5 دقائق

الميزة التكاملية بديلاً للميزة التنافسية

الدكتور علاء جراد

إن القدرة المتطورة على إنشاء علاقات تعاون مثمرة والحفاظ عليها تمنح الأفراد والشركات والدول قوة تنافسية كبيرة، ومع عودة تصاعد حدة الحرب في القارة الأوروبية، فإن إيجاد آليات فعالة للتعاون بين الشركات والحكومات أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، ولكنه أيضاً أكثر صعوبة من أي وقت مضى، وإذا فكرنا جيداً في كون العالم قد أصبح قرية صغيرة، فهو بالفعل كذلك، بل وأصغر من قرية، فما يحدث بين دولتين قد أثر على العالم أجمع، كما أصبحت الأوبئة عابرة للقارات والحدود، وخلال العامين ونصف العام الماضية كان أحد الدروس الرئيسة أن انتشار وباء في أي بلد يهدّد البشرية جمعاء، وأنه في الوقت الحالي لن يكون أي شخص آمناً ما لم يتمكن أغلبية سكان العالم من الوصول إلى اللقاحات والتدابير الوقائية الأخرى، وكذلك الحد الأدنى الذي يكفل حياة كريمة.

إن التحديات المشتركة مثل أنظمة التعليم الشامل، الاستدامة، مشكلات الطاقة، النظام الصحي وأزمة الغذاء تتطلب جهداً تعاونياً وتكاملياً كبيراً، لذلك فقد بدأت فكرة الميزة النسبية في التلاشي لتحل محلها فكرة الميزة التكاملية Collaborative Advantage، وهي الفائدة التي تتحقق عندما يحقق الأفراد أو المؤسسات أو المجتمعات أكثر مما يمكن أن يحصلوا عليه بشكل مستقل، لقد ثبت أنه من خلال العمل بفعالية مع الآخرين يمكن للبشرية تحقيق المزيد وحل الكثير من المعضلات، وربما ما ساعد الإنسان على البقاء هو قدرة البشر على التعاون وتكوين مجتمعات. وقد يستدعي التكامل والتعاون بين الأفراد من المؤسسات والدول التخلي عن بعض المصالح الذاتية قصيرة الأجل لتحقيق مكاسب طويلة الأجل ومشتركة. لقد عقد منذ أسابيع قليلة منتدى رفيع المستوى في مدينة سانت جلن في سويسرا لتباحث الأسئلة والموضوعات الكبرى المتعلقة بموضوع الميزة التكاملية. هناك العديد من الموضوعات التي تحتاج إلى دراسة وافية حتى يمكن التوازن بين الميزة التكاملية والاستقلالية في الوقت نفسه.

إن تأسيس واستدامة شراكات مجزية مع الموردين العالميين هو مفتاح لاستمرار نجاح الأعمال، لكن الموضوع لا يخلو من سلبيات أيضاً، فالترابط القوي بين اقتصادات العالم واعتمادها على بعضها بعضاً قد يؤدي إلى مشكلات، وقد سلط الوباء والاضطرابات الجيوسياسية الضوء على نقاط الضعف والمخاطر المرتبطة بالاقتصاد العالمي كثيف الترابط من نقص القمح إلى إغلاق مصانع السيارات لأسابيع إلى التأخير في الشحن وارتفاع التكاليف. كيف يمكن للشركات إعادة التوسّع في التكامل وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بقدر متوازن من الاستقلالية؟ سؤال يحتاج إلى كثير من البحث. ربما تكون الظروف الحالية هي أفضل الظروف للتعاون والتكامل بين الأعمال بعضها بعضاً، سواء في الدولة نفسها أو على الصعيد العالمي، وقد يكون اندماج شركات صغيرة مع بعضها بعضاً لتكوين كيانات جديدة تستطيع التعايش واستمرار الأعمال في هذه الظروف المضطربة هو الحل، ويندرج ذلك على الاتفاقات الثنائية والإقليمية بين الدول وبعضها، وسيتيح ذلك فرصاً استثمارية للأفراد والشركات في الوقت نفسه.. ولولا هذا التوجه لما استطاعت مؤسسات كثيرة في الاستمرارية.

خلال العامين ونصف العام الماضية كان أحد الدروس الرئيسة أن انتشار وباء في أيّ بلد يهدّد البشرية جمعاء.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه.  

تويتر