5 دقائق

التضليل

عبدالله القمزي

التضليل معلومات خاطئة أو كاذبة تنتشر بتعمد لغرض الخداع وهدفها تشتيت العقل أو إثارة الخوف وعلى المدى البعيد تدمير المجتمعات. ألّف المصطلح جوزيف ستالين ثاني رئيس للاتحاد السوفييتي في أول العشرينات من القرن الماضي وكان الهدف منه خداع الرأي العام.

اليوم وبعد قرن كامل مازلنا نكافح لمحاربة التضليل المنتشر عبر قنوات السوشيال ميديا.

من عوامل التضليل:

1- أن تكون المعلومة المضللة نشأت أصلاً من جزء من الحقيقة.

2- أن تكون قناة التضليل شعبية ومرغوبة.

3- أن تنقل وسيلة إعلام معتمدة وموثوقة المعلومات المضللة من قنوات التضليل بغرض زيادة عدد المتابعين.

4- أن تكون وسيلة التضليل مختزلة في شخص واحد له أتباع.

5- أن يتحول التضليل إلى عقيدة/قضية إيمانية كبرى (نظرية المؤامرة).

لو تابعت نشرات الأخبار بانتظام فلن تجد ذكراً لنظريات المؤامرة قط، ولو تابعت نظريات المؤامرة فستجد أجزاء من الأخبار الأصلية التي قرأتها في المواقع أو شاهدتها تلفازياً والباقي كلام لا أصل له.

بكلمات أخرى، الخبر يثبت نفسه بتصريح مسؤول يتحمل تبعات كلامه، هذه تسمى الصدقية ونظرية المؤامرة لا تثبت نفسها قط وهذا يسمى التضليل. ولكن عندما تثبت نظرية المؤامرة نفسها وتصبح حقيقة، يتغير اسمها في عالم الأخبار الحقيقية وتصبح فضيحة بينما تبقى مؤامرة كما هي في عالم التضليل.

مثال

نشرت مؤسسة بيل وميليندا غيتس ورقة علمية بالتعاون مع معهد ماساتشيوستس للتقنية تقول إن المعهد اخترع تقنية Quantum Dots تسمح بتوثيق تطعيم الشخص بوضع وشم لا يُرى على جلده، ويمكن رصده فقط بأجهزة معينة ولا يمكن رصده عن بعد.

في اليوم التالي أخذ موقع Biohackinfo الخبر ونشره بعد إضافة جزئية زرع رقائق إلكترونية في البشر المطعمين. بعد ذلك توسعت قناة في يوتيوب في السيناريو الخيالي وبنت عليه فكرة أن غيتس يريد مراقبة وتتبع الناس. فيديو القناة حاز على مليوني مشاهدة، مقابل عدد محدود جداً من الذين قرأوا الورقة العلمية الأصلية.

في أبريل 2020، تبنى روجر ستون مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، سيناريو قناة يوتيوب وصرح به في برنامج إذاعي وهذا التصريح أعادت صحيفة نيويورك بوست نشره.

ثم أخذت مذيعة قناة فوكس المحافظة لورا إنغرام التصريح وركزت فيه على نية غيتس تتبع البشر وجعلت منه موضوعاً لحلقتها عندما قابلت النائب العام الاتحادي ويليام بار.

موقف

1- كلنا سمعنا بنظرية المؤامرة المذكورة عن تتبع غيتس للناس (جزئية التضليل) وأكاد أجزم أن لا أحد منا يعرف كيف بدأت القصة لو لم أذكرها في هذا المقال.

2- صدر الخبر رسمياً من مؤسستين بتصريحين مماثلين وهما مؤسسة غيتس الخيرية ومعهد ماساتشوستس للتقنية (العامل 1) ثم نقله موقع كاذب وأضاف عليه ثم أخذته قناة كاذبة وأضافت عليه (العامل 2)، ثم تبناه مسؤول في إدارة ترامب (العامل 3) وعندما حدث ذلك غطته صحيفة معروفة وقناة إخبارية تتمتع بأكبر نسبة مشاهدة في أميركا (العامل 4) وعندما حدثت الجائحة ولد (العامل 5) نتيجةً طبيعية. وللحديث بقية.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر