خبراء يحذرون من مخاطر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي

«فيس بوك» سلاح سياسي يُستخدم لتوجيه الرأي العام

صورة

قبل سنوات، حذّر خبراء في مجالات عدة من مخاطر استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وكان التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأميركية حدثاً بارزاً، إذ أصيبت الولايات المتحدة بهلع كبير، خوفاً من الاختراقات الإلكترونية وخطرها على المنظومة الديمقراطية، لكن الحدث الأبرز هو ما تم كشف النقاب عنه قبل أيام، والمتمثل في تورط شركة تكنولوجيا أميركية في ممارسات مشبوهة قبل الانتخابات الرئاسية.

• أسلحة رقمية

في 2013، أنشأ الباحث والأكاديمي في جامعة كامبريدج البريطانية، ألكسندر كوغان، تطبيقاً خاصاً باختبار الشخصية، وتم تحميله من قبل 270 ألف شخص شاركوا بياناتهم من خلاله. وبالنظر إلى الطريقة التي كان يعمل بها «فيس بوك» في ذلك الوقت، تمكن كوغان من الوصول إلى بيانات شخصية تتعلق بأصدقاء هؤلاء الذين قاموا بتحميل التطبيق، الأمر الذي مكّنه من الوصول إلى بيانات شخصية تتعلق بعشرات الملايين من مستخدمي الموقع الشهير. وبعد أن التحق الباحث بـ«كامبرديج أناليتيكا»، بات من حق الشركة استخدام كل البيانات التي كانت بحوزته لأغراض تتعلق بالشركة، كان من بينها تقديم الدعم والمساعدة لحملة ترامب الانتخابية. ويقول عاملون في الشركة إنها تستعين بمتخصصين في علم النفس وتوجيه السلوك، وتستخدم «أسلحة رقمية فتاكة» توفرها لمن يريد.

• موقع «فيس بوك» استُخدم منذ نحو 10 سنوات لأغراض سياسية محضة، ومن دون علم المستخدمين.

لقد كان «فيس بوك» مسرح التلاعب الانتخابي، الذي دفع بالمرشح الجمهوري المثير للجدل، دونالد ترامب، إلى سدة الحكم، إذ يقال إن حملته الانتخابية سلكت طرقاً غير شريفة لنيل أصوات الناخبين، من خلال الوصول إلى بيانات مستخدمي الشبكة الاجتماعية، لمعرفة عاداتهم واهتماماتهم وأرقام هواتفهم. لقد تم ذلك في أميركا، بإشراف خبراء من شركة «كامبريج أناليتيكا»، لمصلحة ترامب.

إنها فضيحة سياسية غير مسبوقة، والقراصنة الروس ليسوا وحدهم من استخدموا «فيس بوك» للتلاعب بآراء الناخبين الأميركيين ومواقفهم السياسية. لقد باتت الشبكات الاجتماعية محل تساؤل لدى الخاص والعام، ومن الطبيعي أن يكون الفريق الذي يقف وراء التلاعب بأصوات الناخبين قد نال مكافأة كبيرة، لأنه قاد «حملة البيانات الكبيرة».

ويعود فضل إعادة انتخاب باراك أوباما عام 2012، أيضاً، إلى التوجيه عبر شبكات التواصل وموقع «غوغل»، دون التلاعب فيها فيما يبدو، مع أن حملة الرئيس السابق كانت لديها صلة وثيقة بمحرك البحث الشهير، إذ كان لدى حملة أوباما 2012 قاعدة بيانات ضخمة، تحتوي على بيانات شخصية عن ملايين الناخبين الأميركيين، واستخدمت برامج كمبيوتر متطورة للحصول على البيانات من وسائل الإعلام الاجتماعية.

ووفقاً لشبكة «إن بي سي» الإخبارية الأميركية، فإن «أي شخص اتصل بالحملة (أوباما) عبر (فيس بوك)، تمت سرقة قائمة أصدقائه، والتعرف إلى المواد التي تم تنزيلها من قبله». متابعة «أما من اتصلوا بموقع الحملة من خلال تطبيقات الهاتف الذكي، فقد تم تنزيل أرقام الهواتف المحمولة وقوائم العناوين». وكانت الحملة، في الواقع، تستخدم ملفات تعريف الارتباط لتتبع سلوك مؤيديها عبر الإنترنت منذ 2008.

إذاً، الأمر لا يتعلق بالرئيس الحالي، فالموقع الشهير استُخدم منذ نحو 10 سنوات لأغراض سياسية محضة، ومن دون علم المستخدمين.

لقد حصلت «كامبريدج أناليتيكا» على 50 مليون ملف شخصي في الولايات المتحدة، والتي ربما تكون قد استخدمت أو لم تستخدم للمساعدة في حملة ترامب، لكن الغضب يخطئ الهدف، لأن الشركة قدمت ما يقدمه «فيس بوك»، فعلاً، للعملاء السياسيين.

فضيحة

إنها فضيحة، ففي عام 2014، أنشأ ألكسندر كوغان، وهو أكاديمي من أصل روسي في جامعة كامبردج في المملكة المتحدة، تطبيقاً على «فيس بوك»، ودفع المال لمئات الآلاف من المستخدمين لإجراء اختبار نفسي. وبصرف النظر عن نتائج الاختبار، شارك المستخدمون أيضاً بيانات أصدقائهم على الموقع مع التطبيق، وباع كوغان قاعدة البيانات الناتجة إلى الشركة الأميركية «كامبريدج أناليتيكا»، فيما اعتبر انتهاكاً لسياسات الاستخدام. ونقل عن الموظف السابق في الشركة، كريستوفر ويلي، قوله إن الشركة اخترقت «فيس بوك» لمصلحة ستيفن بانون، الذي عمل مستشاراً ومديراً استراتيجياً لحملة ترامب.

هذا لا يعني أن بيانات «فيس بوك»، بما في ذلك البيانات المتعلقة بأصدقاء المستخدمين، لا يمكن أن تكون مفيدة للحملات. في الواقع طلبت حملة أوباما من أنصارها النشطين الاتصال بستة أصدقاء معينين، ليبلغ عدد الأشخاص خمسة ملايين شخص، ووفقاً لبيانات الحملة الانتخابية، فإن 20% من الخمسة ملايين شخص فعلوا شيئاً ما، مثل التسجيل للتصويت.

ولكن هل احتاجت حملة ترامب إلى «كامبريدج أناليتيكا» والبيانات التي حصلت عليها من كوغان للقيام بهذا النوع من التواصل في عام 2016؟ من المحتمل لا. لقد قطع الموقع الشهير وظيفة الأصدقاء لمطوري التطبيقات، لأنه أراد التحكم في عرضه الخاص للعملاء المهتمين بالاستهداف الدقيق.

أظهرت بعض الدراسات أن إعلانات «فيس بوك» يمكن أن تعمل بشكل جيد للشركات. وإذا عملت، أيضاً، مع ترامب، فإن قصة «كامبريدج أناليتيكا» يمكن أن تكون مضللة. إنها مجموعة البيانات الخاصة بالموقع والأدوات المتوافرة للعملاء، التي يجب أن تكون هدفاً للتدقيق، وربما التنظيم، سواء من منظور الخصوصية أو من أجل سياسة الشفافية.

تويتر