ضمانات ربانية

الدكتور هشام الزهراني

لايزال الحديث مستمراً في بيان ما ضَمِنَه الله تعالى لعباده المنفقين، حيث نُعرِّج على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي فيها تطمين للمتصدّقين، وباعث على الإنفاق والعطاء.

فمن تلكم الأحاديث النبوية الشريفة.

الأول قوله: «ما نقصت صدقة من مال»، أو كما هو المشهور على الألسنة، «ما نقص مال من صدقة». فهذه العبارة من الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، كافية للمتصدّق أن يطمئن، فكيف لو وقفت على بداية هذا الحديث، فإنها تزيدك تحفيزاً على العطاء. فقد بدأ بقوله ثلاثة أقسم عليهن، وذكر منها: «ما نقص مال عبد من صدقة»، فزاد تأكيد الأمر بالقسم، وربما يقال إنه أقسم لأنه في ميزان العبد أن الشيء إذا خرج من عنده، فإنه ينقص، فبين النبي صلى الله عليه وسلم، أن الأمر على خلاف ذلك في المتصدّق، فالمال لا ينقص بل يزيد.

الثاني: «أعط منفقاً خلفاً». هذه الجملة وردت في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم، لكنه من دعاء ملك كريم قريب من الله تعالى، ممن لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فهذا الملك يدعو للمتصدقين بأن الله يخلف عليهم بالخير العميم. ولاحظ أن المَلك في دعائه نكّر كلمة الخلف، وهذا يفيد التعميم لا الحصر، فلا تظن أن الله تعالى يخلف عليك المال فحسب، بل الدعاء يشمل مطلق الخلف، فيبارك الله في عمرك وصحتك وذريتك، إلى غير ذلك مما خطر على بالك أو لم يخطر.

الثالث: «مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما، فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت أو وفرت على جلده حتى تخفي بنانه». فحال المنفق أن الدرع التي يلبسها تتسع عليه كلما أنفق، حتى تستر جميع بدنه من دون أن تضيق عليه، فقال أهل العلم فيه أمران للمنفق.

الأول: أن الخير يتسع للمتصدّق ويزيد، كما تتسع الجبة التي يلبسها، فتنشرح نفسه، ويكثر ماله، ويعان على مقصوده، فلا يضيق عليه.

والثاني: أن هذا الإنفاق يحفظ المتصدّق ويستره في الدنيا والآخرة من المكروه، كما أن الدرع تحفظ المقاتل.

فجميع ما سبق يحثّ على التصدّق والبذل والعطاء عموماً، ويتأكد في شهر رمضان الفضيل خصوصاً.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر