مراقبون: صفقة الأموال القطرية إلى «حماس» تهدف إلى إضعاف السلطة الفلسطينية

استشهاد 3 فلسطينيين بقصـــف إسرائيلي على غزة

ضربات جوية إسرائيلية تجاه غزة رداً على إطلاق صواريخ من داخل القطاع. أ.ف.ب

استشهد ثلاثة فلسطينيين وأصيب العشرات، الليلة الماضية، جراء قصف طائرات ومدفعية الاحتلال الإسرائيلي أهدافاً عدة في قطاع غزة، عقب إطلاق صواريخ عدة من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل، في تجدد للمواجهات التي اندلعت الليلة قبل الماضية في قطاع غزة في إطار عملية للقوات الخاصة الإسرائيلية أسفرت عن سبعة شهداء، بينما اعتبر المراقبون أن قطر وإسرائيل تهدفان من وراء صفقة الأموال إلى حركة حماس والتنسيق المستمر إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وتعزيز نفوذ «الحركة».

وتفصيلاً، ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية، أن من بين الشهداء الثلاثة الذين سقطوا في القصف الإسرائيلي محمد التتري ومحمد عودة، فيما تعاملت الطواقم الطبية مع الإصابات الناتجة عن شظايا صواريخ الاحتلال.

وكانت طائرات حربية ومدفعية إسرائيلية قصفت، الليلة الماضية، بعدد من الصواريخ أراضي زراعية وممتلكات للفلسطينيين في عدد من مدن قطاع غزة.

وذكرت مصادر أن طائرات استطلاع إسرائيلية أطلقت صاروخاً على مبنى الكلية الجامعية في حي تل الهوا غرب مدينة غزة، وأوقع أضراراً بالمكان.

كما قصف الطيران الحربي مواقع وأراضي زراعية وفارغة في مدينة غزة ووسط وشمال وجنوب القطاع، بعدد من الصواريخ والقذائف المدفعية.

وواصل طيران الاحتلال التحليق في أجواء القطاع وعلى ارتفاعات منخفضة.

من جهته، أكد جيش الاحتلال، أمس، إطلاق قذائف عدة من القطاع في الوقت الذي دوت فيه صافرات الإنذار في البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيحاي أدرعي، في بيان، إنه «تم رصد إطلاق نحو 100 قذيفة صاروخية من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، وتم اعتراض عدد منها من قبل القبة الحديدية».

في الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن خمسة مستوطنين إسرائيليين أصيبوا بجروح خطيرة جراء قذائف أصابت حافلة أطلقت من غزة، وأخرى أصابت منزلاً في مستوطنة سيدروت وأشعلت النيران فيه.

وأوضحت أن الحكومة الإسرائيلية طالبت المستوطنين بالبقاء في الملاجئ، في الوقت الذي دوت فيه صافرات الإنذار في محيط مدينة الخليل بالضفة الغربية ومستوطنة كريات أربع والبحر الميت.

وعلى صعيد متصل، أعلنت الغرفة المشتركة للفصائل في غزة تبنيها مسؤولية إطلاق القذائف على إسرائيل، مشيرة إلى أنها جاءت رداً على جريمته العدوانية الغادرة، الليلة قبل الماضية.

وحذرت الفصائل في بيان لها الاحتلال من استمرارية قصف القطاع، موضحة أنها ستزيد من مدى وعمق وكثافة قصفها لمواقعه ومستوطناته.

وكانت غارات إسرائيلية واشتباكات قد وقعت في قطاع غزة، أول من أمس، أسفرت عن استشهاد سبعة فلسطينيين وإصابة سبعة آخرين، بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني.

وقال أفيحاي أدرعي، في تغريدة على «تويتر»، «إن وحدة خاصة من الجيش الإسرائيلي قامت بعملية نوعية داخل قطاع غزة، وحدث تبادل لإطلاق النار، ما أسفر عن مقتل ضابط وإصابة آخر خلال العملية».

وأعلن جيش الاحتلال، فجر أمس، عن مقتل أحد ضباطه وإصابة آخر خلال الاشتباكات داخل القطاع.

يأتي ذلك بينما كان الوضع في غزة مستقراً بعد أشهر من المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين بالقرب من السياج الذي يفصل بين القطاع وإسرائيل.

وفي هذا الإطار سمحت إسرائيل لقطر بتسليم غزة 15 مليون دولار من أجل دفع رواتب الموظفين في القطاع، وهذه الأموال جزء من مبلغ 90 مليون دولار وعدت قطر بتحويلها إلى «حماس».

ودافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قراره السماح لقطر بتسليم هذه الأموال، وأكد في مؤتمر صحافي في باريس «لن أتراجع أمام حرب ضرورية، لكنني أريد أن أتجنبها إذا لم تكن ضرورية»، وقد قطع زيارته لباريس في وقت لاحق على خلفية التصعيد.

وتأتي العملية الإسرائيلية بعد يومين من سماح الحكومة الإسرائيلية لقطر بإدخال 15 مليون دولار لغزة، وأثارت الصفقة، التي يرى فيها مراقبون أنها تأتي في إطار مساعي إسرائيل وقطر لاستمرار الانقسام الفلسطيني ووأد أي محاولة للمصالحة، غضباً في غزة والضفة الغربية على حد سواء.

واعتبر المراقبون أن قطر وإسرائيل تهدفان من وراء هذه الصفقة والتنسيق المستمر إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وتعزيز نفوذ «حماس»، الأمر الذي يحقق مصلحة تل أبيب على المدى الطويل.

وتعزيز الانقسام من شأنه القضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية الواحدة، الأمر الذي يحقق أهداف إسرائيل، وفي الوقت نفسه يتماشى مع هدف «حماس» الساعية إلى الاستمرار في الإمساك بالقطاع.

وحالياً، تواجه «حماس»، التي انقلبت على السلطة الفلسطينية عام 2007، اتهامات بالخيانة، بعد أن تحول انخراطها في المشروع القطري الإسرائيلي الخبيث من سري إلى علني.

والحركة التي استغلت شعارات المقاومة لتعزيز نفوذها في القطاع، باتت اليوم تجاهر في انخراطها بمفاوضات غير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي تحت العباءة القطرية.

ومع استقبال السفير القطري، محمد العمادي، القادم عبر معبر إيريز محملاً بالملايين القطرية، شهد السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل يوم جمعة هادئاً.

وسقط في الأشهر الماضية عشرات القتلى الفلسطينيين على طول هذه السياج، برصاص الجيش الإسرائيلي خلال تظاهرات العودة التي تنظم كل يوم جمعة.

إلا أن الأسابيع الماضية كانت هادئة نسبياً بناء على الصفقة الثلاثية، وهذا ما أكده شريط فيديو رصد العمادي وهو يأمر عضو المكتب السياسي لحماس، خليل الحية، بالحفاظ على التهدئة على الحدود بعد قبض الملايين القطرية.

وللوهلة الأولى، تبدو العملية الإسرائيلية الأخيرة خارج سياق هذه التطورات، بيد أن مراقبين يرون أنها تأتي في إطار الصفقة ولتحقيق مكاسب إسرائيلية وحمساوية داخلية على حد سواء.

إسرائيلياً، اعتبر محللون أن العملية تهدف إلى إسكات الأصوات الداخلية المعارضة لخطوة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، السماح لقطر بتسليم «حماس» 15 مليون دولار.

ومن خلال هذه العملية التي استهدفت قيادياً بكتائب عزّ الدين القسام، يحاول نتنياهو التأكيد على أن الصفقات مع الحركة وقطر لن تحول دون استمرار استهداف القيادات العسكرية.

وفي ما يتعلق بـ«حماس»، من شأن هذه العملية والتصدي لها التغطية على الصفقة مع إسرائيل، وتخفيف حدة الغضب الشعبي في القطاع الناجم عن مثل هذه التفاهمات التي تصب لمصلحة الحركة حصراً.

ويرى البعض أن أهداف هذه العملية تتجاوز ذلك، فهي تندرج في إطار البنود السرية للصفقة، التي تسمح لإسرائيل بتصفية بعض القيادات العسكرية في «حماس»، لتحقيق مصلحة الطرفين.

وتسعى إسرائيل إلى اغتيال القادة الذين يمتلكون خبرات ميدانية عسكرية، وتعتبر أنهم يشكلون خطراً على أمنها في حال خرجت الأمور عن السيطرة، وقرروا الانشقاق عن حماس.

وفي الوقت نفسه، تحقق هذه الاغتيالات مصلحة «حماس» المنخرطة في المشروع القطري الإسرائيلي، فهي تستعين بالجيش الإسرائيلي للقضاء على الأصوات المعارضة داخل الحركة.

- العملية تأتي بعد يومين من سماح الحكومة الإسرائيلية لقطر بإدخال 15 مليون دولار لغزة، وأثارت الصفقة غضباً في غزة والضفة الغربية، على حد سواء.

تويتر