الثروة الحيوانية.. فرصة واستثمار

محمد سالم آل علي

يعلم معظمنا أن الثروة الحيوانية تشكّل جزءاً مهماً وحيوياً من الاقتصاد الزراعي، والطلب على المنتجات الحيوانية في ارتفاع مستمر، استجابة لتزايد وتضخم السكان، فأعداد الدواجن وصل إلى 33 مليار دجاجة في عام 2020، أما أعداد رؤوس الماشية في العام نفسه فبلغت المليارات أيضاً، لتشكل قسماً مهماً من الكتلة الحيوية للثدييات الأرضية.

طبعاً هذه أرقام كبيرة، وإذا ما أضفنا إليها معدلات النمو المتوقعة خلال السنوات والعقود القادمة، فسنخلص إلى نتيجة تؤكد أن هذه الصناعة تقدم فرصاً هائلة للاستثمار، فمن ناحية الطلب سيكون مضموناً ومستمراً، والسوق أيضاً واسعة وممتدة، أما العائدات فكبيرة أيضاً، والمخاطر أقل، إلا أن المسألة تحتاج إلى صبر استثماري إلى حين الوصول إلى مرحلة النضج الكامل؛ والجميل في هذا النوع من الاستثمار هو انطواؤه على نوع من أنواع المسؤولية البيئية والاجتماعية، فالثروة الحيوانية تلعب دوراً حيوياً في الزراعة المستدامة، من خلال توفير السماد لتخصيب المحاصيل الزراعية، وأيضاً إعادة تدوير المغذيات في التربة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساعد على تحسين جودة التربة، وتقليل تآكلها، ومن ناحية أخرى تدخل كمكون رئيس للأمن الغذائي العالمي.

ومن وجهة نظر استثمارية، تعد صناعة الثروة الحيوانية استثماراً مرناً قابلاً للتنوع، لأنها ترتبط بأنواع متعددة من الحيوانات، وبالإمكان الانتقال بها من نوع لآخر، حسب متطلبات السوق واتجاهاتها المستقبلية، فمن أجل اللحوم هناك مشاريع المواشي والدواجن، إضافة إلى استزراع الأسماك، ومن أجل البيض هناك المداجن بأنواعها، أما الألبان والأجبان فالمسألة هنا تتمحور حول مزارع الأبقار والأغنام وأيضاً الجِمال؛ ولا ينتهي الأمر هنا، فمن أجل العسل هناك النحل والمناحل، ولأجل الحرير هناك مرابي دودة القز، وأيضاً مزارع الحلزون للجلد والبشرة، وهناك العلق للاستشفاءات الطبية، أما الأصواف والجلود فهي منتجات ثانوية ذات قيمة مضافة عالية.

ولعل الأهم عند الاختيار والمفاضلة بين تلك الفرص المتنوعة، هو معرفة المخاطر قبل البدء في استراتيجية الاستثمار، أي فهم المنافسة والأسعار، والتأكد من إجراء الأبحاث والدراسات؛ فمثلاً يجب تجهيز البنى التحتية والفوقية للمشروع، ومن ثم اختيار الأنواع التي تتناسب مع طبيعة المناطق والبيئات المختلفة، وأيضاً الاستثمار في حيوانات عالية الجودة ذات حالة صحية جيدة، كما يجب الأخذ بعين الاعتبار عوامل مثل الطقس والمناخ، ومدى توافر الأعلاف والمياه والمراعي والطاقة والموارد الأخرى، وأيضاً الطلب المحلي على منتجات تلك الحيوانات، وحجم المساحة والموارد المتوافرة، ومدى توافر الرعاية البيطرية، والقرب من الأسواق، وكذلك مقدار المهارات والخبرات التي تتمتع بها القوى العاملة المعنية بشؤون الحيوانات.

وشأنها شأن أي استثمار، فإن صناعة الثروة الحيوانية تحتاج إلى وضع خطط تسويق سليمة وفعّالة، جنباً إلى جنب مع ضرورة بناء قاعدة معرفية مرتبطة بها، ومتابعة الاطلاع على أحدث الاتجاهات والتغيرات والتطورات، فربحية المشاريع هنا مدفوعة إلى حد كبير بدورات الطلب والأسعار، وهي تتأثر بدورها بالعديد من عوامل الاقتصاد الكلي.

إن الاستثمار في الثروة الحيوانية، إذا ما تم القيام به بشكل صحيح، يقدم إمكانات واسعة، وينمي من الأصول، لأنه ببساطة صناعة متنامية لن تعرف التباطؤ، وصندوق للاستثمار غني بالمنتجات، فإذا كنت ممن يشترون ويبيعون في أسواق المال والسلع، ويميلون إلى توظيف الأموال في المشاريع ذات العائدات، فلمَ لا تجرب قليلاً في هذا النوع من الاستثمار؟

صحيح فيه بعض المخاطر كأي استثمار، لكن ما يميزه هو كونه رابحاً على الوجهين، وما بالك بصناعة صديقة للبيئة، تدرّ الخيرات وتحارب الجوع؟! 

مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر