ثورة الذكاء الاصطناعي في التعليم

الدكتور مراد الرجب*

في عالم يتسارع تعقيده، ظهر الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة للابتكار، مُحدثاً ثورة ملحوظة في مجالات عدة يعد التعليم أبرزها، حيث أدى إلى تغييرات جذرية في قطاع التعليم ومناهج التعلّم.

وقد أسهمت تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في توفير نهج تعليمي مخصص لكل طالب، وتقديم محتوى تعليمي وإرشادات تلبي الاحتياجات الفردية، كما وفرت القدرة على تحليل أداء الطلبة بكفاءة، وهذه الطريقة الشخصية في التعليم تُعد أكثر فاعلية.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي، فإنه يلقي بتحديات على المدى المنظور، قد تؤثر في الاعتماد المفرط على التكنولوجيا، وتثير مخاوف من تآكل مهارات تعليمية أساسية.

هذه التحديات أثارت قلق المجتمع التعليمي بشأن التقليل من قدرة الطلاب على الاعتماد على الذات، والتفاعل والتفكير المستقل، وحل المشكلات بشكل فردي، ما يحد من قدرتهم على التحدي والابتكار، وهي من المهارات الأساسية للنجاح في معترك الحياة الاجتماعية وسوق العمل.

وإضافة إلى ذلك، تبرز تحديات تتعلق بقضايا الخصوصية والأمن السيبراني، ما يتطلب من جميع المؤسسات التعليمية وضع نُظم وتشريعات صارمة تضمن حماية بيانات الطلاب، واستخدام التكنولوجيا بطريقة مسؤولة وأخلاقية.

لذا فمن الضروري إيجاد توازن استراتيجي ومدروس يمكّن المؤسسات التعليمية من دمج الذكاء الاصطناعي، بطريقة تعزز التعلم الذاتي وتحافظ على جودة التعليم واستدامته، مع الحفاظ على التفاعل البشري والأنشطة الإبداعية.

ويجب على المؤسسات التعليمية تصميم برامج تعليمية تعزز الاستقلالية وتطور المهارات الحياتية، وتشجيع الفهم العميق والمعرفة المستدامة للطلاب، مع الاستفادة من التقدم التكنولوجي وأدوات الذكاء الاصطناعي، كما يجب عليها وضع أطر وقوانين تحدد الاستخدام الملائم والصحيح للذكاء الاصطناعي في التعليم.

ومن المؤكد أن الذكاء الاصطناعي سيواصل لعب دور محوري في تشكيل مستقبل التعليم، ما يسهم في تنمية جيل مبدع مستعد لمواجهة تحديات العالم الحديث إذا ما تمت صياغة بيئة تعليمية مصانة بأسس وقوانين وتشريعات تتناسب مع هذه الثورة العلمية. وهذا سيساعد على تهيئة جيل معرفي قادر على مواجهة تحديات العصر الرقمي المتنامي، أو ما يعرف بالانفجار المعرفي، بشكل ممنهج ومدروس سيرتقي بالمجتمع.

*أستاذ مساعد، قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، كليــة الهندســة، جامعـــة أبوظبي   

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر