مقتل شرطي واعتقال 30 في تظاهرات الخرطوم

السلطات السودانية تتهم منظمي الاحتجاجات بتعريض «أمن البلاد للخطر»

متظاهرون سودانيون يشاركون في تظاهرة مناهضة للحكومة في الخرطوم. أ.ف.ب

هدّدت السلطات السودانية، أول من أمس، باتخاذ إجراءات قانونية بحق منظمي التظاهرات المناهضة لحكومة الرئيس عمر البشير، واتهمتهم بالدعوة للعنف وتعريض «أمن البلاد للخطر»، وفي وقت قال فيه شهود إن قوات الأمن السودانية اعتقلت نحو 30 شخصاً، الليلة قبل الماضية، أثناء تفريق محتجين يطالبون بتنحي البشير قرب القصر الرئاسي، ذكرت الشرطة أن أحد أفرادها توفي متأثراً بجروحه، خلال احتجاجات الخرطوم.

وفي التفاصيل، اتهمت السلطات السودانية منظمي الاحتجاجات بتعريض «أمن البلاد للخطر»، حيث جاء التحذير على لسان وزير الإعلام بالإنابة، مأمون حسن، غداة إعلان منظمي الاحتجاجات أنهم مصممون على مواصلة تحركهم حتى إطاحة الحكومة، مستبعدين كل حوار.

وقال مأمون حسن، أول من أمس، في بيان، إنّ «الحكومة ستتخذ الإجراءات القانونية اللازمة، في الرد على الدعوات المنادية بالعنف والإرهاب السياسي والفكري والتغيير بالقوة». وناشد «جماهير شعبنا ألا تنساق وراء دعوات العنف، والخروج على الإجماع الوطني، وتعريض أمن البلاد للخطر».

وأضاف حسن في بيانه «وثّقت تصريحات القيادات السياسية بالمؤتمر الصحافي، ما ظللنا نؤكده أن القوى السياسية التي فقدت السند الشعبي بلغت مرحلة اليأس، ورفضت الحوار كوسيلة للحلول السلمية لقضايا الوطن».

يأتي ذلك بعد أن قال شهود إن المتظاهرين في وسط الخرطوم، رددوا هتافات: «سلمية، سلمية ضد الحرامية (اللصوص)»، و«يسقط، بس».

وأضافوا أن أفراداً من قوات الأمن كانوا يرتدون ملابس مدنية اعتقلوا، أول من أمس، محتجين قرب القصر الرئاسي، واقتادوهم إلى شاحنات صغيرة.

ولاحقت الشرطة، أيضاً النشطاء في الشوارع الجانبية، بينما خرجت احتجاجات أصغر.

من جانبها، أعلنت الشرطة السودانية، في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية، وفاة أحد أفرادها بمستشفى الشرطة، متأثراً بجروح أصيب بها خلال احتجاجات متفرقة في منطقة الصحافة، جنوبي الخرطوم.

وأفاد الناطق الرسمي باسم الشرطة السودانية بوقوع إصابات وسط المتظاهرين ورجال الشرطة، جراء الحصب بالحجارة، ومحاولة إعادة استعمال قنابل الغاز المسيل للدموع.

وذكر المتحدث باسم الشرطة «أصيب عدد من رجال الشرطة، أثناء إزالتهم عوائق على أحد الطرق، إصابات بعضهم بالغة».

وأشار إلى أن الشرطة فتحت بلاغات بحق عدد من المتهمين بتهم إثارة الشغب، والإخلال بالسلام العام، والإزعاج، وتسبيب الجراح العمد.

ووصفت الشرطة التظاهرات بأنها تجمهرات بسيطة، في مناطق متفرقة بالعاصمة.

ولم يبدر عن البشير وحزبه (المؤتمر الوطني) الحاكم أي مؤشر إلى الإذعان لمطالب المحتجين، وألقى الرئيس باللوم في الاضطرابات على قوى أجنبية، لم يذكرها بالاسم. وبدأ هو وكبار المسؤولين يستخدمون لغة أكثر استرضاء في الأسابيع القليلة الماضية، وتعهد بإطلاق سراح المتظاهرين المعتقلين.

لكن نشطاء يقولون إن المئات لايزالون محتجزين.

وقالت لجنة أطباء مرتبطة بالمعارضة، الأسبوع الماضي، إن 57 شخصاً قتلوا، خلال الاحتجاجات. وتقول الحكومة إن عدد القتلى 32، بينهم اثنان من أفراد الأمن.

وعادة تستخدم قوات الأمن الغاز المسيل للدموع، وقنابل الصوت والذخيرة الحية لتفريق التظاهرات.

وأذكت أزمة اقتصادية متفاقمة، أبرز معالمها ارتفاع التضخم، ونقص الخبز والبنزين والعملة، الاضطرابات. وتراجع الجنيه السوداني إلى مستوى قياسي منخفض في السوق السوداء.

وخلال حديثها للصحافيين، الأربعاء الماضي، قالت المعارضة إن على البشير الرحيل، وإنها اتفقت على مؤتمر للحوار الدستوري في نهاية مرحلة انتقالية، مدتها أربع سنوات، يليها إجراء انتخابات.

وكان المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين، محمد يوسف أحمد المصطفى، قال الأربعاء الماضي، في مؤتمر صحافي بمقر حزب «الأمة» أكبر أحزاب المعارضة بأم درمان، إن «هذه الحكومة لابد أن ترحل، ونواصل ثورتنا حتى نحقق هدفنا».

واستبعد تجمع المهنيين أي حوار مع الرئيس عمر البشير، الذي يحكم البلاد منذ 1989، بعد أن أطاح الصادق المهدي، وهو اليوم رئيس حزب الأمة، الذي دعم حركة الاحتجاج.

ودعا تجمع مهنيي السودان بقية الأحزاب السياسية، للانضمام للحركة المعارضة بتوقيع «وثيقة الحرية والتغيير». وتقدم الوثيقة تصوراً لمرحلة ما بعد البشير، بما في ذلك إعادة بناء النظام القضائي، ووقف التدهور الاقتصادي، السبب الرئيس للاحتجاجات التي تشهدها البلاد.

وتحدثت منظمات حقوقية عن توقيف مئات المحتجين، بينهم قياديون في المعارضة وناشطون. وبحسب تقرير لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، فقد تم توقيف ما لا يقل عن 79 صحافياً.

وقالت المنظمة إنّ «هذه الاعتقالات المنهجية لم تطل فقط صحافيين يغطون الاحتجاجات، بل أيضاً صحافيين تجرأوا على التظاهر ضد سياسة الحكومة التعتيمية».


الحكومة أكدت أنها ستتخذ الإجراءات

القانونية اللازمة، في الرد على

الدعوات المنادية بالعنف والإرهاب

السياسي والفكري، والتغيير بالقوة.

تويتر