«يوتوبيا» أحمد خالد توفيق و«كثبان» فرانك هربرت

د. كمال عبدالملك

أحمد خالد توفيق، كاتب مصري متميز، قدّم إسهامات مهمة لنوعية الخيال العلمي في الأدب العربي. يُعدّ عمله المشهور «يوتوبيا» شاهداً على قدرته الخيالية والروائية الفريدة. غالباً ما تمزج روايات المبدع الراحل بين الرؤى المستقبلية مع الواقع الاجتماعي، ما يقدم تأملاً في القضايا المعاصرة من خلال السرد المتخيل.

تقدم «يوتوبيا» - ويا للمفارقة - عالماً ديستوبياً في ضواحي مدينة القاهرة، وتصوّر مجتمعاً يكافح مع التطوّرات التكنولوجية والآثار الأخلاقية للتقدم العلمي. من خلال هذا العمل يستكشف توفيق عواقب سعي الإنسان للكمال والصراعات التي تنشأ عن التحوّلات الاجتماعية المتسارعة.

«يوتوبيا»، وصف مستقبلي كئيب للمجتمع المصري في عام 2023، يأخذ القرّاء في رحلة مثيرة للرعب خارج المجتمعات المسوّرة في الساحل الشمالي، حيث يتم عزل الأثرياء عن قسوة الحياة خارج جدران السور وبوابات الأمن. عندما يخترق شاب وفتاة هذه الفقاعة من الثراء يشاهدان حياة مواطنيهما المصريين المعدمين، يجدان نفسيهما يواجهان عالماً لم يكونا يتخيلاه ممكناً. تتلوّن وتتوتر أحداث «يوتوبيا» حتى الصفحة الأخيرة، وقد تجعل بعض القرّاء يتساءلون ما إذا كانت هذه الرؤية للمستقبل قد تحققت بالفعل (العام الماضي كان 2023).

من ناحية أخرى، نجح فرانك هربرت، الكاتب الأميركي المرموق، في تحديد مكانته في نوعية الخيال العلمي بعمله الرئيس «الكثبان». تدور أحداث رواية هربرت في المستقبل البعيد وتصوّر مجتمعاً فضائياً معقداً وسط كمّ من المؤامرات السياسية والمشكلات البيئية والدينية في كوكب صحراوي يُدعى (أراكيس).

عند مقارنة «يوتوبيا» أحمد خالد توفيق، بـ«الكثبان» لهربرت، نجد أنه على الرغم من الانتماء إلى خلفيات ثقافية مختلفة، فإن كل كاتب منهما يغوص في بناء مجتمعات وطبائع بشرية متشابهة. لكننا نلاحظ أنه بينما يركّز الروائي المصري على قاهرة ديستوبية محلية وفي زماننا، فإن الكاتب الأميركي يبني عالماً شاملاً يمتد إلى أبعد الحدود مع قضايا سياسية وبيئية تعكس هموماً عولمية.

يلمس عمل توفيق عادة الآثار الناتجة عن التطوّرات التكنولوجية السريعة داخل المجتمع المصري، بينما تتناول «الكثبان» بشكل مبطّن موضوعات الحفاظ على البيئة ونتائج السلطة المطلقة في حضارة فضائية ضخمة.

في جوهرهما، تُعدّ روايتا «يوتوبيا» و«الكثبان» أمثلة ملحوظة على نوعية الخيال العلمي، تُظهر تنوّع الموضوعات والسرد ضمن الخيال التأملي، بينما تتجاوب مع الجماهير عبر القضايا المجتمعية المختلفة. لكن يبقى الخوف على مستقبل البشرية حاضراً في الروايتين.

باحث زائر في جامعة هارفارد

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر