مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره 25

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

عقد مجمع الفقه الإسلامي الدولي مؤتمره 25 في جدة بالمملكة العربية السعودية، من 29 رجب إلى 3 شعبان، برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، وهو المؤتمر الأول من نوعه كَمّاً وكيفاً.

أما الكَمُّ فبكثرة موضوعاته البالغة 15 موضوعاً و165 بحثاً، وأما الكيف فبموضوعاته المستجد منها والقديم؛ فقد أُعد لهذه الدورة موضوعات متراكمة لتأخر انعقاد دورته بسبب الجائحة، فمنها موضوعات متعلقة بالأحكام الطارئة لهذه الجائحة في العبادات والمعاملات المادية والاجتماعية والطبية، التي كانت محل إشكال في تنزيل أحكام الجوائح والطوارئ والضرورات عليها، مع ما تم طرحه ونقاشه في مؤتمر فقه الطوارئ الذي عقده مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إبَّان الجائحة، أو الندوات المصاحبة في كثير من الدول لمعالجة قضايا هذه الجائحة، غير أن للمجمع منزلة خاصة في قراراته التي تناقش في محفل علمي كبير، يحضره أعضاء الدول الإسلامية المشاركة، والأعضاء والخبراء المعينون، فتكون قراراته شبه إجماعية من قبل العلماء الحاضرين، وتكون محل العمل عند الجميع.

ومنها موضوعات مجتمعية أخرى، كموضوع تعليم المرأة الذي لم يكن بحاجة لبحث لولا ما طرأ عليه من إشكال لدى بعض الجهات، حيث حُظر عليهن ما أوجبه الشرع عليهن من تعليم ديني ودنيوي، فكان لابد للمجمع من بيان الحقيقة الشرعية؛ تبياناً لأولئك لعلهم يهتدون.

وموضوع أحكام التواصل الاجتماعي، وضوابط هذا التواصل الذي أصبح يؤرق الأفراد والمجتمعات، لسوء استخدامه ممن لم يراع الأحكام الشرعية، ولا الآداب المرعية.

وموضوع اللقطاء ومجهولي النسب الذي يحتاج شيئاً من التفصيل في ضوء المدنية الحديثة، من حيث وسائل الإثبات والاستلحاق؛ ليعيشوا في المجتمعات أفراداً فاعلين، لهم من الحقوق مثل ما عليهم من الواجبات.

وموضوع إعمال المقاصد الشرعية التي تعد بوصلة الفقيه وقبلته في ضوء تنزيل النصوص الشرعية، مع مراعاة المقاصد الكلية الضرورية أو الحاجية أو التحسينية، وهو الموضوع الذي قد يخوض فيه من لا يحسن العَوم فيغرَق ويُغرق آخرين، فكان لابد له من ضوابط تكون حاكمة لها؛ إعمالاً وإهمالاً.

وموضوع قلب الدين المعمول به في البنوك التجارية بمسمى جدولة الديون، فتغرق فيها دول ومؤسسات وأفراد، وكيف يمكن للمصارف الإسلامية التي يهمها مصلحة الجميع الخلاص منه، من غير إغراق في الديون، ولا تضييع للحقوق، ومع ما تم بحثه وبيانه في معيار الدين رقم 59 الصادر عن المجلس الشرعي التابع لهيئة المحاسبة والمراجعة المالية، فيما يجوز ويمنع فيه، إلا أن القرار الذي يصدره المجمع يكون أكثر مرجعية وأدعى للقبول.

وموضوع الأمراض النفسية وتأثيرها على الأهلية الشرعية، هذه الأمراض التي أصبحت شماعة لكل من أراد أن يتنصل من حق أو يغيِّر من حكم شرعي، بموجب تقرير طبي يشوش على المفتي أو القاضي الذي تعرض عليه المسألة أو ترفع إليه القضية، فكان لابد من وضع ضوابط تبيّن ما يُعد منها من عوارض الأهلية وما لا يعد، فيكون قرار المجمع ضوءاً منيراً للفقيه المفتي، أو القاضي الشرعي أو المدني.

وموضوع الإجهاض بسبب الاغتصاب، وموضوع تغيير نوع الإنسان، كما يزينه الشيطان ويتبعه أهل الأهواء المضلة للعبث بالنوع الإنساني، أو التعدي على النفس البشرية التي ليس لها من الأمر شيء، فكان لابد لفقهاء الإسلام أن يكون لهم رأي جازم وحازم في هذا الموضوع ليتبعه المسلمون ومن شاء أن يستقيم.

وموضوع الإجارة المنتهية بالتمليك وخطاب الضمان البنكي والاعتماد المستندي، للنظر في مستجدات هذه المسائل، فقد يقتضي إعادة النظر فيما تقرر بشأنها في قرارات سابقة.

كل هذا وغيره تم طرحه في هذا المجمع المبارك.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر