ضمانات ربانية (١)

الدكتور هشام الزهراني

يقدم الإنسان على تصرف ما بحسب المصالح المتحققة من وراء ذلك، إما نيل فائدة أو دفع مفسدة، فإذا لم يوجد شيئاً منهما انصرف عن ذلك الفعل.

فالأب لا يتخذ قرار الموافقة على إلحاق أبنائه بمدرسة معينة حتى يتحقق من جودة التعليم، وسهولة التواصل والتنسيق، وتوافر نظام داخلي مريح للطلبة، فلو شعر بعدم الراحة لم يقدم على وضع ثمرة فؤاده في تلك المدرسة.

ولأن النفس البشرية جبلها الله تعالى على ذلك، فإنه أعلم بما يحفزها وما يثبطها، فخاطب المسلمين بصيغ تبعث على الطمأنينة والشعور بالراحة، ونتأمل مع معاشر القراء تلك الصيغ:

أولها: قوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون)، فيه جملة من المحفزات: الأول: تسمية الصدقة قرضاً، وعادة القروض أن تكون مردودة إلى صاحبها. الثاني: الواجب أن ترجع القروض بمثلها، إلا إذا زادها المقترض كرماً منه لا عن اشتراط مسبق، ولكن الله تعالى لا يرد القرض إلى صاحبه بمثله، ولا بضعف واحد أو اثنين، بل بأضعاف كثيرة.

الثالث: أن الله هو القابض الباسط، فهو المعطي والمانع، فمن يملك هذه الأمور فإنه يبعث البشارة إلى أن ما سيعطاه المتصدق سيكون وافراً غزيراً، لأن الإنسان يأمل من الثري أن يهبه مالاً كثيراً، فكيف الأمل إذا كان التعامل مع ملك الملوك!

ثانيها: ذكر الله تعالى في مواضع: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين)، وفي مرتين قال: (وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون)، وقال أيضاً: (وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون).

والبشارات فيها أن الله تعالى وعد المتصدقين بأن ما أنفقوه سيرجع إليهم في ثلاثة مواطن، كلها تؤكد الأخرى، ومن أصدق من الله قيلاً.

وختم الأولى بأنه خير الرازقين، وختم الآيات الأخر بقوله: (وأنتم لا تظلمون)، فلا يحصل بخس ولا جور في العطاء، بل هي منح ربانية من اللطيف الكريم.

ثالثها: قوله: (وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض)، دعوة لعدم التردد في الإنفاق، فلا حاجة إلى مراجعة الفكر، بل الداعي إلى الإنفاق أقوى من عدم الإنفاق، لأن السماوات والأرض كلها لله تعالى، فمن يملك ذلك كفيل بأن يمنح المنفقين أجوراً عظيمة طائلة.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر