«روبلوكس».. معجزة الاستثمار الرقمي

الدكتور علاء جراد

ما رأيك في أن تبرمج لعبة فيديو فيصل صافي قيمتها إلى 17 مليار دولار، وعدد مستخدميها إلى 202 مليون مستخدم في الشهر، وتحصل على أفضل لعبة لدى الأطفال أقل من 16 عاماً، ليس هذا فقط، بل تحصل على جائزة «بافتا» الشهيرة كأفضل لعبة فيديو؟! هذا ما حدث بالضبط للعبة الرقمية الأشهر «روبلوكس» (Roblox) التي أطلقها كل من ديفيد بازوكي وإريك كاسيل عام 2006. لقد تخطى عدد ساعات اللعب منذ نشأة اللعبة 12 تريليون ساعة.. فما هي قصتها؟

في المجال الرقمي، حيث يتشابك الابتكار والإبداع، تقف لعبة «روبلوكس» كمثال لاقتصاد المنصات «Platform Economy»، وقد غيرت هذه اللعبة الطريقة التي ينظر بها العالم لألعاب الإنترنت والمحتوى الرقمي الذي ينشئه المستخدم من خلال مئات الملايين من المستخدمين النشطين شهرياً، ومن بين أكثر من 40 مليون لعبة متنوعة برزت «Roblox» كعالم افتراضي بحد ذاته، حيث لا يوجد للخيال حدود.

تعد مكتبة اللعبة بمثابة شهادة على الإبداع البشري، حيث تحتوي على أكثر من 40 مليون لعبة. فكرة اللعبة تعتمد على توفير مساحة تتيح للمستخدمين إنشاء ألعابهم وتجاربهم باستخدام لغة برمجة خاصة تسمى «Lua»، حيث يمكن للمستخدمين برمجة عالم خاص بهم، قد يكون منزلاً أو مزرعة أو مدينة، كما يمكن تصميم أزياء ومجوهرات. ليس هذا فقط، لكن يمكن بيع تلك المنتجات الرقمية على اللعبة نفسها وتحقيق أرباح هائلة، حيث قدمت «روبلوكس» العملة الافتراضية «روبوكوس» التي يمكن شراؤها أو كسبها من خلال الأنشطة المختلفة داخل اللعبة.

وتعمل المنصة على تمكين المستخدمين من جميع الأعمار من تصميم ألعابهم وإنشائها ومشاركتها، ما يؤدي إلى إنشاء نظام بيئي افتراضي واسع ومتنوع. إن إضفاء الطابع الديمقراطي على تطوير الألعاب لم يعزز الشعور بالملكية بين المستخدمين فحسب، بل أدى أيضاً إلى احتواء مجتمع مزدهر من المطورين الذين يستثمرون إبداعاتهم، حيث يمكن لهم استبدال «روبوكوس» بأموال حقيقية، وإنشاء اقتصاد افتراضي، وقد أدى هذا النموذج الاقتصادي إلى ظهور مجتمع مطورين محترفين داخل اللعبة يكسب بعضهم دخلاً كبيراً من إبداعاتهم.

بجانب الألعاب، وجدت شركة «روبلوكس» طريقها إلى عالم التعليم من خلال رؤيتها لجعل التعلم أكثر جاذبية، حيث عقدت شراكة مع المعلمين والمؤسسات لإنشاء تجارب تعليمية داخل المنصة، حيث يتم تبسيط موضوعات مثل الرياضيات والعلوم والتاريخ من خلال الألعاب التفاعلية وعمليات المحاكاة، ما يجعل التعلم مغامرة شيقة.

إن هذه اللعبة مثال ممتاز لأهمية الاستثمار في ألعاب الفيديو وتأثيره على الصناعة الرقمية، حيث لم تصبح منصة مربحة فحسب، بل خلقت أيضاً فرصاً كبيرة للمطورين ومنشئي المحتوى لاستثمار عملهم. يوضح هذا الجدوى المالية للاستثمار في ألعاب الفيديو والذي قد يؤدي إلى عوائد كبيرة على الاستثمار في قطاع الترفيه الرقمي، كما يُظهر توسع «روبلوكس» في التجارب التعليمية كيف يمكن لألعاب الفيديو أن تمتد إلى ما هو أبعد من الترفيه. أتمنى لو أن القطاع الخاص بل وحتى القطاع الحكومي في المنطقة العربية يتجه لهذا النوع من الاستثمار الذي يمكن أن يغير دفة صناعة البرمجيات، خصوصاً في ظل وجود الكفاءات البشرية المهولة الموجودة في المنطقة، وتوافر الأدوات مثل الذكاء الصناعي.

Garad@alaagarad.com

Alaa_Garad@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر