لم تنف أو تؤكد

كل الدلائل تشير إلى تورّط إسرائيل في الهجوم على مطار تي فور

صورة

اتهمت روسيا إسرائيل بشن غارة على قاعدة جوية في سورية في وقت مبكر من يوم الاثنين الماضي. وتأتي هذه الضربة في أعقاب هجوم مزعوم بالأسلحة الكيماوية يوم السبت على إحدى ضواحي دمشق، أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين، وأثار النداءات لتحرك دولي عاجل. وهدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأن سورية ستدفع «ثمناً باهظاً»، وتعهد يوم الأحد «برد قوي مشترك» مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أتبعه بتهديد صريح لروسيا على «تويتر» بالاستعداد لاستقبال الصواريخ الذكية الأميركية الأنيقة.

الإسرائيليون استغلوا الفرصة لضرب القاعدة وسط

غضب عالمي بسبب الهجوم الكيماوي للنظام

السوري على المدنيين، كما يعتقد المحللون.


تخشى إسرائيل قيام طهران بإنشاء

مصانع أسلحة ومواقع عسكرية في سورية

لمهاجمتها.

ولقي في تلك الغارة الجوية ما لا يقل عن 14 عسكرياً مصرعهم، من بينهم ثلاثة قادة سوريين، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وقتل في الغارة الجوية سبعة إيرانيين، وتم نقل جثامينهم إلى بلادهم، بحسب وكالة أنباء «فارس» الإيرانية شبه الرسمية.

لم يكن من الواضح ما إذا كانت هجمات يوم الاثنين تمثل استجابة مباشرة للهجوم الكيماوي، لكن القاعدة الجوية المعروفة باسم «تي فور» ليست منشأة أسلحة كيماوية، ومن المرجح أن تكون اسرائيل استهدفت هذه القاعدة لأنها تتهم النظام السوري بالسماح لإيران بإنشاء قاعدة هناك لإمداد ميليشيا «حزب الله» اللبنانية بالأسلحة.

وهذا يشير إلى أن الإسرائيليين استغلوا الفرصة لضرب القاعدة وسط غضب عالمي بسبب الهجوم الكيماوي للنظام السوري على المدنيين، كما يعتقد المحللون. ويرفض الجيش الإسرائيلي التعليق على هذا الهجوم، تماشياً مع سياسته المتمثلة في عدم تأكيد أو عدم إنكار الغارات الجوية في سورية.

قاعدة واضحة

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوم الاثنين في احتفال قرب قطاع غزة، دون أن يشير صراحة الى سورية: «لدينا قاعدة واحدة واضحة وبسيطة ونسعى للتعبير عنها باستمرار، هي أنه إذا حاول شخص مهاجمتك فانهض وهاجمه». ويمضي قائلاً «الأمن في الوقت الحاضر شرط ضروري للأمن في المستقبل».

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أن طائرتين مقاتلتين إسرائيليتين من طراز «إف -15» نفذتا الهجوم من خلال إطلاقهما ثمانية صواريخ موجهة من المجال الجوي اللبناني، بينما ذكرت وسائل الاعلام السورية المؤيدة للنظام أن نحو 20 صاروخاً أطلقت على القاعدة. وذكرت وسائل إعلام سورية موالية للنظام أن توجيه الضربات يشير إلى أن إسرائيل ربما تكون وراء الهجوم.

وظلت إسرائيل لسنوات تلتزم الحياد إلى حد كبير في الحرب السورية، لكنها تشن غارات جوية فقط ضد قوافل الأسلحة المتجهة من إيران إلى «حزب الله».

وتخشى إسرائيل قيام طهران بإنشاء مصانع أسلحة ومواقع عسكرية في سورية لمهاجمتها، وتغير موقف نتنياهو في الأشهر الأخيرة، فقد ضربت قواته الجوية مواقع عدة في سورية، ما أثار احتمالات نشوب حرب إقليمية أوسع. ولم يعترف المسؤولون الإسرائيليون الحاليون والسابقون بالمسؤولية عن الضربات، لكن العديد منهم أيدوا هذا التحرك علانية، وطالب البعض بإقالة الأسد. وصرح وزير البناء وعضو مجلس الوزراء الأمني في إسرائيل، ياف غالانت، لمحطة «كان» التلفزيونية الوطنية: «لدينا مصالح واضحة في سورية، ونضع خطوطاً حمراء». ويمضي قائلاً «لن نسمح بنقل الأسلحة من سورية إلى لبنان، ولن نسمح بترسيخ موقف إيران هنا». وصرح قائد القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي المتقاعد، عميرام ليفين، لراديو الجيش الإسرائيلي: «من الواضح من هي الجهة التي شنت الهجوم». ويسترسل «يجب أن نكون يداً واحدة مع الولايات المتحدة، وربما مع الأوروبيين أيضاً، لنبعد الأسد عن السلطة في سورية».

وكان المسؤولون الإسرائيليون قد تفاعلوا سابقاً مع الهجوم الكيماوي في سورية، وحذر وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، يوم الأحد، من أن إسرائيل ستضطر إلى العمل بمفردها في الشرق الأوسط، بالنظر إلى الإشارات في الأسابيع الأخيرة بأن ترامب يزمع سحب القوات الأميركية من الصراع السوري. وذكرت وسائل إعلام سورية أنه سمع دوي انفجارات في حمص بعد دخول الطائرات الاسرائيلية سورية من لبنان. وظهرت لقطات على وسائل الاعلام الاجتماعية في وقت مبكر من يوم الاثنين، تظهر طائرات تعبر بصوت عال المجال الجوي اللبناني. وصرح الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية والقائد العام للقوات الجوية، عاموس يادلين، بأنه لا يستطيع تأكيد ما إذا كانت الضربة الجوية في سورية نفذتها إسرائيل. ولكن إذا كان الأمر كذلك فإن هذه الضربة ستحقق هدفين. ويقول يادلين في احدى المقابلات: «من جهة فإن هذه الضربة تتعامل مع النشاط الإيراني في سورية». ويضيف «كما أنها رسالة مهمة جداً ضد استخدام الأسلحة الكيماوية».

ويقول يادلين، الذي يشغل الآن منصب المدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن قاعدة «تي فور» لم تكن منشأة أسلحة كيماوية، أو موقعاً يستخدم لشن هجمات الأسلحة الكيماوية، لكنه يؤكد أنها قاعدة ذات صلة بإيران. وذكرت وسائل الإعلام السورية الموالية للنظام أن بعض الصواريخ أصابت قسم الصيانة في القاعدة، ما ألحق أضراراً بعدد من الطائرات بدون طيار.

مواجهة مؤجلة

وذكرت إسرائيل في فبراير أن الموقع الذي استهدف يوم الاثنين هو قاعدة جوية تديرها إيران ووكلاؤها، بعد أن أسقط الجيش الإسرائيلي طائرة إيرانية بدون طيار قال إنها انطلقت من القاعدة. ثم شنت اسرائيل غارات جوية كبرى على أهداف في سورية، ما أدى إلى انطلاق النيران المضادة للطائرات من بطاريات سورية أدت بدورها إلى إسقاط طائرة مقاتلة إسرائيلية.

ويعد إسقاط المقاتلة الاسرائيلية هي المرة الأولى منذ أكثر من 30 عاماً التي تفقد فيها إسرائيل طائرة مقاتلة، وما زاد من مخاوفها أنها - أي إسرائيل - ستضطر للدخول في صراع مع سورية الذي طال أمده. كما استهدفت إسرائيل في سبتمبر أيضاً منشأة في سورية يعتقد أنها مصنع ينتج أسلحة كيماوية، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين سابقين. وقد أدرجت الولايات المتحدة 271 موظفاً في ذلك المركز، مركز الدراسات والبحوث العلمية، الواقع بالقرب من مصياف، في القائمة السوداء بعد هجوم بغاز السارين في أبريل من العام الماضي، أسفر عن مقتل قرابة 100 شخص، كثير منهم من النساء والأطفال.

تويتر