في التسعين

المراحل السنية في إسبانيا

فرح سالم

تابعت قبل أيام قليلة، عبر بث لأحد البرامج الإسبانية الرياضية الشهيرة، دورة للفرق الإسبانية للاعبين تراوح أعمارهم بين 10 و12 عاماً، في ملعب ممتلئ بالحضور الجماهيري ونقل مباشر واهتمام إعلامي رائع، يعكس مدى التركيز على تطوير المراحل السنية وأهمية صقل المواهب في هذه الفئة.

الأمر اللافت هو كان حجم اهتمام عائلات اللاعبين بمباريات الأبناء، وحرصهم على الحضور والتشجيع، وهو جانب مهم جداً يمنح الناشئ ثقة كبيرة نحو تحقيق طموحاته، ودفعة للتطور والنمو.

تساءلت حينها: «هل تنقصنا الإمكانات لتطبيق مثل هذه الأفكار؟».. بالتأكيد لا وألف لا، لكن ينقصنا الاهتمام الإداري والعمل طويل المدى، لأننا في كرة القدم نركز فقط على تحقيق نتائج سريعة تُحسب لمجالس الإدارات، ضاربين بالمستقبل عرض الحائط، والدليل أنه في كل عام نجني ثمار العمل العشوائي الذي ترتكز عليه اللعبة الشعبية الأولى.

لأنه من المعروف أن أي عمل ناجح يقف على أساس متين، كما أن التفوق يحتاج إلى الصبر والمزيد من الجهد، وهذا ما لا تريد إدارات كرة القدم الالتفات إليه، لأن عمر المجالس من أربع إلى خمس سنوات وهم مطالبون بتحقيق الإنجازات من أجل ضمان الاستمرارية، لذلك من النادر أن يكون التركيز على البناء من أجل تحقيق النجاحات في المستقبل.

فعقب كل فشل لمنتخباتنا وأنديتنا خارجياً، يتم رمي اللوم على اللاعبين، وتحميلهم كامل المسؤولية، وانتقاد ضعف مستوياتهم والجوانب الاحترافية الأخرى، وهي محاولات لذر الرماد على العيون، لأن صناعة جيل ناجح يعني أن العمل في المراحل كان على مستوى عال، والعكس صحيح.

فلا أعتقد أن اللاعب هو المسؤول عن تكوينه الضعيف، أو عن ضعف مسابقات المراحل السنية، وقلة المشاركات الخارجية والمهرجانات والتحديات التي تصقل موهبته في مختلف الجوانب، حتى الناحية الإعلامية، التي تعدّ ضعيفة جداً لدى لاعبينا وتعاملهم مع الضغوط هش للغاية، لأنه لا يتم الاهتمام باللاعب إعلامياً ولا تثقيفه إلا عندما يصل إلى الفريق الأول.

المحزن أن جميع الإمكانات متوافرة وبأفضل شكل ممكن، لكنها تفتقد إلى العمل الحقيقي، لأننا ندير كرة القدم في أوقات الفراغ، رغم أننا دخلنا عهد ما يُسمى بـ«الاحتراف ».

الإمكانات متوافرة وبأفضل شكل ممكن، لكنها تفتقد إلى العمل الحقيقي.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر