تحدي الأفكار

محمد سالم آل علي

يقول أهل الإبداع والابتكار إن الأفكار قادرة على تغيير العالم، إلا أن الانطلاق من مرحلة الوحي والإلهام نحو فكرة صانعة للتغيير، هو الأصعب في حياة كل فكرة، ليس فقط بسبب التحديات والعقبات، بل لأنها تسكن في عالم مليء بالتحولات، وعليها هي أيضاً، أي الفكرة، أن تتكيف وتتطور استجابة لشتى التغيرات.

ولعل أبرز التحديات التي تواجهها أي فكرة، هي الغموض أو السقوط في فخ التنظير، لذلك ومن أجل فكرة قابلة للتنفيذ، يجب إيضاحها بشكل يمكن نقله وإيصاله للجميع، كما يجب أيضاً على من يأتون بها أن يمتلكوا القدرة على تصورها في سياق عملي، وإلا ستبقى مفهوماً نظرياً أو مثالياً، وما أكثرها هذه الأيام.

ومن الأمور الأخرى التي يجدر التطرق لها هو مدى الانسجام مع المجتمع أو السوق، أي أن الفكرة، مهما كانت رائعة، يجب أن تلبي حاجة ومطلباً لدى جمهورها المستهدف، وهنا يأتي دور أبحاث السوق والدراسات الاستقصائية والاستبيانات وغيرها من وسائل التفاعل مع الجمهور والمتعاملين.

وبالطبع، يتطلب تحويل أي فكرة إلى واقع الكثير من الموارد والميزانيات، بما في ذلك الوقت والمال والخبرات، وجميعنا يعلم صعوبات العثور على مستثمرين، أو حتى تأمين التمويل، ولا شك أيضاً اكتساب المهارات والمعرفة اللازمة للتطوير، الأمر الذي يؤدي إلى موت الفكرة في مهدها وقبل أن تبصر النور، ومما يُعقد الأمر أمام بعض الأفكار أيضاً، عدم جدواها من الناحية التقنية، كتلك الأفكار المبتكرة ولكنها صعبة التنفيذ.

بالتأكيد هناك العديد من العقبات الأخرى، كصعوبة المنافسة في سوق مشبع بالمنتجات، جنباً إلى جنب مع العوائق التنظيمية والقانونية التي قد تمنع الفكرة من الوصول، مثل صعوبة الالتزام باللوائح والمعايير، أو كثرة التصاريح والموافقات، ما يفضي إلى الكثير من التأخير والنفقات، وصولاً إلى التخلي عن الفكرة بشكل تام، ناهيكم عن العقبة الأشد، وهي الوصول لأهل الحل والربط، والمطلوب هنا إنشاء المؤسسات المعنية بجمع وتصفية الأفكار، ثم طرحها جاهزة على طاولات القرار.

لا شك أن الطريق من الأذهان إلى الواقع وعر وعسير، لكنه سالك وليس مستعصياً، ولعل أفضل المقاربات برأيي تتمثل في تبني النهج الاستباقي، أي إجراء الأبحاث وتوظيف الاستبيانات، وتخصيص الموارد، والتحلي بالمرونة والقدرة على التكيف، وأيضاً إيجاد السبل والقنوات، وما هو اليوم شرارة من الإلهام، سيكون غداً واقعاً رائداً ومساراً نحو الإنجازات.

*مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر