الجمعية الاستيطانية أول موطئ قدم لها في الحي عام 2004 باستيلائها على منزل يعود لعائلة الرجبي، وتصاعدت حدة الأمر في عام 2014، عندما سلمت الجمعية السكان قرارات بإخلاء منازلهم، بادعاء أنهم يعيشون على أرض تعود ملكيتها ليهود اليمن قبل عام 1948.

وجاءت الضربة القاضية بافتتاح «بيت العسل» وهو مركز تراث يهود اليمن في منزل يعود لعائلة أبوناب، تم الاستيلاء عليه عام 2015 بادعاء أن كنيساً يعود ليهود اليمن كان قائماً في المكان وحمل اسم «بيت العسل» قديماً، والذي أنشئ في شهر أغسطس الماضي بحضور رسمي لوزيرة الثقافة ميري ريغيف ووزير القدس زئيف الكين، إذ رصدت الوزارتان ميزانية 4.5 ملايين شيكل لتدشينه.

من جهته، يقول رئيس لجنة حي «بطن الهوى» في سلوان زهير الرجبي، الذي يجاور منزله جمعية «بيت العسل» لـ«الإمارات اليوم»، «إن أهالي حي بطن الهوى في سلوان يمتلكون أوراقاً ثبوتية تؤكد أن اليهود اليمنيين غادروا حي بطن الهوى قبل قدوم إسرائيل عام 1948، وأن الأرض التي بنيت عليها المنازل تعود ملكيتها للعائلات المقدسية منذ عام 1892، ويملكون أوراقاً عثمانية تثبت ذلك».

ويضيف أن، وصول اليهود اليمنيين إلى حي بطن الهوى في سلوان كان في عام 1881 بعد طرد اليهود الأوروبيين لهم من البلدة القديمة في القدس بسبب جذورهم العربية، فلجأ هؤلاء للسكن خارج الأسوار، ولا ينكر سكان الحارة الوسطى وجودهم هناك قديماً، حتى إنهم مازالوا يطلقون اسم «حارة اليمن» على المكان الذي كانوا يقطنونه قبل مغادرتهم المكان بحدود عام 1929، وقبل مغادرتهم بيعت بعض العقارات للفلسطينيين بينما تصرف «حارس أملاك العدو» الأردني ببقية العقارات التي أدارها من خلال عقود إيجار.

ويبين الرجبي أن أرض «بطن الهوى» وفقاً للقانون العثماني الذي كان نافذاً حينها، لا يمكن التصرف بها إلا بـ«أمر أميري» خاص من السلطان، مشيراً إلى البنايات التي امتلكتها الجمعية اليهودية هدمت أواخر القرن الـ19، ولم تمتلك الجمعيات التي تمثلها عطيرت كوهنيم أي حق بملكية الأرض.

ويعد منزل الرجبي الذي يقطن فيه حالياً من ضمن المنازل التي تسلمت إخطارات هدم من قبل جمعية عطيرت كوهونيم، من أجل ضمها لتوسعة مركز «بيت العسل» اليهودي.

ويقول الرجبي معلقاً، «لقد تسلمت قراراً بهدم منزلي من قبل جمعية عطيرت كوهونيم الاستطيانية عام 2014، وحالياً بعد قرار المحكمة الإسرائيلية العليا أصبحت معرضاً للتهجير في أي لحظة أنا وعائلتي، رغم أنني قدمت التماساً للمحكمة، وقدمت أوراقاً عثمانية لإثبات ذلك، والآن يحاربون وجودي هنا بادعاء أنني أنشأت منزلي على أراضي يهود يمنيين، ويطالبونني بإخلائه لأنه غير قانوني بسبب بنائه دون ترخيص».

ويضيف أن «المستوطنين وشرطة إسرائيل والقوات الخاصة يعتدون علينا باستمرار، للتنغيص علينا، وإجبارنا على الهجرة الطوعية، ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد، إذ تدخل مواد البناء اللازمة لترميم وتجديد البؤر الاستيطانية بشكل يومي للحي، بينما تقتحم طواقم بلدية الاحتلال منازلنا بمجرد نصب مظلة من الخشب على شرفاتنا الخارجية».

- حكاية الصراع بين جمعية «عطيرت كهونيم» وأهالي

«بطن الهوى»، بدأت عندما وضعت الجمعية

الاستيطانية أول موطئ قدم لها في الحي عام

2004 باستيلائها على منزل يعود لعائلة الرجبي،

وتصاعدت حدة الأمر في عام 2014، عندما سلمت

الجمعية السكان قرارات بإخلاء منازلهم.

- أهالي حي «بطن الهوى» في سلوان يمتلكون

أوراقاً ثبوتية تؤكد أن اليهود اليمنيين غادروا

الحي قبل قدوم إسرائيل عام 1948،

وأن الأرض التي بنيت عليها المنازل تعود

ملكيتها للعائلات المقدسية منذ عام 1892،

ويملكون أوراقاً عثمانية تثبت ذلك.

تويتر