مقاومو التعلم

الدكتور علاء جراد

هل قابلت يوماً شخصاً جعلك تقتنع أنه ليست هناك فائدة، وأن الشخص لن يتعلم، ولن يتغير؟ لاشك في أننا نواجه أفراداً يبدون معارضين للتعلم أو مقاومين له.

يستعرض مقال اليوم خصائص الأفراد الذين لا يمكنهم التعلم أو لديهم مقاومة للتعلم، والأسباب المحتملة لمقاومتهم، واستراتيجيات تعزيز بيئة تعلم داعمة لهؤلاء.

ما سمات الأفراد مقاومي التعلم؟ بداية لنتفق أن هناك شرطين للتعلم، أولاً: الرغبة أو الإرادة، ثانياً: القدرة، فحتى يتعلم الإنسان لابد أن تكون لديه الرغبة والإرادة للتعلم، فيمكن إجبار طالب على الذهاب للمدرسة، أو حضور درس ما، لكن لا يمكن إجباره على استيعاب وتعلم المحتوى، وبالتالي فالتعلم هو «اختيار»، وللشخص مطلق الحرية في اختيار التعلم أو تجاهله. الشرط الثاني للتعلم هو القدرة، أي المقدرة والكفاءة العقلية والحسية والإدراك والاستيعاب والتذكر والتدبر وتكوين أفكار وانتقادها والتعبير عنها وفهمها واسترجاعها، حيث يمكن أن تكون لدى الفرد الرغبة في التعلم، لكن إمكاناته الذهنية ضعيفة، أو لديه بطء تعلم، أو حتى إعاقة تعلم، وكل ذلك له أساليب مختلفة لعلاجه ما لم يقاوم الشخص التعلم.

أما عن سمات هؤلاء الأفراد مقاومي التعلم، فقد يظهرون عدم الاهتمام أو اللامبالاة أو السلبية تجاه المساعي التعليمية.

قد يُظهر بعض الأفراد أيضاً نقصاً في الحافز، أو يتجنبون التحديات باستمرار، أو يظهرون عقلية ثابتة تحد من إيمانهم بقدرتهم على التعلم والنمو. يمكن أن تظهر هذه السمات عبر مختلف الفئات العمرية والبيئات التعلمية، ما يشكل تحديات جسيمة للمعلمين وأولياء الأمور والموجهين والمديرين. لماذا يقاوم الأفراد التعلم؟ يمكن أن تسهم عوامل عدة في أن يصبح الشخص غير قابل للتعلم، مثل التجارب السلبية السابقة في النظام التعليمي، كالفشل أو النقد أو نقص الدعم، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم التأثيرات الخارجية مثل الظروف الشخصية أو الضغوط الاجتماعية في مقاومة التعلم، كما يمكن أن تلعب الحواجز النفسية، مثل الخوف من الفشل أو تدني احترام الذات أو العقلية الثابتة دوراً مهماً أيضاً.

ما استراتيجيات التغلب على مقاومة التعلم؟ يعمل تبني الاستراتيجيات الصحيحة على كسر الحواجز، وتعزيز بيئة تعلم إيجابية، حيث يحدث بناء للثقة، كما أن إظهار الاهتمام الحقيقي من قبل المعلمين أو المدربين والمديرين يمكن أن يسهل عملية التعلم ويضبطها وفقاً لاحتياجات المتعلمين الفردية، واهتماماتهم ونقاط قوتهم، فيؤدي ذلك إلى زيادة المشاركة والتحفيز. يمكن أيضاً استخدام الأنشطة العملية والتطبيقات الواقعية والمناقشات التفاعلية. إن توفير بيئة داعمة ودامجة للكل أمر بالغ الأهمية، ويمكن للتشجيع والتعزيز الإيجابي والاحتفال بالنجاحات الصغيرة أن يعزز ثقة هؤلاء الأفراد، ويساعدهم على تطوير عقلية النمو (Growth mindset).

ومن خلال التعرف إلى العوامل الأساسية التي تسهم في مقاومة التعلم، وتنفيذ استراتيجيات مخصصة، يمكن إطلاق العنان لإمكانات النمو داخل هؤلاء الأفراد. فكل شخص يمكن أن تكون لديه القدرة على التعلم والنمو، إذا تم منحه الدعم المناسب والتشجيع والفرص. ومن خلال الصبر والتعاطف والأساليب المبتكرة يمكن إنشاء بيئة تعلم شاملة، تعزز نجاح جميع المتعلمين، بما في ذلك أولئك الذين قد يبدون في البداية غير قابلين للتعلم.

Garad@alaagarad.com

@Alaa_Garad

 
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر