العلاقات السامة

الدكتور علاء جراد

تعتبر العلاقات الإنسانية مكوناً أساسياً في حياتنا، ومن الصعب أن يعيش الإنسان حياة طبيعية وصحية دون أن تكون لديه علاقات بالآخرين، وقد تكون العلاقات مصدر سعادة وإلهام ودعم، ولكن أحياناً قد تصبح مصدراً للتعاسة والشقاء والقلق الدائم، فتصبح علاقة سامة ومضرة للصحة النفسية، وقد يمتد أثرها للصحة البدنية، ونظراً لعدم الوعي الكافي، أو بسبب الموروث الثقافي يصعب الحديث عن ذلك النوع من العلاقات أو حتى اكتشافها أصلاً.

إن العلاقة السامة هي تلك التي تجعل الإنسان يشعر بأنه غير مدعوم، ودائماً يساء فهمه، أو يتعرض للهجوم المستمر وعدم التقدير، وقد يتطور الأمر لأن تتعرض سلامة الإنسان للخطر بطريقة ما، عاطفياً ونفسياً وحتى جسدياً، وبصفة عامة، فإن أي علاقة تجعل الإنسان يشعر بالسوء يمكن أن تصبح سامة بمرور الوقت.

ويمكن أن توجد العلاقات السامة في أي سياق تقريباً، في العمل، النوادي، أو حتى داخل جدران البيت الواحد بين أفراد الأسرة، ويتطور الأمر عندما يكون أحد طرفي العلاقة لديه بالفعل اضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب أو الميول الاكتئابية، فهؤلاء الذين يعانون اضطرابات نفسية حساسون جداً، وبحاجة لمعاملة خاصة، على سبيل المثال قد يكون أحد الأشخاص الذين نتعامل معهم من النوع الذي يحاول دائماً جذب الاهتمام، وقد يجعله ذلك عرضة للتنمر أو التهكم أو محاولة التقليل من أهمية الموضوعات التي يطرحها، وبالتالي تتدهور معنوياته، ويتصرف بطريقة غير ودية، وفي المقابل يتعامل معه الآخرون بطريقة غير ودية أيضاً ومع الوقت يزداد الأمر سوءاً.

لا أدري إن كان يمكننا وصف شخص بأنه سام بصفة عامة، أو أن صفة «السمية» تنطبق فقط على المواقف أو العلاقة دون الأشخاص، لكن هناك أشخاصاً لديهم كمّ كبير من المشاعر والاتجاهات السلبية بصفة مستمرة، ولا يتغيرون بمرور الزمن أو المواقف، وتجد لديهم القدرة على التأثير في أي شخص وتكدير حياته، ما لم يكن منتبهاً لهم. فكيف تمكن معرفتهم؟ إذا كان الجانب السلبي والسيئ في العلاقة يفوق الجانب الإيجابي، فاعلم أنك تتعامل مع شخص سام، وبالطبع فالعلاقات التي تنطوي على الإساءة الجسدية أو اللفظية تصنف بالتأكيد على أنها سامة.

وبحسب موقع Very Well Mind هناك علامات للعلاقة السامة، مثل أن تعطي أكثر مما تحصل عليه، ما يجعلك تشعر بالضعف والاستنزاف، وتشعر باستمرار بعدم الاحترام، أو أن احتياجاتك لا تتم تلبيتها، أن تشعر بأن الطرف الآخر يقلل من احترامك لذاتك بمرور الوقت، أو تشعر بأنك غير مدعوم أو يساء فهمك، أن تشعر بالاكتئاب أو الغضب أو التعب بعد التحدث أو الوجود مع الشخص الآخر، أن يظهر كل طرف الجانب الأسوأ في الطرف الآخر أو يجعله يظهر الجانب السيئ فيه، كأن يجعلك متنمراً أو قليل الذوق، أو يجرك إلى عادات سيئة كالتدخين أو الشرب أو ما هو أسوأ من ذلك، أو بطريقة غير مباشرة يجعلك تقضي الكثير من الوقت والقوة العاطفية في محاولة إسعاده أو إرضائه، كما أنك أنت دائماً الملام، فالطرف الآخر يقلب الأمور، بحيث تصبح الأشياء التي أخطأ فيها هي خطأك فجأة. وللحديث بقية، بإذن الله.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر