الاستدامة البيئية.. نمط حياتنا المستدام

محمد سالم آل علي

تعتبر الاستدامة البيئية واحدة من أهم القضايا التي تشغل العالم حالياً، وذلك بسبب استخدام الإنسان المتزايد للموارد الطبيعية بشكل كثيف وغير منتظم؛ إلى أن أصبحت التداعيات تشكل التحدي الأكبر والعقبة الأصعب أمام تحقيق الاستدامة بكل مجالاتها، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

لقد حفز هذا التحدي العديد من الجهات والهيئات بما في ذلك الحكومات والمنظمات الدولية، ودفعها للغوص عميقاً في المفهوم الشامل للاستدامة البيئية، بغية منها لتوجيه الأنظار إلى أهمية تحقيق التوازن بين الاستخدام البشري الحالي للموارد الطبيعية، وكذلك حمايتها بالنسبة للأجيال المستقبلية، مع الأخذ بعين الاعتبار الأهمية الجوهرية للبيئة باعتبارها المصدر الأوحد للغذاء والمياه والهواء النقي؛ فالاستدامة البيئية حجر الأساس لضمان البقاء والاستمرارية للإنسانية جمعاء.

ولحسن الحظ بدأنا اليوم نشهد تحولاً عالمياً حثيث الخطى نحو الاستدامة البيئية، وذلك بسبب ازدياد المعرفة والخبرة لدى كل من الحكومات والمجتمعات حول الطريقة الأفضل للاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة من جهة، بالإضافة إلى ظهور تأثيرات واضحة لتغيرات المناخ في العديد من الدول من جهة أخرى، ما أدى إلى حدوث تسابق بين القطاعات الاقتصادية والصناعية للابتعاد شيئاً فشيئاً عن المواد المسببة لتلوث البيئة، إضافة إلى بروز تغيير ملموس للمفهوم القديم القائل باستحالة تحقيق التوازن بين البيئة والتطوير الاقتصادي؛ فالجميع اليوم أصبحوا مقتنعين بالدور الكبير الذي تلعبه الاستدامة البيئية في خلق الفرص الاقتصادية التي تعزز من الاقتصاد وتدفعه باتجاه النمو.

وفي الواقع هناك العديد من الأمثلة على إجراءات حقيقية في سبيل تحقيق الاستدامة البيئية، نذكر منها على سبيل المثال تحفيز استخدام الموارد المتجددة والمستدامة والطاقة النظيفة، مثل طاقة الشمس وطاقة الرياح، وتطبيق الممارسات المستدامة في الصناعة والزراعة والنقل وغيرها من القطاعات، وتوسيع الزراعة العضوية واستخدام المواد العضوية القابلة للتحلل، وكذلك حماية التنوع الحيوي وتحسين جودة المياه والهواء، وتشجيع الاستخدام المستدام للمياه والأراضي والغابات والثروة الحيوانية، إضافة إلى تعزيز الابتكار التكنولوجي البيئي وتعميق التعاون الدولي في مجال الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة.

لا شك بأن الحكومات تلعب دوراً حيوياً في تحقيق الاستدامة البيئية من خلال وضع السياسات والتشريعات وتحفيز الشركات والأفراد لاتخاذ الخطوات اللازمة للحفاظ على البيئة وتحسين جودة الحياة، إلا أن الاهتمام بالبيئة وحمايتها لا يقع فقط على عاتق الحكومات والمؤسسات، بل هو أمر يشمل المجتمع بأكمله، حيث يمكن للفرد العادي أن يسهم في تعزيز الاستدامة البيئية عن طريق تغييرات بسيطة في سلوكه اليومي تتمحور بمجملها حول تبني العادات الصحيحة التي تحافظ على البيئة، ومثال ذلك تقليل استخدام المواد البلاستيكية، وترشيد استهلاك المياه والكهرباء، والتخلص من النفايات بشكل صحيح، والتطوع في أنشطة بيئية، وزراعة الأشجار والنباتات في المناطق الخضراء، وبمعنى آخر يمكن لتغييرات بسيطة في السلوكيات والممارسات اليومية للأفراد أن تسهم بشكل كبير في تقليل تأثيرات التدهور البيئي على الكوكب.

وعموماً يسهم المجتمع بأكمله في تعزيز الاستدامة البيئية من خلال توفير المناخ المناسب للاستدامة البيئية ودعمها، والعمل المشترك بين أفراد المجتمع في تنظيم حملات ومبادرات بيئية مختلفة، مثل حملات التوعية بأهمية الاستدامة البيئية وتشجيع استخدام الوسائل الصديقة للبيئة، إلى جانب تنظيم فعاليات بيئية ومؤتمرات وورش عمل لتحديد الخطط والبرامج اللازمة لتحقيق الاستدامة البيئية.

ختاماً، يمكن القول إن الاستدامة البيئية ليست مجرد مفهوم فلسفي أو اجتماعي، بل هي حاجة حتمية للبقاء والاستمرارية، وبالنظر إلى التحديات التي تواجه العالم اليوم، يجب علينا أن نعمل بجهد لتبني أساليب الحياة المستدامة والحفاظ على البيئة ومواردها.

فلنقم بدورنا كمجتمعات وأفراد، ولنتحمل مسؤولياتنا تجاه البيئة، ولنعمل معاً لتعزيز الاستدامة البيئية وخلق عالم أفضل للأجيال المقبلة، ولا ننسى هنا أن كل خطوة نقوم بها يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً على المدى الطويل، فجميعنا مسؤولون عن المحافظة على كوكبنا، وعن تركه للأجيال المقبلة في حالة أفضل مما وجدناه عليها.

الاستدامة البيئية واحدة من أهم القضايا التي تشغل العالم حالياً، وذلك بسبب استخدام الإنسان المتزايد للموارد الطبيعية بشكل كثيف وغير منتظم.

مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر