تصفير البيروقراطية

محمد سالم آل علي

في خطوة استباقية تؤسس للمستقبل، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن برنامج «تصفير البيروقراطية الحكومية»، بهدف القضاء على أوجه القصور البيروقراطية كافة في دولة الإمارات. وكما هو متوقع، جاءت تلك الخطوة لتؤسس لمعيار عالمي جديد في فن الإدارة الحكومية، ولتضع بوصلة جديدة تهتدي بها حكومات العالم أجمع نحو نموذج فريد تماماً من الخدمات الحكومية الأكثر تطوراً وكفاءة.

ولعل النظرة التحليلية المتعمقة لهذا البرنامج الرائد تكشف من الأبعاد الاستراتيجية الكثير، فهو يهدف بالمقام الأول إلى الحد بشكل كبير من العمليات البيروقراطية عبر إلغاء 2000 إجراء حكومي غير ضروري خلال عام واحد، فمن خلال تقليص الإجراءات غير الضرورية، يسهم البرنامج في تعزيز القدرة التنافسية بشكل واضح وملموس، ما يعطي الدولة جاذبية فوق جاذبية بالنسبة للمستثمرين ورجال الأعمال المحليين والدوليين. وبما أنه أيضاً يهدف إلى تقليل الوقت اللازم لمعالجة الخدمات الحكومية إلى النصف، فإنه سيعطي الأولوية دائماً لتقديم خدمات حكومية أسرع وأكثر إسعاداً لطالبيها من مواطنين ومقيمين، ما يؤثر بشكل مباشر وإيجابي على مختلف جوانب حياتهم. ولأنه برنامج عنوانه الشمول وبُعد النظر، فقد ركز أيضاً على تحفيز العاملين في القطاع الحكومي وتشجيعهم على المزيد من الابتكار والإبداع، وهذا ما يتضح من خلال نظام المكافآت السخية التي قد تصل إلى مليون درهم للموظفين أو فرق العمل التي تتفوق في تبسيط العمليات وإيجاد الحلول.

كما أن البرنامج، وبالإضافة إلى كل ما سبق، يعد جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية الأوسع لدولة الإمارات في تطبيق التحول الرقمي الشامل، وتحقيق الاستفادة المثلى من تقنيات العصر في تبسيط الخدمات والعمليات الحكومية.

أما بالنسبة لأصداء البرنامج على الصعيد العالمي، فيمكنني القول إن تأثيره بدأ منذ اللحظة الأولى لإعلان سموه عنه، ليس فقط عبر ترسيخ مكانة الدولة كواحدة من أكثر دول العالم مرونة واستباقية، وإظهار قدرتها التي لا تضاهى في الاستجابة لاحتياجات المشهد العالمي سريع التطور، وإنما أيضاً عبر نجاح تلك الرؤية الرشيدة في الوصول إلى أعلى مراكز التخطيط الاستراتيجي في سائر الدول والبلدان الساعية إلى تحقيق تميز مماثل في الخدمات والإدارة الحكومية.

وفي الختام لابد من القول إن طموح الريادة على مستوى العالم كان وسيبقى الهدف الأسمى لدولة الإمارات، وكل نجاح يمثله هذه البرنامج وغيره من المبادرات، يقربها خطوة من أن تصبح الدولة الأولى في التميز الحكومي، والمنارة الأعلى للحوكمة الحديثة في شتى أرجاء الأرض.

مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر