بطاقة الأداء المتوازن

الدكتور علاء جراد

تخيل أنك تقود سيارتك وليس لديك عدادات سوى عداد أو مؤشر لقياس سرعة السيارة، فلا يوجد مؤشر لقياس حرارة محرك السيارة أو مؤشر لقياس كمية الوقود أو أي مؤشر آخر.. لابد أن تحدث مشكلات وربما كوارث. هذا بالضبط ما يحدث لبعض الشركات التي لا تهتم إلا بمؤشر واحد هو الربح، دون الاهتمام بمؤشرات رضا العملاء أو مؤشرات العاملين أو استطلاعات رأي المجتمع وبقية المعنيين. وقد كانت هذه هي الفكرة التي دفعت أستاذَي الإدارة ديفيد نورتون وروبرت كابلان لابتكار بسيط لكنه من أكثر الابتكارات فاعلية في تاريخ الممارسات الإدارية، ألا وهو «بطاقة الأداء المتوازن» أو Balanced Scorecard

لقد تم تصميم بطاقة الأداء المتوازن لكي تقيس أهم المؤشرات الحيوية التي لا غنى عنها لأي مؤسسة، وتتكون البطاقة من أربعة محاور: أول هذه المحاور هو الأداء المالي، حيث يتم الاتفاق على الأهداف المالية التي ترغب المؤسسة في تحقيقها مثل مستهدف للمبيعات ونسبة الأرباح، ويمكن أيضاً تحديد نسب الوفر أو تقليل النفقات في حال المؤسسات غير الربحية، مثل الدوائر الحكومية أو مؤسسات النفع العام.

وبالطبع عندما يتم تحديد الأهداف يتبعها تحديد مؤشرات لقياس الأداء، مثل مؤشر العائد على الاستثمار أو مؤشر صافي الأرباح. المحور الثاني في بطاقة الأداء المتوازن هو محور العملاء، حيث يتم تحديد المستهدفات التي تطمح المؤسسة في الوصول إليها، كأن يتم صياغة هدف بألا تقل نسبة رضا العملاء عن الخدمات أو المنتجات عن 90%، ويكون المؤشر هو معدل الرضا الناتج عن استبيان قياس الرأي الخاص بالعملاء. مستهدف آخر مثلاً أن يتم الرد على شكاوى العملاء خلال ثلاثة أيام عمل، ويكون المؤشر الوصول لنسبة 95% من الردود خلال ثلاثة أيام.

المحور الثالث هو محور العمليات ويتعلق بتحسين العمليات والإجراءات المتبعة في المؤسسة، كأن يتم زيادة إنتاجية خط إنتاج معين أو تقليل زمن تقديم الخدمة، مثل إصدار جواز سفر خلال يومي عمل مثلاً، وقد يكون التحسين في عيادة الطوارئ بمستشفى هو تقليل وقت الانتظار الى 10 دقائق.

أما المحور الرابع فهو التعلم والنمو، حيث يتوقع من المؤسسات أن تطبق أساليب التعلم المؤسسي بمستوياته المختلفة، بحيث ينتج عن أنشطة التعلم استخلاص الدروس ومن ثم تصب في التحسين المستمر، ويتم هنا الاهتمام بالفرد وتطويره ورفع كفاءته مع ربط ذلك التعلم بأداء المؤسسة ككل، فعلى سبيل المثال يمكن أن يكون الهدف أن يحضر كل موظف على الأقل ثماني ساعات تدريبية في الشهر، يليه هدف آخر هو عدد الاقتراحات التحسينية المقدمة من الموظف، وبالتالي فالموظف يقوم بالتفكير في ما تعلمه ثم يتقدم بحلول تعكس هذا التعلم بغرض التحسين والتطوير على مستوى إدارته أو المؤسسة ككل.

تجدر الإشارة الى أن بطاقة الأداء المتوازن هي أداة يتم من خلالها صياغة الأهداف والمؤشرات، كما يتم استخدامها لمتابعة التنفيذ ومدى توافق نسب الإنجاز مع المستهدفات ولكنها ليست عصا سحرية لحل كل مشكلات المؤسسة، ولابد أن تنبثق تلك الأهداف من رؤية ورسالة المؤسسة حتى تعم الفائدة ويتم العمل بطريقة ممنهجة ومستدامة.

الموظف يقوم بالتفكير في ما تعلمه ثم يتقدم بحلول تعكس هذا التعلم بغرض التحسين والتطوير.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر