الاستثمار العقاري الأخضر.. بين التكاليف والمكاسب

إسماعيل الحمادي

رفعت دولة الإمارات مستهدف خفض الانبعاثات من 23.5% إلى 31% بحلول عام 2030، عبر الإصدار المحدث للتقرير الثاني للإسهامات المحددة وطنياً للدولة - بموجب اتفاق باريس للمناخ، وهذا من خلال تعزيز مشاركة مجموعة من القطاعات الرئيسة في خفض انبعاثاتها، منها قطاع توليد الكهرباء، والصناعة، والنقل، واستخدام الكربون وتخزينه، والإدارة المتكاملة للنفايات.

ويمكن الإشارة إلى أن قطاع العقارات من القطاعات التي ترتفع فيها نسبة الانبعاثات الدفينة، والإسهام في التغير المناخي، حيث تشير إحصاءات حديثة إلى أن هذا القطاع يسهم في نشر 40% من حجم انبعاثات الكربون، 29% انبعاثات تشغيلية، و11% انبعاثات مواد البناء والتشييد.

ومن خلال نظام المباني الخضراء الذي تبنته الدولة بين 2011 و2012 تقريباً، هدفت من خلاله إلى تقليل نحو 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030.

وقد نجح الأمر، حيث تعتبر الإمارات من أكثر الدول التي تركز على المباني الخضراء والمجمعات السكنية المستدامة، من ذلك مدينة مصدر والمدينة المستدامة كمثالين واقعيين.

من هذا المنطلق، أخذ الاستثمار العقاري في دبي مفهوماً آخر غير المفهوم التقليدي، مفهوم الاستثمار العقاري الأخضر، الذي أصبح اليوم هدف المطورين والمستثمرين والمشترين، الذين أصبحوا على وعي تام بأهمية العقار المستدام والصحي والصديق للبيئة، الذي يتميز بالزجاج المُزدوج، وعازل للحائط، والمصابيح المُوفرة للكهرباء LED، والعدادات الذكية، وأجهزة تنظيم الحرارة الذكية، إضافة إلى الألواح الشمسية، والحمامات الموفرة للمياه، وغيرها من الأنظمة التي توفر الطاقة وتحفظ البناء.

وشهدت تلك العقارات طلباً متزايداً عليها في السوق المحلية خلال الفترات الأخيرة، ما يعطي المطورين دفعاً قوياً في تبني هذا النظام، رغم ارتفاع تكلفة التطوير مقارنة بالبناء العادي، بنسبة تصل إلى 12%، حسب دراسات السوق.

لكن مقابل هذا الفرق، يستفيد المطور من مزايا عدة، منها الطلب على هذا النوع من العقار، وتقليص كلفة الصيانة والتشغيل، بالنظر إلى جودة التصميم التي بنيت عليها، وغيرها من الخصائص الخفية الأخرى، علاوة على الإسهام الفعال في حماية البيئة بشكل عام كمسؤولية مجتمعية.

وهذا ما يجعل المطور، المستفيد الأول من الاستثمار العقاري الأخضر، رغم المفاهيم الخطأ المنتشرة على أنه أعلى وأغلى كلفة من البناء العادي.

نعم هو أعلى، لكن على المدى البعيد هو غير مكلف، حيث يتمكن المطور من استرجاع نسبة الكلفة الزائدة وأضعافها في غضون سنوات قليلة من خلال الأنظمة الذكية لتشغيل المبنى.

يتوسع القطاع العقاري المحلي حالياً في تبني المواصفات الصديقة للبيئة في بناء العقارات، وفي ضوء هذه التوسعات، قد يحقق الاستثمار العقاري الأخضر أرباحاً أعلى من الاستثمار العقاري التقليدي، من خلال جذب العديد من المشترين والمستأجرين لفترات أطول، ما يضمن استمراراً في تدفق الإيرادات والعوائد الاستثمارية، واسترداد قيمة التكاليف الاستثمارية في وقت أقل، نتيجة أنظمة استهلاك الطاقة والمياه المنخفضة، وتراجع تكاليف التشغيل، التي تعد أقل بنسبة 37% مقارنةً بالمباني التقليدية، حسب تقديرات البنك الدولي، التي كشفت أن مبيعات العقارات الخضراء أعلى بنحو 31% من التقليدية، ومعدلات إشغالها أعلى بنسبة 23%، وعائدها الإيجاري أعلى بنسبة 8% مقارنة بتكاليف إضافية عند البناء بنسبة 12%.

وهذا ما يستدعي الاهتمام أكثر بهذا النوع الاستثماري، وتقديم الدعم اللازم للمطورين لتشجيعهم على التحول الكلي لهذا البناء، لتحقيق الاستفادة الكبرى من القطاع العقاري، ودعم استراتيجية المناخ العالمية.

ismailalhammadi@

Ismail.alhammadi@alruwad.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر